الجمل: مصر تستورد مواد غذائية ب65 مليار دولار سنويًا الجمسي: نستورد 50% من الاستهلاك المحلي للقمح منصور: لابد من إصلاح المنظومة الزراعية لسد الفجوة الغذائية أصبحت المشكلة الغذائية في مصر، تؤرق الجميع، بعدما كثر حولها الحديث وقل العمل، تفاقمت الأزمة في الفترة الأخيرة بشكل كبير، حيث تحولت مصر إلى دولة مستوردة لأغلب السلع الغذائية، مما تسبب في تزايد ما يسمى "بالفجوة الغذائية" والتي تعني الفرق بين ما نستطيع إنتاجه من السلع والمواد الغذائية، وما يكفى الاحتياجات الأساسية لتوفير الغذاء لمجموع السكان. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات الاستهلاك الغذائي نتيجة زيادة السكان، وتغير أنماط الاستهلاك، فإن معدلات النمو في مساحة الأراضي الزراعية لم تواكب التزايد الغذائي. يقول الدكتور حمدي الجمل، الخبير الاقتصادي، إن هناك فجوة غذائية بقيمة 35 مليار بين الواردات والصادرات، وبالتالي تنعكس الأزمة علي ارتفاع الأسعار وندرة بعض المواد، لافتا إلى أن السياسة الزراعية في مصر لم تتغير منذ عقود طويلة، فالدولة المصرية الآن لم تفطن إلي أهمية زراعة المحاصيل الزيتية المتعلقة بإنتاج زيت الطعام الذي نستورد منه اليوم 90% علي الأقل. وشدد "الجمل" على ضرورة زراعة الدرة الشامية والصفراء وزيت السمسم، والتى لا تتجاوز 3 أشهر، بجانب إنشاء معاصر لهذه الزراعات، وبالتالي تكون هناك قيمة مضافة للزراعة والصناعة؛ لأن أي صناعة في العالم تعتمد في أساسها علي الزراعة، مشيراً إلي أن مصر تخلت عن دعم الزراعة والفلاح المصري. وتابع: يكفي الإشارة إلى أن هناك 5 مليارات يورو تنتظر الصادرات المصرية من هذه المواد الغذائية إلي روسيا ودول الاتحاد "الأوروروسي"، بناء على تأكيدات الرئيس الروسى "بوتين" الذى قال إن بلاده تحتاج إلي الصادرات المصرية من المواد الغذائية؛ نظرا للعقوبات الأوروبية علي روسيا. وأضاف الخبير الاقتصادى أن وزارة الصناعة والتجارة، دائماً تهتم بدعم الصادرات "التاجر على حساب الزارع أو الصانع"، لافتا إلى أن القرارات التي اتخذتها الدولة برفع الدعم بحجة أن هذا سوق حر، خاطئة؛ ففى نفس الوقت، تدعم أمريكا مزارعيها ب"36″ مليار دولار. وطالب الخبير الاقتصادي الحكومة بالعودة إلي الحضارة الزراعية مرة أخري، من خلال تفعيل الدورة الزراعية، كما طالب الدولة أيضا بضرورة شراء المحاصيل من الفلاحين بالسعر العالمي أو سعر يضمن الربح للمزارع، واستقرار القرار السياسي والاقتصادي في مصر، بالإضافة إلي توسيع الرقعة الزراعية وخلق فرص عمل جديدة. وأشار "الجمل" إلي أن الصناعة الزراعية، أساس حل مشاكل مصر وتأمينها من الأزمات العالمية التي من الممكن أن تحدث في العالم، متابعا: "مصر تستورد سنويا ب65 مليار دولار، فإذا حدثت أزمة عالمية، فستصل إلي آفاق أكبر وستتزايد، ما سينعكس علي الميزانية العامة للدولة، وسيسبب أزمة كبيرة في الاحتياطي النقدي، ولذا يجب علي مصر أن تتجه إلي زراعة المحاصيل الزيتية حتي نستطيع علي الأقل توفير 50 أو 60 % من حاجتنا من زيت الطعام". من جانبه، أشار الدكتور إمام الجمسي، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية، إلي أن الفجوة الغذائية متعددة، أهمها أن مصر تستورد قمح من 8 إلي 9 ملايين طن سنوياً بما يعادل 50% من الاستهلاك المحلي، لافتا إلى فجوات أخرى تكمن فى الدرة الشامية والزيوت الغذائية والبقوليات الألبان، أما اللحوم، فالعجز بها يصل يصل 30%، والأسماك 10%، مؤكدا أن استمرار الفجوة وارتفاعها، يصحبه زيادة في عجز الميزان التجاري. وأوضح "الجمسي" أنه في ظل الفجوة، يتم الاستيراد بالأسعار العالمية مع انخفاض قيمة الجنيه المصري، يجعل الحكومة تستهلك العملة الصعبة، ومع الزيادة السكانية يحدث ضغط شديد علي الموارد، فيقل متوسط رصيد الفرد، مما يؤثر علي محددوي الدخل الذين لا يأكلون اللحوم التي وصلت ل60 إلي 80 جنيها الكيلو. وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعى أن الفجوة الغذائية أيضاً تؤثر علي الصحة العامة للشعب المصري لعدم وجود إشباع غذائي، مما يؤدي إلي زيادة في تكلفة الدواء لانتشار الأمراض التي تنتج عن قلة الغذاء مثل الأنيميا وغيرها، مضيفا أن الأزمة العالمية للغذاء تزيد الأسعار، وبالتالى الفجوة الغذائية، ومؤكدا أن الحل يكمن في التنمية الزراعية التي تنقسم إلي قسمين، أولهما التنمية الرأسية بزيادة إنتاجية الأراضى، والقسم الثاني التنمية الأفقية عن طريق زيادة مساحة الأراضي الزراعية وتعديل أساليب الزراعة واستصلاح الأراضي. وطالب بضرورة ترتيب أولويات المرحلة الحالية؛ لسعد عجز الفجوة الغذائية، من خلال التنمية الرأسية للزراعة، مشيراً إلي أن الجهة الوحيدة التي ترفع إنتاجية الأرض، مركز البحوث الزراعية، فيجب دعمه أكثر وإرسال بعثات إلي بعض الدول ذات الطبيعة المتشابهة بمصر مثل الهند للتدريب واكتساب الخبرة. وفى نفس السياق، قال الدكتور محمود منصور، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن مصر والمنطقة العربية تعاني فجوة غذائية في ظل وجود أزمة عالمية بالفعل؛ لوجود فرق في احتياجات السكان، يجب علي الحكومة أن توفره في الوقت المحدد، مشيراً إلي أن الفجوة الغذائية ترتبط ارتباطاً كلياً بالزراعة التي تعاني الآن، فلابد من إصلاح المنظومة الزراعية لسد الفجوة.