يومًا تلو الآخر تتكشف أدلة جديدة عن العلاقات التي تربط الجماعات المسلحة والكيان الصهيوني، حيث اتضح حجم الدعم الذي يقدمه العدو الإسرائيلي للمعارضة السورية وجماعاتها المسلحة منذ بداية الأزمة السورية خلال العامين الماضيين على وجه التحديد. الحديث عن دعم إسرائيل وجيشها للجماعات المسلحة الموجودة في سوريا أمر ليس بجديد ولا يدعو للاندهاش بعدما اتضح للجميع خلال الفترة الأخيرة، لكن أن يأتي هذا الاعتراف صراحة على لسان مسئول بحجم وزير الدفاع "موشية يعالون"، فإن هذا يعني أن مرحلة التعاون والتنسيق بين تل أبيب والجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري وصل لمرحلة متقدمة، حيث قال "يعالون" إن المكان الوحيد الذي لا تستطيع فيه المقاومة تشكيل بنية تحتية لمهاجمة الكيان الصهيوني هي الأماكن التي تسيطر عليها تلك الجماعات المسلحة. تعدّى الدعم الإسرائيلي للجماعات المسلحة معالجة الجرحى وتقديم المعلومات الاستخباراتية لهم عن مواقع الجيش السوري وتوجيه "جبهة النصرة" وغيرها من الجماعات المسلحة الأخرى لإسقاط مواقع معينة بطريقة ممنهجة، بل وصل إلى قيام مروحيات ومدفعيات الجيش الإسرائيلي بقصف بعض مواقع الجيش السوري بعد كل هزيمة تتكبدها هذه المجموعات بهدف بث الأمل فيهم من جديد، فضلا عن تقديم المساعدات العسكريّة والأسلحة والعتاد، وقيادة عمليات التضليل الإعلامي وتأمين وحماية هذه الجماعات، وتضمن الدعم تدخل الطائرات والمدفعية الإسرائيلية مرات عديدة من موقعي "تل الفرس" و"تل أبو ندى" في الجولان المحتل، لاستهداف مراكز مدفعية وصواريخ للقوات السورية خلال المعارك مع الجماعات المسلحة، لاسيّما مقرّ "اللواء 90″ في منطقة "الكوم". أكدت عدة تقارير إعلامية مؤخرا أن بعض قادة المجموعات المسلحة وخاصة "جبهة النصرة" يحملون هواتف بأرقام خلويّة إسرائيليّة، وتشير معلومات أمنية، إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعمل بشكل حثيث على إعداد "قوائم أمنيّة" وخلق شبكات عملاء من عناصر الجماعات المسلحة، عبر تجنيد الجرحى الذين يعالجون في مستشفى "صفد"، بالإضافة إلى مستشفى "بوريا" قرب بحيرة طبريا، وآخرين في الأراضي المحررّة وقرى الجولان. أوضحت تقارير رسمية صادرة عن مراقبي الأممالمتحدة في هضبة الجولان المحتلة، وجود تعاون وتنسيق مباشر بين الجماعات السورية المسلحة والاحتلال الإسرائيلي، خاصة خلال العام ونصف الأخير، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال أقام مخيماً لاستيعاب عناصر تلك الجماعات، كما أشارت التقارير إلى الاتصالات الدائمة التي تجري على الحدود السورية بين ضباط كبار وجنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي وبين مسلحين من المعارضة السورية. وثق مراقبو الأممالمتحدة لقاء بين الجنود الإسرائيليين ومسلحين من المعارضة السورية، تم في 27 سبتمبر الماضي، حيث أوضح التقرير على أن الجنود الإسرائيليين قاموا بفتح الباب والسماح للمسلحين بالدخول إلى الجانب الإسرائيلي من الجولان، ولكن التقرير لم يؤكد على أن الذين دخلوا كانوا جرحى. العملية الإسرائيلية الأخيرة في القنيطرة التي تم خلالها استهداف عدد من كوادر "حزب الله" هي الأكثر وضوحًا على تدخل تل أبيب في الأزمة السورية، حيث أشارت بوضوح إلى أن من يقاتل في الجنوب السوري هو الجيش الإسرائيلي وليست الجماعات المسلحة فقط. حذر الرئيس السوري "بشار الأسد" مرارًا من أن الصراع في الجنوب السوري هو صراع بين الجيش السوري من جهة والمخطط الصهيوني ومشروع إسرائيل التوسعي في المنطقة من جهة أخرى، حيث قال "الأسد" إن إسرائيل تقدم الدعم للجماعات المسلحة في بلاده، معتبرًا أن سلاح الجو الإسرائيلي يشكل القوى الجوية الخاصة بهذه الجماعات، وأضاف في أحد اللقاءات مع مجلة "فورن أفيرز" الأمريكية، "إسرائيل تقدم الدعم للجماعات المسلحة في سوريا، هذا واضح تمامًا، فكلما حققنا تقدمًا في مكان ما، يقوم الإسرائيليون بالهجوم من أجل التأثير على فعالية الجيش السوري". العملية العسكرية النوعية التي يقودها الجيش السوري في المنطقة الجنوبية وتحديداً في ريفي درعا والقنيطرة، والتقدم في عدة محاور ودحر الإرهابيين واستعادة المناطق التي استولت عليها الجماعات المسلحة بمساندة إسرائيلية، كانت بمثابة صفعة قوية على وجه الاحتلال الصهيوني الذي كان يتخذ من الجماعات المسلحة حصنًا له، فخلال الأعوام الماضية تنفذ الجماعات المسلحة عمليات عسكرية وهجمات تخدم الجيش الإسرائيلي وتستهدف بنية الجيش السوري. رأت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن للمعركة الجارية حالياً في الجولان أهمية كبيرة من ناحية إسرائيل، فهي خطوة مهمة تجاه منع إقامة حزام أمني في الجولان يحمي ظهر إسرائيل، واعتبر موقع "القناة الثانية" الإسرائيلية أن هذه المعركة ستقرر ما إذا كان الإيرانيون سيحولون الحدود في الجولان إلى جبهة مفتوحة لشن عمليات ضد إسرائيل، وأشار الموقع إلى أن هجوم الجيش السوري في القنيطرة يهدف إلى استعادة السيطرة على خط الحدود مع الجولان المحتل.