- شقرة: لابد أن تدفع إسرائيل ثمن جرائمها - رجب: من الأمانة التاريخية أن يعلم أبناؤنا من عدوهم - عطا الله: لابد من إنشاء متحف يضم مقتنيات ضحايا العدوان الصهيوني 45 عامًا مضت على مذبحة بحر البقر، وارت خلالها طائرات الفانتوم الإسرائيلية التابعة فى الأصل إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، 30 طفلا من تلامذة مدرسة "بحر البقر الابتدائية" التراب وأصابت 50 آخرين ومعلم و11 عاملًا، إلا أن مرور السنوات وتوقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أعادت العلاقات مرة أخرى وأغلقت الأمهات الثكالى أبوابها عليها، بعدما حاولت الدولة تعويضهم بمعاش اجتماعي ثم أوقفته عنهم. قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ المعاصر بكلية التربية جامعة عين شمس، إن الدولة ظلت تحيي ذكرى مذبحة بحر البقر لعدة سنوات، إلا أنها توقفت أخيرًا، وبدأت تتناساها أو تتجاهلها. وشدد على أهمية استلهام ذكرى مذبحة بحر البقر التي تكمن في التذكير بندالة وجبن وخسة العدو الرئيسي لمصر، وهو الكيان الإسرائيلي، رغم عقد اتفاقية أطلق عليها "اتفاقية السلام" على حد قوله- فإعادة قراءة ذلك الحادث الأليم مرة أخرى تذكرنا دائمًا بألا نأمن للعدو الإسرائيلي. وأشار شقرة إلى أن أحدًا لم يبد أي سبب محدد لتجاهل إحياء تلك الذكرى المؤلمة، ولكن تداعي المشكلات وكثرة التراهات يمكن أن تكون لها اليد في ذلك، فتصورت الدولة أن معاهدة السلام لا تستدعي إحياء مرارة إسرائيل، إلا أن هذا الكيان لم يتورط فقط في مذبحة بحر البقر وإنما أيضًا في عدة كوارث تم تجاهلها، كدفنها الأسرى المصريين أحياءًا في أرض سيناء، مضيفًا:" لكن على ما يبدو أن الدولة تذكرت المعاهدة وأنه لا داعي لنكئ الجراح بين الحين والآخر". وفيما يتعلق بالمعاشات التي أقرتها الدولة لصالح أهالي الشهداء، قال شقرة أنه لا يوجد سبب منطقي لوقفها، وإن فعلت الدولة فإنه دليلاً عن ترهلها وشيخوختها خلال العقد الأخير في حكم الرئيس المعزول مبارك، وما يثير الدهشة أن القرار لا يمكن أن يصدر من موظف صغير في الحكومة، وعلى ذلك فيجب محاكمة من اتخذ ذلك القرار لأن المعاش حق أصيل لتلك الأسر. وعن إمكانية إقامة دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية لمطالبة إسرائيل بدفع تعويض لمصر على خلفية المذبحة التي أسقطت عشرات الشهداء والمصابين، أسوة بالتعويضات التي حصلت عليها إسرائيل من ألمانيا جراء المحرقة، قال شقرة ان الدولة مقصرة وكان عليها رفع أكثر من دعوى قضائية بالتعويض والقصاص منها على الكثير من الجرائم الوحشية التي ارتكبتها. وشدد على ضرورة محاكمة إسرائيل أيضًا على سرقتها للغاز والبترول المصري أثناء فترة احتلالها لسيناء، فضلاً عن سرقة الثروة السمكية في نفس الفترة، ونهب الكثير من ممتلكات المصريين داخل إسرائيل "فلسطينالمحتلة" كالعديد من الأراضي والتي من بينها المنزل الذي يقيم فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي والأرض التي أنشأ عليها مفاعل ديمونة النووي، مؤكدًا أن مصر لديها من الخبراء في القانون والتحكيم الدولي يستطيعوا بسهولة الحصول على تلك الحقوق، مدللاً على ذلك بالحكم لصالح مصر في عودة طابا تحت السيادة المصرية. "كراريس وكتب ودمى" ذكرى تبقت من تلاميذ مدرسة بحر البقر الابتدائية، وضعت في متحدف داخل المدرسة التي بنيت من جديد على أنقاض المدرسة القديمة، ويميل رأي شقرة إلى الاحتفاظ بنسخة من تلك المقتنيات في متحف المدرسة، ونقلها مع العديد من الآثار التي خلفتها الهجمات الإسرائيلية في متحف حرب أكتوبر 1973 باعتبارها جزء من تاريخ الصراع المصري الإسرائيلي، لتكون جزء من بانوراما حرب أكتوبر. واستنكر عدم الاهتمام بإحياء ذكرى مذبحة بحر البقر، إلا من بعض القنوات الفضائية والجرائد والمجلات التي تعرض الصور