محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    "اتخذنا قرارًا بالفعل".. رد حاسم من الأهلي على تجديد عقود نجوم الفريق    قصة هتاف "لا يا بيبو لا.. لا ملكش حق"    انتصار تاريخى.. فرنسا وبريطانيا و8 دول تعلن الاعتراف بفلسطين.. فيديو    محادثة ساخنة.. الرئيس الصيني يحذر ترامب من فرض قيود تجارية أحادية    الصين تشيد بدور المغرب في تنمية أفريقيا وتدعم انضمامه لمبادرة الوساطة الدولية    محافظة كفر الشيخ: اعتماد أحوزة عمرانية جديدة ومشروعات الهوية البصرية    استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي.. نحو الريادة الرقمية    إصابة بن شرقى وانفعال على ماهر وتعطيل الفار.. كواليس لقاء الأهلى وسيراميكا (فيديو)    مركز التنمية الشبابية والرياضية بأكتوبر الجزيرة "2" يكرم لاعبى التنس.. صور    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    ضبط 6240 عبوة مواد غذائية ونصف طن زيوت سيارات مجهولة المصدر    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    ختام فعاليات الأنشطة الصيفية للفنون الشعبية على مسرح طور سيناء.. صور    وفاة وفقدان 61 شخصًا جراء غرق قارب قبالة السواحل الليبية    وكيل جهاز المخابرات العامة السابق: مصر تعاملت مع اجتياز حدودها من الفصائل الفلسطينية عام 2008 بشكل حضاري    85 ٪ من الشركات ترى أن الذكاء الاصطناعى أصبح جزءًا أساسيًا من برمجيات السيارات    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم السبت 20_9_2025 بعد الانخفاض بالصاغة    محمود محيي الدين: صندوق النقد أدى دوره.. ولم أدعُ لإنهاء علاقة مصر معه قبل موعدها    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    «مكتوبلنا على البطاقة!».. سيد عبدالحفيظ يهاجم حكم مباراة الأهلي وسيراميكا    موعد ومكان بطولة السوبر المصري المقبلة    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    «بروفة الشتا».. تحذير جوي بشأن حالة الطقس أول أيام الدراسة: أمطار على هذه المحافظات    مقاتلات روسية تقترب من منصة نفط بولندية    الرئيس السوري: التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل لا مفر منه    عمرو أديب يبكي الطفل الفلسطيني النازح وأخته: «ابعتوا هاتوهم مصر»    مخرج «ڤوي ڤوي ڤوي»: الفيلم انطلق من فكرة الهجرة الغير شرعية    3 أبراج يترقبون تغييرا في حياتهم خلال أسبوع: مكافآت وفرص ذهبية وتجارب جديدة    إعلامي يشعل النار في لسانه على الهواء ليكشف زيف خرافة "البشعة"    حسام حبيب:"معرفش حاجة عن شيرين ومليش علاقة بقضية المخدرات"    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    «أقوى من كورونا».. استشاري مناعة يوجه تحذيرا عاجلا للمواطنين مع بداية العام الدراسي (فيديو)    الأهلي يفوز بشق الأنفس بهدف على سيراميكا    الجيش الأمريكي: قضينا على عنصر بارز في تنظيم داعش بسوريا    أوقاف الفيوم تعقد ندوة علمية كبرى للطفل بمسجد التقوى    جامعة قناة السويس جاهزة لاستقبال 45 ألفا و398 طالبا وطالبة    عمرو أديب عن سرقة أسورة المتحف المصري: المتهمة لم تبذل أي مجهود لتنفيذ الجريمة    سهر الصايغ تتصدر أحداث الإثارة في مسلسل «لعدم كفاية الأدلة»    لو متردد.. اعرف تفاصيل تحديث تليفونك ب iOS 26 وأنواع أيفون المناسبة    رئيس جامعة الأزهر: الدعاء ليس مجرد طلب أو رجاء بل هو جوهر العبادة وروحها    هل رفع الصوت بالقراءة في الصلاة لتنبيه شخص آخر يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد صلاة العشاء.. ودعاء عند ختم الصلاة    وزارة النقل: ميناء أكتوبر الجاف يساهم في منع تكدس الموانئ البحرية بالحاويات    "أطباء الجيزة" تكرم استشاري تخدير باحتفالية "يوم الطبيب 2025"    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر    لجنة المنشآت الآيلة للسقوط في الإسكندرية تتابع درجة ميل العقار المائل بالمندرة    5 فوائد غير متوقعة لتناول كوب من عصير الكرفس يوميًا    برامج مميزة ومدن جامعية محدثة.. جامعة قناة السويس تبدأ عامها الجديد    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    تعرف على رابط إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    وظائف الأزهر الشريف 2025 .. فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد ب9 آلاف فرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين العالم وقضية التراث
نشر في البديل يوم 27 - 05 - 2015

إن الاشتباك حول التراث قديم جدا حتى يخال المرء أن جدلا معمقا كان قائما حوله قبل أن يتترث، ويستوي ماثلا من حُجُب الماضي شاغلا الحاضر، مؤثرا إلى حد كبير في رسم ملامح المستقبل.
