أسر بأكملها تتكوم داخل غرفة خشبية دون مرافق الأطفال يلعبون وسط القمامة.. والتلوث يصيب الأهالي بالأمراض المحافظة: مشروع لرفع مستوى المنطقة.. وإجراءات لتسليم الوحدات لمستحقيها تمثل عشش شارع السودان التابعة لحى الدقى بمحافظة الجيزة نموذجا واقعيا لمعظم فقراء مصر الذين يقطنون عشش الصفيح والخشب، حيث تعيش 850 أسرة فى عشش بلا كهرباء أو مياه أو صرف صحى،ولا نبالغ إذا قلنا إنها مقابر يسكنها أحياء، فأهلها يعيشون حياة قاسية ومريرة فى عشة لا تزيد مساحتها على مترين طولاً ومتر ونصف عرضا، يتكوم بداخلها الآباء والأمهات والأطفال والشيوخ، ولا توجد بها مياه نظيفة ولا صرف صحى ولا كهرباء ولا تتوفر لهم مستشفيات، وأغلبهم من العمال المعدمين وليس لهم تأمين صحى ولا دخل ثابت، ورائحة الفقر والمرض تنبعث من كل مكان، والأطفال لا يجدون سوى القمامة والشوارع الضيقة ملعبا لهم، اقتربنا منهم ونقلنا صورة حية لحياتهم على أرض الواقع. محمد مرسي، رجل عجوز تجاوز ال70 من عمره، تبدو عليه علامات الحزن والإعياء وقلة الحيلة، يجلس أمام غرفته الصغيرة المبنية من الطوب القديم والتى تحتوى على سرير قديم وحصيرة متهالكة مفروشة على الأرض، ويقول: عندى 3 أولاد لم يتزوجوا رغم أن أصغرهم يبلغ من العمر 45 عاما لضيق الحال، فهم باعة سريحة و نعانى من غلاء المعيشة ونحن مازلنا خارج حسابات الحكومة. وتحدث ابنه الأكبر محمد، غاضبا وقال: نعيش هنا من عشرات السنين وحالنا مثل حال الكثيرين من أهل العشش، فالعين بصيرة واليد قصيرة ونتمنى أن نعيش حياة آدمية مرتاحي البال، ونحن هنا نعانى من عدم وجود الكهرباء والمياه النظيفة والصرف الصحى ولاتوجد مستشفيات أو مدارس، ونناشد الحكومة بأن توفر لنا هذه الخدمات رحمة بنا. وقال أيمن حراز، من الأهالي: نقيم هنا منذ عشرات السنين، ومن حقي شقة بمساكن المحافظة، ولكنى فوجئت بقيام المسؤولين عن الإسكان بإعطاء الشقق للأصدقاء والمعارف وليس للمستحقين، لذا نطالب كل مسؤول بمراعاة ظروفنا الصعبة وإعطاء كل ذى حق حقه. أما حسن شحاتة، من المقيمين بالعشش فيقول: أقيم مع أقاربى، وليس لدينا عقود للكهرباء والمياه، وعندما طالبنا المسؤولين الذين يحصرون الأسماء والأعداد بحقنا في الحصول على شقة بمساكن المحافظة، طالبونا بعقد إيجار وإيصال كهرباءونحن لانملك. فى إحدى العشش تعيش حنان راضي، سيدة فى مقتبل العمر، تبدو عليها علامات الحزن والأسى، وقالت: لى 3 أبناء أكبرهم 12 سنة وبنتان متزوجتان، وزوجى متوفى، ونعيش حياة كلها بؤس وشقاء، والعشة الخشبية التى نعيش فيها بالنسبة لنا هى كل شىء، ونقيم هنا ننتظر عطف أهل الخير من الأماكن المجاورة، ولايوجد هنا فى العشش مياه ولا صرف صحى ولا كهرباء ونضطر لشراء جركن المياه، ونستخدم هذه المياه فى إعداد الطعام فقط. وأضافت: أوقات الشتاء تمر علينا