من قال إن العمر سلم تصعد به إلى نهايات الأشياء، وربما تصعد به إلى البدايات، بداية الحلم والحب والنضال. 37 سنة، ليس رقماً هاما، فليس بالثلاثين الذي يدخلك إلى مرحلة جديدة من عمرك تتسم بالرجولة، ولا هو الأربعين، سن النبوة، العمر الذي اختار الله جل شأنه أن يبعث نبينا محمدا بدعوته فيه، كما أنه لا يبدو رقماً هاما بين الأرقام، فلا هو مضاعفات العشرة، حتى إنه لا يقبل القسمة على الاثنين، ليمثل مضاعفا لفترة من عمرك، لكن إحساسي هذا العام مختلف. ربما كان علي أن أشعر أن العمر قد مضى، فما تبقى بالتأكيد ليس بقدر ما فات، وأن أدخل في مرحلة حساب ما أنجزته خلال كل السنوات الماضية، لكني وجدت نفسي أشعر كأني طفل، يحبو من جديد لكي يتعلم، يحاول أن يتلمس ما حوله من أشياء، يتدرب على استهجاء حروف الحياة مرة أخرى، لا يخشي شيئا، فهو ما زال لا يدرك مخاطر الأشياء. من قال إنك كلما تقدم بك العمر، تصبح أقل قدرة علي الحب، وإنك في فترة ما سيتوقف لديك الإحساس بالحب، ففي حالتي تتجلي أبيات مولانا فؤاد حداد "على باب الجنة طعم التوت، أنا ممكن أحب لحد ما أموت"، فالحب لا يرتبط بالعمر، بل هو زادك، إذا فقدته، انتهى عمرك حتى لو ظللت على قيد الحياة. من قال إنك كلما تقدم بك العمر تصبح أكثر قبولا لما كنت ترفضه، وأكثر حرصا على ما تملكه، وتنهزم الثورية في معركتها ضد منهج الإصلاح، وينتصر الخوف على الشجاعة، كنت أعتقد ذلك وأنا صغير، حتى فؤجئت بنفسي أتمرد على كل ما يشاع، فلم أقبل يوما ما رفضته، ولم أتبن يوما ما حاربته، ولم أخش يوما على شيء امتلكته، بل مع مرور الوقت ينتصر حماس الشباب بداخلي، على رغبة الاستقرار التي شاعت في البلاد، ربما يصيبنا الإحباط بعض الشيء مما ألت إليه الأوضاع في البلاد، وانهزام ثورة دعونا لها وناضلنا من أجلها، لكن سرعان ما يولد الحلم من جديد، ويأبى أن ينهزم من جديد، وينمو بداخلنا رافضا كل إسقاطات الماضي التي تدفعنا للتوقف أو الهروب من المواجهة. ستظل كما أنت إذا كنت تحمل قلب طفل، وخبرات رجل تمنعك من تكرار الأخطاء، ورفضا لم يتغير للواقع، فستنتصر في معركة الزمن، على كل مخاوف الماضي.