ظن البعض إن "جراج التحرير" مشروع قومي سيساهم بصورة فعالة في تحسين منظومة المرور بميدان التحرير والمنطقة المحيطة، وسيعيد المظهر الحضاري لمنطقة وسط البلد، من خلال توفير أماكن بديلة لأكبر عدد ممكن لانتظار السيارات. افتتح الجراج في أواخر شهر يناير من العام الجارى، على مساحة 20 ألف متر مربع، ويضم أربعة طوابق أسفل الأرض، ويسع 1700 سيارة، بالإضافة إلى جراج خاص يسع 24 أتوبيسا سياحيا بتكلفة استثمارية تجاوزت 675 مليون جنيه. ورغم حرص محافظة القاهرة على نجاح خدمة جراج التحرير، لاستيعاب طاقة كبيرة من السيارات وحظر وقوفها في شوارع وسط المدينة، إضافة إلى توفير 21 أتوبيسًا مكيفًا لنقل رواد الجراج إلى مناطق وسط البلد، إلا أن أتوبيسات الجراج تحولت لعبء على الهيئة نظرًا لضعف الأقبال عليها، مما تسبب في خسائر فادحة. ولتفادى الخسائر، قرر الدكتور جلال مصطفى سعيد، محافظ القاهرة، تخفيض أسعار انتظار الاتوبيسات السياحية الكبيرة والميني باصات بجراج التحرير اعتباراً من أول أبريل الماضي، لتصبح تكلفة انتظار الأتوبيس الكبير 30 جنيهاً بدلاً من 50 للساعة الواحدة، وتكلفة انتظار الميني باص السياحي 15 جنيهاً بدلاً من 25 للساعة الواحدة. وقدم محافظ القاهرة خدمة جديدة للتيسير علي أصحاب الأتوبيسات، فأتاح الاشتراك الشهري للأتوبيس بتكلفة 2000 جنيه للأتوبيس الأول، يتم تخفيضها بنسبة 10% للأتوبيس الثاني، ويحصل الأتوبيس الثالث وما بعده علي تخفيض 20%. كما قرر محافظ القاهرة أن يقدم جراج التحرير خدمة المبيت من الساعة الخامسة مساء وحتى الساعة الثامنة صباحاً بتكلفة 1000 جنيه شهرياً. لكن منذ أيام، أعلنت هيئة النقل العام في بيانها الأخير عن تكبدها خسائر فادحة؛ نظرا لعدم وجود رواد للأتوبيسات الجديدة المكيفة، حيث يفضل الأشخاص السير على أقدامهم والتجول في الشوارع لمراقبة المحال التجارية والأماكن الأثرية بوسط المدينة، فيما تنتظر الأتوبيسات أمام جراج التحرير بالساعات دون زبائن. يقول محمد علي، رئيس رابطة سائقي النقل العام، إن المشلكة الحقيقة تكمن في تعنت رجال المرور مع السائقين برفضهم دوران الأتوبيسات من كوبر قصر النيل، برغم أن خط السير طبقًا لقرار المنشور داخل جراج التحرير، يشمل السير حتى الأوبرا، مؤكدا أنهم طالبوا من المحافظ والهيئة أكثر من مرة تعديل خطوط السير، لكن دون استجابة. وأضاف "علي" أن إغلاق شارع حسين سليم لدواعٍ أمنية أمام خطوط سير الأتوبيسات، يجبر السائقين إلى الدوران من أخرى كوبرى قصر النيل وأكتوبر، مما يسبب ضيقًا للركاب نظرًا لطول المسافة التي يستغرقها خط السير. من جانبه، يؤكد محمد عبد السلام، رئيس أتوبيسات جراج التحرير، أن الإقبال على أتوبيسات الجراج ضعيف جدًا، لافتًا إلى أن هناك حالة من عدم الاستقرار أيضًا داخل الجراج؛ بسبب قرار نقله بجوار المتحدف المصري، وبعد الذهاب إلى هناك، اعترضت الشرطة، بخلاف تحرير محاضر ضد السائقين. وطالب "عبد السلام" بضرورة التنسيق بين السائقين والمحافظة والمرور وإدارة الجراج؛ ليتم تحديد مكان ثابت لاستقرار أوضاع المحطة والسائقين. وفى نفس السياق، أوضح أحمد سعد، رئيس النقابة المستقلة والمتحدث باسم عمال الهيئة، أن مشروع أتوبيسات جراج التحرير فاشل وغير مجد للهيئة، لافتا إلى أنهم لا يحصلون على تعويض مادي من المحافظة نظير تشغيل السائقين التابعين للهيئة، كما إن الهيئة تتكبد تكاليف الصيانة وقطع الغيار والسولار. وأكد "سعد" أن عدد السيارات التي تعمل على الثلاثة خطوط، ملك لمحافظة القاهرة بانتداب من سائقي هيئة النقل العام الذين يعملون عليها دون استفادة مادية، مختتما: "الأتوبيسات عبء على ميزانية الهيئة لعدم وجود إيرادات".