"يتعذر نقل المتهمين إلى المحكمة للدواعي الأمنية".. هكذا كانت ردود قوات الأمن المكلفة بالمتهمين فى عدد من القضايا السياسية على هيئة الدفاع، بعدما تكرر تأجيل الجلسات بسبب عدم نقل موكليهم إلى جلساتهم ، وهو ما دفع مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" لإقامة دعوى قضائية تحمل رقم 44468 لسنة 69 ق، أمس الأول الاثنين 6 إبريل، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة. واختصمت فيها كلاًّ من رئيس الجمهورية ووزير العدل ووزير الداخلية ورئيس مصلحة السجون؛ لصالح الطالب محمود محمد أحمد، وذلك طعنًا على امتناع وزارة الداخلية تحديد المقصود بمفهوم "الدواعي الأمنية"، وحصر الحالات التي تمنع الجهة الإدارية من إحضار المتهم من مقر محبسه، وكذلك تحديد المعايير التي توضح درجة الخطورة الأمنية التي يشكلها انتقال المتهم من محبسه لجلسات المحاكمة. وقال محامي المؤسسة حسن الأزهري صاحب الدعوى إن وزارة الداخلية استخدمت في الآونة الأخيرة مصطلح "الدواعي الأمنية" كمبرر لاستمرار الحبس الاحتياطي للمتهمين كأداة للقمع والتنكيل، الأمر الذي يعد بمثابة تخطي الضمانات الدستورية والقانونية التي كفلها المشرع للمتهم طوال فترة التحقيق، حيث خلت القوانين المنظمة من أي تعريف لمفهوم "الدواعي الأمنية" على الرغم من ذكرها في أكثر من موضع. وأكد محامي مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" أن الدعوى أقيمت باسم الطالب محمود محمد أحمد المحبوس احتياطيًّا لمدة تصل إلى 440 يوماً، ولم يستطع حضور جلساته فى أية مرة بحجة تعذر نقله لدواعٍ أمنية؛ مما يجبر قاضى الجلسة على تأجيلها لحين حضور المتهم. فيما استند الأزهري في الدعوى المقامة إلى المادتين 96 و92 من الدستور المصري، حيث تنص الأولى على أن "حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين ماليًّا وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم". وأضاف الأزهري أن الثانية تنص على أن "الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا. ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها". كما اعتبرت الدعوى إغفال حق المتهم في حضور جلسات تجديد الحبس إهدارًا للعديد من الضمانات والحقوق الدستورية. وأكد الحقوقي مهاب سعيد أن الموضوع مهم جدًّا؛ لأننا فى الآونة الأخيرة عاصرنا حالات كثيرة يتم الرد فيها بالتعذر ل "الدواعى الأمنية"، وهو مصطلح مطاط جدًّا ومظلته واسعة، فهذه النوعيات من الأسباب تجعل المحامى في حيرة عند الرد، لأنه مطلوب من الدفاع الرد على سبب عدم حضور المتهم ب: هل هو منطقي أم لا؟ فهذا المصطلح يجعلنا عاجزين عن الرد، بالإضافة إلى تأثير ذلك على زيادة مد الحبس الاحتياطي على ذمة القضية. وأضاف أنه من المفترض أن القاعدة الأساسية هي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وفى دول كثيرة من التى تحمي حقوق الإنسان بحق لا يحدث بها ذلك. فعلى سبيل المثال فى لندن لا يوجد شىء اسمه قفص اتهام، والأقفاص موجودة بالمحاكم الأثرية فقط، لكن فى مصر أصبحنا نضع المتهمين فى قفص زجاجى شفاف يصعب وصول الصوت منه إلا من خلال زر يتحكم فيه قاضي الجلسة، مشيرًا إلى أن هذه الدعوى تطالب بتحديد المقصود بالدواعى الأمنية وحصر الحالات التى تمنع من إحضار المتهم بنفسه وتحديد المعايير التي توضح درجة الخطورة الأمنية. وتابع أن "الأزمة تكمن فى أنه من المفترض ان تكون النيابة أحرص على المتهم من أي شخص آخر، ولكن فى الحقيقة موقف النيابة من هذا الموضوع سلبي جدًّا، وتتعامل معه كأنه إجراء روتيني وليس به أزمة"، وأضاف "نأمل من القضاء الإدارى إلزام الداخلية بتحديد المفاهيم والمعايير التى تقدر خطورة الموقف".