كالعادة، يحاولون استعادة صورة "ناصر" للاستفادة مما يحظى به من شعبية وحب واحترام، ليس في نفوس المصريين فقط، لكن في نفوس العرب جميعا، ثم ينقلبون عليه، كانت المرة الأولى، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عندما التصقت صورة السيسي، بصورة ناصر، في محاولة لتقديم السيسي، بصورة الزعيم الذي يحبو على طريق ناصر، وبمجرد انتهاء الانتخابات، جاءت كل القرارات والسياسات التي تبنتها السلطة الحالية لتثبت عداءها لكل ما تبناه ودافع عنه عبد الناصر، وعادت قنوات وصحف رجال الأعمال للهجوم عليه مرة أخرى. المرة الثانية، كانت مع قرار التدخل العسكري في اليمن تحت قيادة السعودية، حيث استدعي إعلام السلطة حرب اليمن في ستينيات القرن الماضي لمقارنة ما يحدث الآن بما حدث في الماضي، وبات من كان يستخدم "حرب اليمن" باعتبارها أحد منصات تشويه "ناصر" واتهامه بأنه ورط الجيش في اليمن، يدافعون عن قراراه الآن، في محاولة لتبرير تدخل مصر عسكريا في اليمن عام 2015، وإظهار الأمر بأنه دفاع عن العروبة، رغم الفرق الشاسع في الحالتين، حيث لا تجوز المقارنة من الأساس، فناصر اتخذ قرارا بالتدخل دفاعا عن الثورة اليمنية ضد الرجعية العربية المتحالفة مع الاستعمار العالمي، بينما التدخل الآن هو دفاع عن الرجعية العربية التي مازالت متحالفة مع الغرب، وإن اختلف شكل التحالف. يحاولون إظهار الرافضين للتدخل العسكري في اليمن بأنهم يهاجمون الجيش المصري، على الرغم من أنك عندما ترفض التدخل فإنك ترفض قرار السياسيين، ولا يعني ذلك أنك توجه نقدا للجيش الممثل في جنودنا وضباطنا. ويحاولون إظهارك عندما ترفض التدخل العسكري أنك تؤيد الحوثيين، على الرغم من أنك عندما ترفض الحرب بأوامر أمريكية لصالح الرجعية العربية، لا يعني ذلك أنك متماه مع الحوثيين وتقبل كل ما يفعلونه. يحاولون إظهارك بأنك تدافع عن إيران، ويقدمون طهران باعتبارها العدو الأول للعرب، ويحاولون استبدال العدو الحقيقي "الصهاينة" بإيران، واستبدال الحرب المقدسة لتحرير فلسطين بإغراق المنطقة في حرب "سنية –شيعية"، وعلينا أن نضع الخطر الإيراني في سياقه باعتباره تنافسا بين أمتين على المصالح، وأن غياب الدور المصري تحديدا هو من فتح المجال لطهران وأنقرة لتمدد النفوذ، فنحن لا نستهدف القضاء على تركياوطهران، بل نستهدف أن نمنع تمدد نفوذهم في الوطن العربي فقط. وفي النهاية، الصهاينة هم العدو الأول، وصراعنا معهم صراع وجود لا صراع حدود، أما نزاعنا مع إيرانوتركيا هو نزاع على النفوذ ينتهي باستعادة مصر لدورها العربي والإقليمي والدولي.