لا يكتفي بالحديث بصيغة الأنا المفرد التي تقرب المسافة النفسية بينه وبين قارئه، وإنما يدرج اسمه الشخصي مع تفاصيل دقيقة من حياته الخاصة، يذهب من خلال أعماله بالقصة القصيرة الفلسطينية إلى اتجاهات وآفاق جديدة في المضامين والأشكال، بما يجعلها أقرب إلى النص المفتوح القابل لأكثر من تفسير. أصدرت مؤخرًا دار ميزيوتاميا البغدادية للنشر والتوزيع، طبعة جديدة من مجموعة قصص ونصوص «خذيني إلى موتي»، للكاتب الفلسطيني زياد خداش، بغلاف حمل لوحة للفنان محمد الجالوس، تصميم الفنانة إيمان صلاح. إنها الطبعة الثالثة من «خذيني إلى موتي»، التي تشتمل على اثنتى عشرة قصة من بينها: جنون القمر، بعينين باردتين، ودائرة أختي الناقصة، لا بأس أنا هنا، موعد صامت، تقع المجموعة التي تعد رابع أعمال المؤلف القصصية، في 82 صفحة من القطع المتوسط. ومن أجواء الكتاب: «من يعيرني أختًا مجنونة بعودات متأخرة إلى البيت، وبثة بالنفس وأقدام حافية، وسجائر ونبيذ مهربين في منحنياتها، أختًا تكشف عن تناقضاتي وتفضح شعاراتي، أختًا تحميني مني، تراقب خيباتي وترتكب هي أجمل الأخطاء، وأبهى الفضائح وتبكي معي وتقول: يا حبيبي يا خوي، أختًا ذات جمال شاحب ملامح متعبة وتنهدات جاهزة وحيرة أنثوية باهرة». قالت عن المجموعة فريدة العاطفي: إننا هنا أمام قص من نوع خاص، قص حر ومتمرد يحتل مسافة مدهشة بين ضوابط القص التقليدي وانفلات القص المتمرد، فالقصص هنا كلاسيكية ومتمردة حد الهدم، لكنه هدم منظم، واع ومنضبط، لذلك ربما سماها الكاتب على ظهر الغلاف بالنصوص، ولم يسمها مجموعة قصصية يتم السرد في معظمها بصيغة الأنا المفرد مع تخييل ذاتي يحضر بشكل قوي ومشاكس يدفعنا في بعض النصوص للتساؤل هل نحن أمام قص متخيل؟ أم أمام شبه سيرة ذاتية؟ كتبت بطريقة ذكية وغير مباشرة فتحت المجال للكثير من التخييل كي يغنيها ويجعلها طازجة، دافئة، زكية، تغري القلب، وتعطر الروح. أما جميل دويكات فقال: لقد رسم لنا زياد خداش في مجموعته القصصية مشاهد إنسانيه مستخدمًا "الفنتازيا" حيث الضحك يجري أنهارًا ويجتاح المدينة، ثم رؤية الناس عراة في الميدان الرئيسي في رام الله، فذاك يحمل كرشًا كالبطيخة، وهذه لها فخذان أبيضان مكسوان بشعر خفيف، مؤخرة المرأة التي تسيل عرقًا، كتف العجوز المليء بالندب، إن زياد يريد أن يرى الحقيقة الإنسانية عارية دون محملات أو كماليات، أما من حيث نصوصه فنرى إنها تثير الأسئلة ولا تجيب عليها. فيريد أن يشرك القارئ في مفهومه الفكري والوجودي- ولا يريد أن يعطي القارئ مسلمات يفرضها عليه فرضاً… المرأة لدى زياد خداش هي أنثى، هي ثمره، تصرخ جمالاً، يراها من شقها المادي لا المعنوي، وإذا استثنينا القصتين الأوليتين "شتاء في قميص رجل" و"الطيون والجنود وأنا" نجد أن المرأة فاكهه يريد أن يأكلها.