لايزال القطاع الصحي بمحافظة الغربية في تدهور مستمر، والذي يبدو أنه سيتفاقم، خاصة مع دلالات التمسك بالدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة والإبقاء عليه فى منصبه؛ ليبدو ذلك وكأنه إصرار من النظام الحاكم على معاداة ومعاندة المرضى الذين يفترشون الأرض أمام المستشفيات الحكومية؛ أملاً فى العلاج والحصول على صك الرحمة من قِبَل السادة المسئولين. وكرد فعل عكسي على تلك السياسة والممارسات، شهدت الفترة الماضية موجة من الغضب الجماهيرى وتصاعدًا خطيرًا في حوادث الاعتداء على الأطباء والأطقم الطبية والمستشفيات، تزايدت لحوادث مؤلمة، خاصة أن مستشفيات محافظة الغربية تعانى من مشاكل عديدة، أهمها تدهور الرعاية الصحية المقدمة للمرضى وتدني إنتاجية العمل والخدمة الصحية وعدم نظافة غرف المرضى، بالإضافة إلى وجود القمامة داخل الغرف والطرقات وانتشار القطط والكلاب بالطرقات، والاستهانة بأرواح البسطاء، وعدم توافر الأطباء بصالة استقبال المرضى. رصدت كاميرا "البديل" صور الإهمال الصحي المنتشر داخل مستشفيات الغربية، وكانت البداية من داخل مستشفى طنطا الجامعى، حيث يتواجد المرضى في كل مكان، يفترشون الأرض في انتظار توقيع الكشف الطبي عليهم، مع انتشار القطط بكثرة بالداخل وفي الطرقات، كما يتم احتجاز المواطنين في صالة الاستقبال؛ بحجة عدم توافر أسرّة لهم، مع عدم تواجد الأطباء لمتابعة الحالات. أما مستشفى المنشاوى العام، فمن حكم عليه القدر ودخلها، أيقن أنها مقبرة جماعية، تنبعث من المستشفى روائح تدل على مستوى النظافة بالداخل، وفي الغرف لا تجد على الأسرة ملايات، وإنما حشرات كالصراصير ، والتي انتشرت في العنابر وعلى الأطعمة والأدوية التي بجانب كل مريض، والتي وصل بها الحال إلى أن قال أحد المرضى "إحنا بنلاقي الصراصير ماشية علينا واحنا نايمين"! وعن الممرضين فحدث ولا حرج.. فقد حولوا المستشفى إلى "سبوبة"، الدفع مقابل الخدمة، ومن لا يدفع، فمصيره الإهمال التام، معللين ذلك بتردي رواتبهم، وأنها لا تكفيهم، رغم فقر وعجز الشريحة العظمى من المرضى. ودورات المياه منتجع الميكروبات ومنبع الروائح الكريهة، فأغلب أعمال السباكة تالفة، وبسببها تجد بركًا من مياه الصرف الصحي خارجة من أرضية الحمام، مخلفة الاتساخات والأحواض مليئة بالمياه الملوثة جراء غسيل أكواب الشاي وأطباق الأطعمة. وبجوار لافتة "ممنوع التدخين منعاً للإحراج" تجد أهالي المرضى والعاملين بالمستشفى يدخنون، دون تحذيرهم من الممرضين أو الأمن. وفى مستشفى حميات طنطا، والذي يوجد به مركز لعلاج مرضى الكبد من فيروس "سي" لا يستطيع المريض أن يدخل لتلقى العلاج بهذا المركز أو يواصل جرعات العلاج التى تستمر نحو 42 أسبوعًا دون المرور بعيادة أحد الأطباء المسئولين عن مركز الكبد بحميات طنطا. وفى كل مرة يتم تحصيل قيمة "الفيزيتا"، وإلا فلن يواصل المريض علاجه، الأمر الذى يضاعف من آلام المرضى وذويهم، خاصة إذا كانوا من قليلى الحيلة. أما المجمع الطبى للتأمين الصحي، والذى يقع بشارع البحر الرئيسى بطنطا، ويعد صرحًا معماريًّا وطبيًّا شامخًا، تكلف إنشاؤه أكثر من 70 مليون جنيه، فإنه يقف شاهدًا على تراخى المسئولين بوزارة الصحة وإهمالهم الجسيم؛ لعدم