سلسلة من الزيادات في الأسعار والضرائب، تتخذها حكومة المهندس إبراهيم محلب، تحت ذريعة، وجود فجوة تمويلية بميزانيتها العامة، مع استمرار تحميل تبعات تلك السياسيات على الفقراء ومحدودي الدخل، مقابل عدم الاقتراب من الفئات الأكثر غني، ليستمر معها معاناة محدودى الدخل. بدأت تلك السياسيات بإعلان الحكومة زيادة مرتقبة في أسعار المواد البترولية، اعتبارا من أبريل المقبل، ضمن توجهاتها لرفع الدعم البترولي من الموازنة بما يساوي ربع الإنفاق الحكومي علي ذلك البند، ليؤدي هذا الأمر لارتفاع كافة السلع والخدمات التي تمس محدودي الدخل، سواء المواصلات أو المواد الغذائية أو الخدمات العامة، بغض النظر عن تراجع أسعار النفط عالمياً والذي وفر مبالغ تقدر بملايين الجنيهات للحكومة المصرية، كانت موجهة لشراء المزيد من الوقود لتدبير احتياجاتها منه. في الوقت نفسه أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساء أمس الأحد، قرارا برفع أسعار الضريبة علي مبيعات السجائر ومواد التبغ، بواقع 50%، علي المنتجات المحلية والمستوردة، ليزيد ذلك من ثمنها. يقول حلمي الراوي، مدير مرصد الموازنة وحقوق الإنسان، إنه لا يمكن إنكار تأثير زيادات الأسعار المستمرة علي الطبقتين محدودي الدخل والمتوسطة، مشيراُ إلي أن المواطن البسيط دوماً مطحون في كل وقت وعلي مدار العصور والعهود المختلفة مهما اختلفت السياسيات، فالاتفاق علي إفقاره واستمرار معاناته مستمر. وأشار "الراوي" إلي أن استمرار تلك السياسيات ينذر بتآكل الطبقة المتوسطة واختفائها خلال السنوات القليلة المقبلة، وبقاء الفجوة مستمرة بين طبقتي الأغنياء والفقراء، مؤكدا أن كل هذه الأحداث تعني استمرار نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، رغم ما مرت به البلاد من ثورتين شعارهما «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية». واتهم "الراوي" الحكومة بأنها لا تؤدى دورها تجاه المواطنين، خصوصا الفئات الأولي بالرعاية، موضحاً أنها لا تستخدم الحل الأمثل لاستغلال الموارد المتاحة وتحميل الفئات الأغني لمسئوليتها بدلاً من تصدير الأزمات للفقراء وحدهم، علي حد قوله. وأضاف "الراوي" أن اعتزام الحكومة رفع أسعار السلع الأساسية وخصوصا المواد البترولية والطاقة، يعد أول الخيط في سلسلة لا تنتهي من الزيادات في أسعار السلع التي تمس محدودي الدخل، بداية من تكلفة المواصلات العامة والمواد الغذائية كالخضروات والخبز، نظراً لرفع تكلفة نقل تلك المنتجات. وأوضح أن الحكومة تترك الفقراء للتجار الجشعين، في ظل عدم وجود جهاز رقابي علي الأسعار من جانب الدولة، مشيرا إلي أن التجار من يحملون المستهلك النهائي والممثل في محدودي الدخل، التكلفة النهائية للسلعة، مطالبا الحكومة بالتدخل فورا لإعادة هيكلة الأجور والقطاعات الاقتصادية واستغلال الموارد بصورة أمثل وبشكل أكثر فاعلية ورشادة، وحسن إدارة المال العام، بدلا من تكبيد الفقراء لأعباء لا طاقة لهم بها، وتصدير الأزمات فقط. من جهته، توقع الدكتور رائد سلامة، عضو مجلس أمناء التيار الشعبي والخبير الاقتصادي، ارتفاع أسعار النقل والمواصلات خلال الفترة القليلة المقبلة، موضحاً أن سائقي سيارات الأجرة "الميكروباص"، سيتحايلون علي الركاب من الطبقات الفقيرة ومتوسطة الدخل لزيادة تعريفة الركوب بأكثر مما ستحددها الحكومة، ووفقا للمسافات التي يحددها السائق من باب تقسيم "المشوار" لتحقيق مكسبا أكبر. وأكد "سلامة" أن الزيادات المتوقعة للأسعار سترفع قيمة كل شيء بداية من "الفول" كطعام للفقراء، ليشمل ذلك باقي السلع مع تقليل كميتها إذا كانت المصانع والشركات ستبيع منتجها بنفس الثمن، للتهرب من أداء الزيادات الضريبية. وأشار "سلامة" إلي أن الحكومة ستعمل خلال الفترة المقبلة علي زيادات الدخول، لكن تلك الزيادات ستكون شكلية، نظراً لالتهام ارتفاع الأسعار أية زيادة في مستوي الدخول، مما يزيد من معدلات التضخم واستمرار معاناة وفقر المواطنين.