بصعوبة شديدة فالأمطار تغرق عششنا ولا نجد شيئاً يعصمنا من البرد القارس، لذلك نقوم بإشعال بعض قطع الخشب لكى نشعر بالدفء، وتبقى مشكلة المياه التى تملأ العشة وتغرق ما بداخلها، وكل ما نتمناه أن نعيش خلف باب يغلق علينا ودورة مياه وبلكونة تدخلها الشمش والهواء لكى نشعر بأننا مازلنا أحياء. أم سيد، لديها بنتان، تعاني من حساسية فى الصدر وإصابات فى العمود الفقرى وتحتاج علاجا شهريا لا تملك شراءه نظرا لظروفها المعيشية الصعبة، فهى تجمع بقايا البلاستيك، وتجمع بقايا الخبز المكسر من القمامة وتبيعه لتوفر لأبنائها قوت يومهم، حيث لا يوجد لهم أى مصدر رزق، والبنات مازالوا صغارا (5 و8 سنوات)، ويحتاجون إلى مصاريف كثيرة وحياتنا كلها معاناة وتعب، ولكن الحمد لله على كل شىء، ونتمنى أن ياتى اليوم الذى يشعر فيه المسئولون بنا. أم محمد، من الأهالي، تجلس أمام العشة التى تسكنها وتبيع سلعا بسيطة لجيرانها والحزن يملأ وجهها ومشاعر الغضب تمتلكها، وعندما سألناها عن أحوالها أكدت أن الحياة أصبحت بلا قيمة أو هدف يمكن السعى له، خاصة بعد مرض زوجها الطويل الذى كان يكسب رزقه يوما بيوم ثم وفاته وحبس ابنها الوحيد العام الماضى لتواجه المرار والذل والمهانة فى الشارع بحثاً عن لقمة عيش شريفة تكسبها بالحلال من بيع بعض السلع الهامشية، بالإضافة إلى مساعدات أهل الخير، وتتمنى من المسؤولين أن ينظروا فى حالتها ويوفروا لها مسكنا بسيطا حتى تعيش فيه الباقى من عمرها بعيداً عن حياة العشش المهينة. أما حسن عبدالحليم، من الأهالى الذين تسلموا شقة فى المرحلة الأولى فقال:الحالة المادية تحت الصفر لأهالى عشش السكة الحديد بشارع السودان، ولانستطيع دفع الإيجار الشهرى المقدر ب160 جنيها كمبلغ رمزى، ونحن ننتظر تنفيذ وعد محافظ الجيزة السابق، واللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية خلال وضع حجر الأساس للمرحلة الثانية من تطوير عشش شارع السودان، بإرسال مبالغ مالية لمساعدتنا ونظر أحوالنا. من جانبه، قال أسامة الخطيب، مدير العلاقات العامة بمحافظة الجيزة: هناك مشروع بخصوص سكان عشش شارع السودان يأتى في إطار رفع المستوى الإجتماعي لهم وأحقيتهم في الإقامة في مسكن ملائم،وقد تم تشكيل لجان للحصر واستلام مستندات إثبات الإقامة فى العشش، وهناك تحريات عن طريق المباحث وإجراءات نتخذها قبل إدراج أو تسليم الأهالى الوحدات السكنية، وقمنا بتسليم 30 وحدة سكنية و27 محلا تجاريا فى المرحلة الأولى من المشروع، وسوف نسلم المرحلة الثانية خلال الأيام القادمة وتضم 75 وحدة سكنية و40 محلا تجاريا، والمشكلة أن هناك عددا من الأشخاص جاءوا من أماكن أخرى وأقاموا عند أقاربهم بعشش السودان بغرض الحصول على شقة دون وجه حق ودون دليل يثبت أحقيتهم، ولايوجد شخص واحد استلم شقة بدون وجه حق ولاسبيل للمجاملات.