دائما ما تشهد أمريكا اندلاع اشتباكات على خلفية أعمال عنصرية ضد ذوي البشرة السمراء هناك، فبعد مرور أقل من عام على أحداث فيرجسون بولاية ميزوي الأمريكية التي قتل فيها شاب أسود على يد الشرطة الأمريكية، وبمجرد أن بدأت الشرطة الأمريكية تتنفس الصعداء بعد الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت هناك، اصطدمت بحادث مماثل للحادث الأول باختلاف المكان، وهو ما يطرح التساؤل، هل عادت العنصرية الأمريكية مجددا لتطفو على السطح؟ تظاهر أكثر من ألف شخص في بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية شرق الولاياتالمتحدة، احتجاجاً على وفاة الشابّ "فريدي غراي" البالغ من العمر 25 عامًا من أصول أفريقية، متأثرا بكسور أصيب بها في فقرات الظهر أثناء اعتقاله من قبل الشرطة الأمريكية، وذلك بعد أسبوع على توقيفه في 12 أبريل في حيّ شعبي في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 620 ألف نسمة. انطلق المتظاهرون من المكان الذي جرى فيه اعتقال الشابّ في مسيرة احتجاجية توجهت نحو مفوضية الشرطة، ورددوا هتافات تطالب بإحقاق العدالة وقد أقدم بعض المتظاهرين على تحطيم زجاج خمس سيارات للشرطة التي اعتقلت بعض المشاركين في التظاهرة، هاجم المتظاهرين سيارات للشرطة ومحلات تجارية في وسط بالتيمور شرق الولاياتالمتحدة، وتجمع أكثر من ألف شخص بهدوء لمدة تسعين دقيقة أمام بلدية بالتيمور للمطالبة باحقاق العدل. تدهور الوضع فجأة وتصاعد التوتر عندما توجه عشرات المتظاهرين إلى معلب البيسبول "كامدن ياردز"، قبل ساعة من بدء مباراة بين فريقي بالتيمور أوريولز وبوسطن ريد سوكس، حيث قذف المتظاهرين رجال الشرطة بزجاجات الصودا وعلب القمامة وهو ما أدى إلى إصابة 7 من رجال الشرطة، كما حطم المتظاهرون الغاضبون واجهات محلات تجارية، قبل أن تقوم الشرطة باعتقال 34 شخصا. خلال تشييع جنازة الشاب "غراي" تطور الأمر ليصبح أشبه بحرب الشوارع، حيث قام مئات من المحتجين الغاضبين بنهب متاجر وإشعال النار في مبان مع انتشار العنف في المدينة، وتفجر العنف على مسافة قصيرة من جنازة "غراي"، ثم انتشر إلى مناطق في بالتيمور، وهو ما أدى إلى إصابة 15 شرطيًا على الأقل بعدما ألقى المحتجون الحجارة وأحرقوا مباني وسيارات دورية للشرطة، في أكثر المظاهرات عنفاً في الولاياتالمتحدة منذ حوادث الشغب التي شهدتها فيرجسون العام الماضي. في أعقاب تصاعد أحداث الشغب في الولاية أعلن حاكم ولاية ميريلاند الأمريكية حالة الطوارئ، حيث وضع حاكم ولاية ميريلاند الحرس الوطني في حالة تأهب، وأمر بإرسال تعزيزات من الجنود إلى بالتيمور، كما فرضت رئيسة بلدية بالتيمور حظرا ليليًا على التجول ابتداء من مساء أمس الإثنين ولمدة أسبوع من الساعة ال10 مساء إلى ال5 صباحا، مع إمكانية نشر قوات الحرس الوطني في أقرب وقت. من جانبها دانت وزيرة العدل الأمريكية "لوريتا لينش"، أحداث العنف التي تفجرت في بالتيمور، وقالت إن وزارة العدل ستقدم أي مساعدة مطلوبة، وأضافت "إنني أدين أعمال العنف الحمقاء من بعض الأفراد في بالتيمور، التي نتج عنها إلحاق الأذى بضباط بأجهزة فرض القانون وتدمير ممتلكات وانتهاك السلام في بالتيمور"، وتابعت قائلة "سأضع كل موارد وزارة العدل لدعم الجهود لحماية أولئك الذين يتعرضون للتهديد والتحقيق في المخالفات وتأمين نهاية للعنف". وفاة "فريدي غراي" ليست الحادثة الأولى التي تنذر بتفاقم العنصرية في أمريكا، فقد سبقها سلسلة من الحوادث المشابهة التي وقعت في الأشهر الأخيرة وأججت التوتر والجدل حول عنف الشرطة بعد مقتل مواطنين عزل من أصول إفريقية في فيرجسون وميزوري ونيويورك سيتي وغيرها، وأعمال الشغب التي شهدتها بالتيمور هي الأعنف منذ احتجاجات فيرجسون العام الماضي.