وما بين الاستغراق الكامل في التراث، واستدعائه على نحو يزيح الحاضر ويزري بالمستقبل لحسابه، وحالة من النبذ الصريح له بوصفه العائق الرئيس أمام انعتاق الأمة من كبوتها التي طالت- ضاعت العديد من الحقائق، وزادت الحيرة بشأنه حتى احتدم الخلاف بين فريقين، كل يحاول إقصاء الآخر؛ إثباتا لصحة موقفه.
يرى الدكتور محمود أمين العالم في كتابه الوعي والوعي الزائف أن" الموقف من تراث الماضي هو دائما موقف من الحاضر/ المستقبل. إنه في الحقيقة موقف واحد من التاريخ".
لذلك لا يمكن أن يكون المنطلق في التعامل مع التراث، هو النقمة بزعم أن التطور يستلزم الإقرار بتلك الثنائية التي تقوم على أساس الافتراق الحتمي بين الأصالة والمعاصرة.
يرى العالم أن اعتماد هذه الثنائية من الأساس هو خطأ فادح إذ أن" القول بالثنائية هو حكم مقارن بين موقفين مختلفين، وليس تقييما لأي موقف منهما. فالذي يرفض العصرية باسم الأصالة، لا يقيم ثنائية بينهما، وإنما يسعى لفرض الماضي على الحاضر، والذي يرفض الأصالة باسم العصرية، لا يقيم ثنائية بينهما كذلك، وإنما يسعى لإفراغ الحاضر من بعده التاريخي. والمقارنة بين الموقفين هي التي تصنع هذه الثنائية بين الأصالة والعصرية حيث لا ثنائية في أي موقف منهما. ليس هناك موقف من الأصالة لا يتضمن موقفا من العصرية. وليس هناك موقف من العصرية لا يتضمن موقفا من الأصالة".
ومع تجدد الدعوات بالنبذ والتنقية والتنقيح والتي هي في النهاية دعوات لا تتلاقى والواقع وما يفرضه في شيء، يظل الموقف غائما بخصوص منهجية التعامل مع التراث بعيدا عن " الرفض المطلق أو الانتقائية النفعية" ويرى العالم أن النقد التاريخي الشامل الذي يتبنى التراث ويتخذه عمقا تاريخيا وليس مجرد أداة مساعدة للبحث والتبصر في الواقع- هو الأجدى بشرط أن يتأسس على "الوعي النقدي بالتراث بمختلف تعابيره وأشكاله ومضامينه، وفي مختلف ملابساته الاجتماعية التاريخية، في جذوره وامتداداته وصراعاته المتنوعة".
لا تكمن المشكلة إذن في التراث وما يعتمل بداخله من تباينات تتأبى على القبول والرفض في آن، إنما تكمن في وعينا بهذا التراث من حيث تشكله في الماضي وفق صراع ممتد للمعاني والقيم، لا وفق نصوص تقبع بلا حراك في الكتب والآثار.
ويرى العالم أن إتاحة هذا الوعي لعموم الناس لا يكون بنشر النصوص وتحقيقها فحسب؛ إنما يكون" بتقييمها تقييما نقديا تاريخيا، وإتاحتها واستلهامها وتجسيدها في حياتنا بمختلف وسائل الإعلام والتعليم والثقافة. على أن الأمر لا ينبغي أن يقف عند التراث الأدبي أو الفكري أو العلمي أو السلوكي، وإنما يمتد إلى التراث الشعبي كذلك".
وفي خضم دفاعه عن هذا المنهج يرفض الدكتور العالم ما ذهب إليه الدكتور زكي نجيب محمود من أن التعامل مع تراث الأقدمين لابد أن يقوم على الانتقاء، يعني انتقاء ما ينفعنا في حياتنا المعاصرة باعتبار أن ثقافة الأقدمين والمعاصرين إنما هي طرائق عيش،فإذا كان لدى الأسلاف ما يفيد في هذا الشأن أخذناه وذلك هو الجانب الذي نحن معنيون بإحيائه من التراث، أما ما دون ذلك فيجب تركه غير مأسوف عليه!
ويرجع الدكتور العالم السبب في هذا الرأي إلى تبني الدكتور محمود للفلسفة الوضعية المنطقية التي تدعو إلى التحليل الجزئي والوصفي للظواهر، ولا تتكشف القوانين العامة للحركة في الفكر والحياة.
ويقول العالم في هذا الشأن"بهذا المفهوم النفعي العملي الخالص للثقافة، وبهذا المفهوم الانتقائي لموقفنا منه يحدد الدكتور زكي نجيب محمود طريق اللقاء بين القديم من تراثنا والمعاصر من حياتنا، والمفهوم النفعي هو أساس المفهوم الانتقائي وكلاهما ينظر إلى الثقافة والحياة نظرة علوية وصفية تجزيئية أداتية مفرغة من المضمون الاجتماعي والتاريخ وإن لم تكن مفرغة من الدلالة الاجتماعية بالطبع".
وبالقطع فإن من الإجحاف أن نقوم علاقتنا بالتراث على هذا النحو، ليس بسبب أن هذا المفهوم الانتقائي يجعل التراث مزقا تستخدم لتصلح بشكل مؤقت من تأزمات الواقع، ليس وفق منهج بقدر ما يكون استجابة سريعة لما تفرضه الحاجة، ناهيك عن التشتت والبعد عن القيم الكلية التي يطرحها التراث، فنصبح وفق ذلك – مع التراث- خارج القيمة ووفق ما يقتضيه الحال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.