الاستفادة من إمكانات وأجهزة هذا الصرح الطبي، حيث ما زال يعمل بأقل من طاقته؛ بسبب عدم وجود الكوادر الطبية المدربة الكافية لتشغيل العديد من الأجهزة الطبية المتقدمة، والتى أوشكت على الصدأ فى أماكنها، بالإضافة إلى قلة أعداد هيئة التمريض؛ مما جعل التأمين الصحى يتعاقد مع عدد من المستشفيات الخاصة والجامعية على مستوى المحافظة. وما يزيد الطين بلة عدم وجود العديد من التخصصات الطبية الضرورية بمستشفيات التأمين الصحي؛ مما يعد إهدارًا للمال العام الذى أنفق فى بناء هذا المجمع الطبي وشراء الأجهزة الطبية التى لا تجد من يستخدمها حتى الآن؛ مما يترتب عليه مضاعفة معاناة آلاف مرضى التأمين الصحى بالمحافظة. والحال فى المستشفيات المركزية الأخرى بمراكز المحافظة الثمانية ليس أقل حظًّا من المستشفيات الحكومية، التى تعانى ضعف الإمكانات والعجز فى الكوادر الطبية المدربة. كل هذا الإهمال لم يلفت نظر المسئولين؛ لأن المعاناة هنا للفقراء الذين محتهم الحكومة من ذاكرتها، وفي ظل استمرار غياب الرقابة على مثل هذه المستشفيات وضعف موازنة الصحة في مصر، سيبقى الوضع على ما هو عليه، بل سيزداد سوءًا، خاصة مع الرضا عن وكيل وزارة الصحة، والذي في نظر الحكومة لم يقص في عمله. ومن جانبه قام سعيد مصطفى كامل محافظ الغربية بجولة تفقديه لمستشفى السنطة المركزى؛ للوقوف على حسن الأداء الطبى والعلاجى للمرضى، حيث تفقد جميع الأقسام الطبية المختلفة ومعامل التحاليل والصيدلية بالمستشفى، كما زار المرضى المحجوزين داخل الأقسام؛ للاطمئنان عليهم وعلى حسن تقديم الخدمة الطبية والعلاجية لهم، ثم قام بفحص الوجبات الغذائية التى تصرف للمرضى والاطمئنان على جودتها. بعدها عقد اجتماعًا بالمستشفى بحضور سامية محرز السكرتير العام للمحافظة والدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة بالغربية والمهندس محمود هاشم وكيل وزارة الإسكان بالغربية والمستشار العسكرى للمحافظة واللواء ممدوح هجرس رئيس مركز ومدينة السنطة؛ لبحث ودراسة إعادة بناء وتطوير الجناح القديم بالمستشفى على أحدث طراز والصادر له قرار إزالة؛ وذلك لتقديم الخدمة الطبية والعلاجية للمواطنين بشكل أفضل، وسوف تتم عملية البناء والتطوير على مساحة 1500متر بارتفاع 10 أدوار، تضم جميع التخصصات الطبية بتكلفة 40 مليون جنيه، بالإضافة إلى إصلاح مدخل المستشفى. وأصدر المحافظ توجيهاته لمدير المستشفى بضرورة الاهتمام بالنظافة العامة داخل المستشفى والأقسام ونظافة أراضى وحوائط المستشفى وضرورة الاهتمام بنظافة فرش الأسرة، وأن يتم عمل مذكرة بكل ما يحتاجه المستشفى وعرضها على وكيل وزارة الصحة. وأصدر توجيهاته لمأمور مركز السنطة بتدعيم نقطة الشرطة داخل المستشفى؛ وذلك لحماية المستشفى والطاقم الطبى. وأكد الدكتور أسامة شلبى رئيس المستشفيات الجامعية بالغربية أنه تم دعم مستشفيات وزارة الصحة على مستوى المحافظة بمبلغ 6.5 مليون جنيه، منها 3.5 مليون جنيه لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية التى يحتاجها المرضى و3 ملايين جنيه لصيانة الأجهزة والمعدات الطبية، مشيرًا إلى أن مستشفى الجامعة يخدم 5 محافظات، وعليه ضغط شديد مع ضعف الإمكانيات والأجهزة الموجودة.