من جديد، وغياب مظاهره دون ذلك. وأضاف ان مذبحة بحر البقر تعد جزء من حرب الاستنزاف التي وقعت بين مصر وإسرائيل، التي بدأت مباشرة بعد مؤامرة 1967، وكانت دليلاً على صمود الشعب المصري ووقوفه خلف قائده آنذاك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أبى الهزيمة ورفض الشعب تنحيه عن الحكم. وأوضح شقرة في تصريح ل "البديل" ان عبد الناصر نجح في مراحل حرب الاستنزاف الثلاثة ومن خلفه الشعب المصري في استنزاف إسرائيل، وهذا ما أكدته تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها الجنرال موشيه دايان، ورئيس الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، بأن إسرائيل هزمت على يد الجيش المصري، الذي وجه إليها ضربات قاتلة، وقررت الانتقام في حرب 1967. وأضاف شقرة أن إسرائيل بدأت تستهدف المنشآت المدنية وتوجه إليها ضرباتها بعمق، وكان من بينها مدرسة بحر البقر ومعامل تكرير الزيتية بالسويس، راح ضحيتها العديد من الشهداء واهتز ضمير العالم لمذبحة الشرقية خصيصًا لأن ضحاياها كانوا من الأطفال الأبرياء، إلا أن مصر لم تركع لمثل تلك الهجمات ممن وصفهم ب" الجبناء" وأصرت على مواصلة حربها في الاستنزاف، ونجح عبد الناصر في بناء حائط الصواريخ على شوطئ قناة السويس الذي أسقط طائرات الفانتوم الإسرائيلية، وتحمل ذكرى هذه المناسبة في إسبوع تساقط طائراتها. تعد مذبحة بحر البقر عن "خسة وجبن" الكيان الإسرائيلي الذي لا يفرق بين أهداف مدنية وأخرى عسكرية- بحسب شقرة- محتسبًا أطفالها اللذين راحوا ضحية العدوان الإسرائيلي من الشهداء. من جانبها قالت الدكتور زبيدة عطا الله، أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة حلوان، ان الشعب المصري انتفض لمذبحة بحر البقر كانتفاضته لحادث إرهابي، خاصة وأن الضحايا كانوا من الأطفال الأبرياء، إلا أن مصر وقتها كانت تخوض حربًا مع إسرائيل وتقدمت بشكاوى أمام الأممالمتحدة. وأضافت أن إسرائيل ارتكبت العديد من جرائم الحرب، وأن مطالبات مصر بالتعويض يعقبها دعاوى قضائية ترفعا إسرائيل وتطالب فيها بأملاكها في الأراضي المصرية، وبالتالي تسقط القضايا المرفوعة من مصر، مشددة على ضرورة إدراج جرائم إسرائيل في سجل إجرامي، وعمل متحف يشمل كافة مقتنيات ضحايا العدوان الإسرائيلي في كل الفترات. ومن جانبه وصف الدكتور مصطفى رجب، أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية التربية الأسبق بجامعة جنوب الوادي، المناهج الدراسية ب" المتخلفة" نظرًا لتجاهلها مثل تلك المناسبات بدعوة أننا نمر بمرحلة سلام مع إسرائيل، إلا أنه من الأمانة العلمية أن تعرض الحقائق التاريخية كما هي، ويعلم ابنائنا من عدوهم. وأضاف ان إسرائيل وجهت ضرباتها العديدة للمنشآت المدنية من أجل زعزعة ثقة الشعب المصري في قياداته، وعلى مصر أن تعرض تلك الحقائق وتعرف الأجيال القادمة بأنها كانت تخوض حرب استنزاف كما تفعل الحكومات الإسرائيلية في مدارسها، مستنكرًا القصور الذي يواجه الإعلام والمناهج الدراسية، فيجب أن تستبدل قائمة البحث لدى المواطن من أخبار الفنانين وغيرها من الأنباء الاستفزازية بأخرى تتعلق بالدور الوطني الحقيقي. ونفى رجب وجود أي تشابه بين ما يجري الآن من تفجيرات وعمليات إرهابية في مصر وبين القصف الإسرائيلي للمنشآت آنذاك، فهو يتعامل مع الأولي على أنها "بومب" ليوجه بذلك رسالة إلى الجماعات المتطرفة بأنه لا يأبه بمثل تلك الأفعال، وذلك سواء كان بقصد أو بدون قصد، أما في حال اهتمام الإعلام بالمذبحة من خلال التذكير الدائم بها وعمل لقاءات مع أهالي الشهداء والمصابين، ووضعتها الدولة في المناهج التعليمية فإن المواطن على العكس سوف يتعاطف مع القضية. واستنكر عدم اهتمام كتاب المسلسلات بتلك الأحداث، مضيفًا:" حادثة دنشواي اتعمل عليها فيلم، الشعب كله بكى والتف حول الوطن".