تعيش مصر أزمة اقتصادية طاحنة، أرجعها الخبراء إلى عدم تنفيذ الرئيس عبد الفتاح السيسى المشروعات العديدة التي وعد بها منذ توليه السلطة، وكان أبرزها استصلاح وزراعة 4 ملايين فدان، وإنشاء مليون وحدة سكنية، والمثلث الذهبى، بالإضافة إلى وعود إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، فضلا عن استرداد الأموال المنهوبة. قال الدكتور صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسى وعد الشعب المصرى خلال فترة ترشحه، بعدم رفع أسعار أى سلعة إلا بعد اغتناء المواطن، إضافة إلى زراعة 4 ملايين فدان بمعدل مليون فى السنة، وإقامة مليون وحدة سكنية، وزيادة الصادرات المصرية بنسبة 25% سنويًا، وتشغيل معظم المصانع المتوقفة التى بلغت 3 آلاف و650 مصنعًا، والتى ارتفعت إلى 6 آلاف و500 مصنع ومنشأة مغلقة حتى الآن، وإنهاء عجز الطاقة بالكامل خاصة الكهرباء، وتفعيل الحد الأدنى والأقصى للأجور، واسترداد الأموال المنهوبة بالداخل والخارج. وأضاف "جودة" أن ما تم إنجازه من وعد زراعة مليون فدان سنويًا، الاستعداد لزراعة 100 فقط، دون تنفيذ فعلى، بالإضافة إلى أن الحكومة الحالية فقدت فرصة تصدير حاصلات زراعية وخضروات إلى روسيا تبلغ نحو 5 مليارات دولار؛ بسبب الأداء السيئ لوزراء الصناعة والزراعة والنقل ومحافظ البنك المركزى. وأوضح مدير مركز الدراسات الاقتصادية، أن مشروع المليون وحدة سكنية الذى أعلنت عنه وزارة الإسكان، لم يتحقق منه سوى إجراءات البدء فى تخصيص الأراضى، معتبرا أن أسعار 80 ألف جنيه للشقة التى تبلغ مساحتها 40 مترا، و240 ألف جنيه ل65 مترا، تعد كارثية بالنسبة لمحدودى الدخل، مؤكدا أن الحكومة لم تنجز أى مشاريع ملموسة فى ملفى الزراعة والإسكان. إهدار200 مليار حقوق الدولة من المستثمرين ولفت "جودة" إلى تراخى الدولة فى استرداد حقوقها من المستثمرين، خاصة على الطرق الصحراوية "مصر – السويس"، و"مصر – الإسماعيلية"، و"مصر – إسكندرية"، مؤكدا أنها تصل إلى حوالى 200 مليار جنيه، كما سبق وأعلنت وزارة الزراعة ذاتها، فضلا عن عدم استرداد الأموال المنهوبة من الخارج. وتابع: الدولة لم تنجح حتى الآن فى حل مشكلة "جبال القمامة" رغم مجىء بعض المستثمرين "المصريين والعرب والأجانب" لحل المشكلة، لكن البيروقراطية والعشوائيه فى اتخاذ القرارات، أدى بمصر إلى أن تصبح من أعلى الدول فى معدلات القمامة والأمراض على مستوى العالم، رغم أن القمامة تعد "الكنز القوى والمقبل"، الذى يجب أن يتم استغلاله اقتصادياً وصحيا. أردف مدير مركز الدراسات الاقتصادية، أن مشروع المثلث الذهبى، أًعلن عنه من قبل المهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة، ووزراء المجموعة الاقتصادية، صحبه ضجة إعلامية كبيرة، دون اتخاذ خطوات جدية للاستفادة من المثلث الغنى بالمواد المعدنية، والحجرية، والتعدينية، متابعا: "من إهمال المشروع، ضاع أمل توفير حوالى 2/1 مليون فرصة عمل، وتبدد الأمل فى خفض الواردات وزيادة الصادرات؛ نتيجة تردى الأداء الوزارى". وأشار "جودة" إلى الإعلان عن مشروع تنمية منطقة الساحل الغربى للبحر الأبيض المتوسط "الكيلو 21 إلى مرسى مطروح"، خاصه أن المنطقة بها من الخيرات والموارد، ما يجعل مصر الدولة رقم "16″ على مستوى العالم اقتصادياً، حيث بها حوالى 12 مليون فدان قابلة للاستصلاح الزراعى، وكذلك بها مياه جوفية تستطيع زراعه هذا العدد بالكامل من الأفدنة، ويوجد بها حقول بترول وغاز ومشتقاته، لكن لم يزد الأمر عن كونه "شو إعلامى". تشريعات الاستثمار.. أبرز معوقات الاقتصاد المصرى من جانبه، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن المستثمر بحاجة إلى التخلص من التشريعات المعوقة لعملية الاستثمار، ولتوفير الأراضي بأسعار مناسبة لواقع القوى الشرائية فى السوق الحالى، لافتًا إلى صعوبة ترخيص قطعة الأرض والمبانى المقامة عليها، فالمستثمر يضطر إلى الحصول على موافقة وزارة الزراعة والقوات المسلحة ووزارة الدولة لشئون الآثار واصفًا ذلك ب"كعب داير". واستطرد "فهمى": "بجانب كل المعوقات، فإن مصر تواجه أزمة حادة في الطاقة من كهرباء وغاز وديزل، كما تعاني من نقص العمالة المدربة كالفنيين فى جميع المجالات، متسائلا لماذا يأتي المستثمر إلي مصر وهو يعلم أن الأجواء الاقتصادية غير آمنة وتتعارض مع طبيعة رأس المال؟، وفى المقابل هناك دول أكثر جذبًا للاستثمار من حيث سهولة الإجراءات وتوفير احتياجاته. وأكد رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر أن الدولة تعيق المستثمر فى الإجراءات العديدة، بخلاف تضييع الوقت فى الازدحام ب"الطابور"، وافتقار الطرق الممهدة وفقًا لوعد وزير النقل بتمهيد 130 ألف كيلو مترًا طرق دولية، مطالبًا بضرورة تعديل قوانين الاستثمار، واحترام العقود الاستثمارية بين الحكومة ورجال الأعمال، وإعادة النظر في المنظومة الضريبية، وتفعيل سياسة الشباك الواحد، للقضاء على الرشوة والفساد والروتين القاتلين لأي استثمار. 78 مليار جنيه.. مستحقات الدولة لدى رجال الأعمال وفى نفس السياق، قال الدكتور حامد مرسي، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة قناة السويس، إن المستحقات المالية المتأخرة على كبار رجال الأعمال، أحد أسباب انهيار الاقتصاد المصري، حيث تبلغ نحو 78 مليار جنيه لا يتم تحصيلها، واصفًا ذلك "بتواطؤ الحكومة"، وإهدار المليارات على المشاريع الاستهلاكية والسلع الترفيهية وافتقار المشاريع الإنتاجية، بالإضافة إلى دفع أجور لمستشارين معظمهم فوق الستين تبلغ نحو 20 مليار جنيه، بخلاف المكافآت الطائلة على الولاء، وشراء أراضي الدولة على أنها مخصصة للزراعة بسعر بخس، ثم يتم تقسيمها وإنشاء منتجعات سياحية وبيعها بالملايين، دون دفع قيمتها الحقيقية للدولة، بالتواطؤ مع بعض المسؤولين، وتبلغ أكثر من 200 مليار جنيه.