ذاع صيت الطبيب المصري متجاوزًا حدود دولته إلى البلدان المجاورة لمصر، حيث تذكر المخطوطات المصرية القديمة أن أحد الكهنة الكبار "إمحوتب" يعتبر مؤسس علم الطب في مصر القديمة، كما يعتقد أنه مبتكر الكتابة الهيروغليفية، مما جعل المصريين القدماء يقدسونه في العصور المتأخرة من عصر الفراعنة بأنه "إله الشفاء". وأكد الباحث الأثري أحمد عامر، أن المصريين القدماء أول من مارسوا الطب على أُسس علمية، مما مكنهم من إجراء التحنيط وتحضير العقاقير والأدوية، والبرديات الطبية مصدرنا الرئيس لمعرفة هذا النوع، حيث كانت تحوي الكثير من التصورات الطبية والوسائل العلاجية السائدة في العصر الفرعوني، ومن أهمها بردية "إيبرس" وبردية "إدوين سميث" الجراجية التي عُثر عليها بمدينة الأقصر والتي تصف حالات لجروح الرأس والأنف والأذن والشفاه والرقبة والزور والكتف والصدر والثدي والعمود الفقري ومجموعها نحو 48 حالة. وأضاف عامر: ومن خلال هذه المصادر وغيرها تستطيع أن تقول: إن مبادئ الفحص الطبي عند المصريين القدماء كانت كما هي الآن، وكان الأطباء المصريون على درجة كبيرة من دقة المُلاحظة، حيث عرفوا المعاينة والجسّ والتشخيص والعلاج، الذي كان يشمل وسائل طبيعية وكميائية وحيوية، أما عن مسببات المرض فقد اعتبره المصريين القدماء؛ نتيجة لعوامل خارجية مثل الهواء والديدان وعوامل نفسية أو أسباب غامضة أو من المعبود أو من السحر ومجرد التعرض للهواء يُعتبر سببًا من أسباب المرض وكانت هناك بعض الأجسام التي لديها استعداد للمرض وتُسمي "whdw". وتابع: كان السحر كان جدًّا بالنسبة للمصريين القدماء، ولعل أهم مناظرة وأقدمها تدل علي هذا تلك التي ذكرها القرآن الكريم بين موسى وفرعون، وقد امتزج الطب بالسحر لدى فريق منهم، وعالجوا أمراضًا كثيرة بعلوم الطب وفنون السحر، ونجد أن المعبود أعطى الإنسان السحر كسلاح ضد أعدائه. وأشار إلى أن للرقي والتعاويذ دورًا كبيرًا في الشفاء، حيث ذكرت بردية "إيبرس" رقية كانت تستخدم للشفاء تقول: "اخرج أيها الزكام، اخرج يا ابن الأنف المزكوم يا مُتلف الجمجمة"، وكان الأطباء يتمتعون بمستوى عالٍ من الكفاءة وعلى درجة عالية من العلم وفي نصوصهم كانت كلمة "swnw" تعني "طبيب" والأعلى منه مركزًا يُسمي "imy-r swnw"، ورئيس الأطباء "wr-swnw"،ومفتش الأطباء "shd-swnw" فمهنة الطب منظمة إداريًّا. وقال عامر: كانت المعبودة "سخمت" تستطيع في رأيهم أن تُبلي بالمرض الذي يؤدي إلى الموت، وكان يُسمح لكهنتها بالتدخل في صالح من عاقبتهم، وكان من أشهر كهنتها "ني-عنخ-رع" طبيب وكاهن "سخمت" ويبدو أن بعض الأطباء كانوا كتبة حتى تكون لديهم مقدرة على أن يقرأوا المراجع الطبية، وأول طبيب عُرف في التاريخ كان يُسمي "حسي-رع" "hesy-re" وكان إخصائي أسنان، عاش في زمن الملك "زوسر" واكتشف مقبرته الكاتب الملكي المعروف للملك كاهن "حورس" رئيس مهندسي الملك.