أعلن "ألمايهو تجنو" وزير المياه والطاقة الإثيوبي، أن سد النهضة مشروع قومي لبلاده، وأنها لن تطلب الإذن من أحد لبناء السدود والقيام بمشاريع إنمائية"، وأن الاتفاقيات الثنائية التي تمت بين مصر والسودان، وتم بناء عليها توزيع الحصص بينهما لم يكونوا طرفًا بها ولن يلتزموا بها، هذا بجانب أن اتفاقية 1929 كانت بين مصر وبريطانيا ولا تعنيهم أيضًا، موضحًا أن كلا الاتفاقيتين لم يوقعوا عليها، ولا يوجد قانون يلزمهم بها. فيما أقر الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه بجامعة القاهرة، أن اتفاقية 1929 بين مصر ودول منابع النيل الأبيض فقط (كينيا وتنزانيا وأوغندا)، وأن اتفاقية 1959 بين مصر والسودان وهي خاصة بالسد العالي وتوزيع المياه بعد استقطاب مياه الفيضان وعدم فقدانها، إلَّا أنه كشف النقاب عن اتفاقية أديس أبابا لعام 1902، بين بريطانيا نيابة عن مصر والسودان وفي حضور ممثلين عنهم، وإيطاليا نيابة عن الحبشة (إثيوبيا واريتريا لاحقًا)، وفي حضور ممثلين عنهم، وتعهد الإمبراطور منليك الثانى ملك ملوك إفريقيا في الفقرة الثالثة من الاتفاقية لبريطانيا بعدم بناء أو السماح بقيام مشروع على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، من شأنه إيقاف إيرادها أو تصريف مياهها في نهر النيل إلَّا بالاتفاق مع بريطانيا وحكومة السودان المصرى الانجليزي، في المقابل تنازلت مصر عن إقليم بني شنقول جوميز والتي كانت تعود ملكيته آنذاك لدولة مصر والسودان الذي يقام عليه سد النهضة حاليًا لإثيوبيا مقابل عدم اعتراض المياه، ثم وقعت اتفاقية لندن عام 1906 بين بريطانياوبلجيكا، حيث تعهدت بلجيكا مالكة الكونجو بعدم إقامة منشآت من شأنها تخفيض المياه التي تصب فى بحيرة البرت إلَّا بالاتفاق مع حكومة السودان المصري الانجليزي، مؤكدًا أن اتفاقيتي 1902 و1906 أعطت حق الفيتو لمصر على أي مشروع يخص نهر النيل بدولتي إثيوبيا والكونجر (زائير سابقًا). وأكد نور الدين أن ادعاءات إثيوبيا بأنه لا توجد اتفاقيات تنص على عدم إقامة أي منشآت من شأنها الإضرار بحصة مصر من المياه كلها مغرضة والاتفاقيات موثقة، وهم يهربون منها لأن هذه الاتفاقيات لا تمنع إثيوبيا من الاستفادة من النهر، مشيرًا إلى أنه إذا خالف الجانب الإثيوبي الاتفاقية فعليهم أن يعيدوا إقليم بني شنجول جوميز إلى مصر والسودان، وأن يعلنوا إلغاء الاتفاقية أولًا؛ لأنها معتمدة من الملك ومن مجلس الشورى (مجلس الشعب). فيما قال هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: إثيوبيا تتخذ كزريعة إنكارها لاتفاقية 1902 بأن الإمبراطور الإثيوبي آنذاك قد وقَّعها بصفه شخصية ولم يكن ممثلًا عنها، وأن الجزيرة التي تنازلت عنها مصر في مقابل هذه الاتفاقية من حق السودان فقط المطالبة بها؛ لأن الإقليم تم فتحه عبر الإدارة السودانية "السودان المصري" والذي استقل عام 1956 عن مصر، إلَّا أن السودان تواطأت وتحالفت مع الجانب الإثيوبي ضد مصر. وأضاف أن مطالبتنا بالحفاظ على حصتنا من المياه سيتم بناء على الحق التاريخي لهذه الحصة التي امتدت عبر القرون وأصبحت حقًّا ثابتًا؛ لأنها أساس الحياة في مصر، في حالة تدويل القضية، بجانب تمسكنا باتفاقية الأممالمتحدة لعام 1997 والتي وقع عليها كل من إثيوبيا ومصر وتنص على تطبيق القواعد القانونية الدولية، باعتبار أن النيل الأزرق نهر دولي ولا يجب إقامة أي سدود عليه قبل الإخطار المسبق لجميع الدول المشتركة، إلَّا أن إثيوبيا تتخذ قرارات منفردة ومستندة لمبدأ الاستخدام المنصف والعادل، دون النظر إلى مبدأ عدم الضرر الذي تنكره إثيوبيا، متحججة بأن سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر من المياه، لافتًا إلى أن الدراسات التي سيقوم بها المكتب الاستشاري سيثبت عكس هذا الرأي. وأوضح رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل، أن سد النهضة من شأنه التحكم في تدفقات نهر النيل والتحكم في الطاقة التي سيتم توليدها من السد، مما يزيد من الوزن الاستراتيجي والسياسي لإثيوبيا، وتتحول إلى دولة إقليمية كبرى في القرن الإفريقي، على حساب مصر التي سيتم إضعافها عبر إثيوبيا، ويتضح ذلك جليًّا في موقف الجانب السوداني مع مصر، موضحًا أن إثيوبيا ستتخذ "الإنماء والإكراه" سلاحًا يستخدم وقت اللزوم ضد الدول الإفريقية، بدلًا من السلاح النووي في المرحلة المقبلة.