ربما لم أعلن انضمامي لحركة "بداية"؛ لأنني لم أجد رؤية واضحة، أو إجابات على الكثير من الأسئلة التي من المفترض أن تكون جاهزة، قبل الحديث عن تدشين حركة سياسية تهدف لتغيير الأوضاع، مثل طريقة التغيير، وخارطة الطريق التي تتبناها، أو موقفها الواضح من كل التيارات السياسية الموجودة على الساحة. وربما يكون ذلك هو السبب الرئيس الذي أدى لهزيمة الحركة في أول مناظرة تخوضها ضد أحد ممثلي النظام السياسي الحالي، فعدم امتلاك إجابات واضحة لكثير من الأسئلة، أصاب ممثل الحركة في المناظرة بالتخبط، ما جعله أداة سهلة للاصطياد من قِبَل المتربصين به، خاصة في ثنائيات "الإخوان الفلول"، و"الإرهاب والقمع"، الذي يحاول النظام دائمًا إجبارنا على الاختيار بينهما، لكن هذا لا ينفي أن الحركة تعرضت لمؤامرة، بدأت باختيار ضيف الحركة، مرورًا بتدني أداء مقدم البرنامج "وائل الإبراشي" الذي تحول لطرف في الحوار كعادته، ومدافعًا عن النظام، مرورًا باتصالات بشخصيات معروفة بعدائها لثورة 25 يناير. لكن هذا لا يعني بكل تأكيد أن نترك شبابًا يحلمون بوطن العدل الاجتماعي، والاستقلال الوطني والكرامة الانسانية، ليدفعوا ثمن إيمانهم بثورة 25 يناير، أو يُمثل بهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه إعلان رفضه لهذا النظام وسياساته. التخلي عنهم في هذه اللحظة ليس تخليًا عن حركة، ربما لم تمتلك إجابات، لكنه تخلى عن روح الثورة في الجسد المصري، وإعلان الاستسلام لأدوات القمع، والإرهاب الذي يمارسه إعلام النظام ضد كل يحاول الخروج من ثنائية، "الإرهاب والمطبلاتية". وربما حاولت بداية، فضح المفضوح أصلًا، وهو عدم تعبير "السيسي" عن أهداف ثورة 25 يناير، فلم تشهد مصر فترة تكميم أفواه وكبت للحريات وتخوين للمعارضة مثلما تشهده الآن، بعد أن كبلها النظام ب"قانون تظاهر"، كمقدمة لكل ما ينوى فعله، من انحياز لرجال الأعمال على حساب الفقراء. ألم يقيد "السيسي" حق التعبير السلمي، الذي حصل عليه المصريون بدمائهم، وأهان الحرية التي خرج المصريون من أجلها في 25 يناير و30 يونيو، ألم يسيء للثورة عندما زج بالشباب خلف القضبان بقانون غير دستوري، وبقانون انتخابات كتب بليل، بعيدًا عن القوى السياسية، متجاهلًا كل ما أوصت به الحوارات المجتمعية، قانون يؤسس لعودة سيطرة المال السياسي؟ أليس إضافة مزيد من الأعباء على كاهل الفقراء، مثل قرارات تخفيض الدعم، ورفع أسعار الكهرباء، والغاز، والمياه، أو رفع سعر الأسمدة إساءة لثورة 25 يناير، التي طالب فيها المصريون بالعدل الاجتماعي؟! فلا تنجروا لحملة الإساءة الممنهجة ل"بداية"، ولا تتخلوا عن شبابها، وابحثوا معهم عن الإجابات الصحيحة.