في الوقت الذي تخوض فيه نيجيريا حربًا مع جماعة بوكو حرام الإرهابية في مساحات واسعة من أراضي البلاد، تستعد الدولة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتي تمثل تحديًا أمنيًا كبيرًا خاصة بعد التهديد بمقاطعتها نظرا لتأجيلها إلى شهر مارس المقبل. ظل المسؤولون في حكومة الرئيس غودلاك جوناثان يطالبون بتأجيل الانتخابات لأسابيع بحجة أن المفوضية ليست مهيأة بعد لإجرائها بسبب انشغال قوات الأمن في قتال جماعة بوكو حرام، الأمر الذي لن يمكنها من تأمين سلامة الناخبين. وقال رئيس اللجنة الطاهرو جيغا إن قادة الجيش أبلغته حاجتها إلى التركيز على العمليات التي يخوضونها لإلحاق الهزيمة بجماعة «بوكو حرام» في غضون ستة أسابيع، وبناء عليه «لن يكون قادراً على توفير الدعم التقليدي» أثناء الانتخابات في فبراير، هذا التأجيل آثار حفيظة المعارضة وربما يشعل قلاقل في معاقلها مثل العاصمة التجارية، لاغوس ومدينة كانو ثانية أكبر المدن النيجيرية، وردا على ذلك، وصف حزب المعارضة «مؤتمر كل التقدميين» هذا التطور بالتراجع الكبير للديموقراطية في نيجيريا وبالقرار الاستفزازي. وعادة ما تتسم الانتخابات في نيجيريا بالعنف، فقد لقي العديد من الأشخاص حتفهم بالفعل في اشتباكات عقب انتخابات عام 2011 التي فاز فيها الرئيس الحالي جوناثان على الحاكم العسكري السابق محمد بوهاري، حيث قُتل نحو 800 شخص في شمال البلاد ذي الغالبية المسلمة. وستشهد هذه الانتخابات مواجهة ثانية بين جوناثان الذي ينحدر من قبيلة صغيرة في الجنوب، وبين بوهاري القادم من الشمال والذي ينتمي لحزب المؤتمر التقدمي، ويرى محللون أن الانتخابات هذه المرة ستشهد تنافسا حاميا حتى إنه لا يمكن التنبؤ بالفائز خاصة بعد أن شكلت أحزاب المعارضة لأول مرة تحالفا بقيادة بخاري. ويأمل النيجيريون الذين لا يتخلون عن الأمل في أن يكون الاقتراع هذا العام مختلفاً، وأن هذه المرة ستكون الانتخابات سليمة، والتي شابها العديد من الشكوك حول تزويرها في المرات السابقة، لوهلة بدا أن الواقع يبتسم، فللمرة الأولى منذ 1999، اتحدت أحزاب المعارضة وراء مرشح رئاسي واحد هو الحاكم العسكري السابق محمدو بوهاري. بعد أسبوعين من حملات المرشحيْن، أظهر استطلاع للرأي أن بوهاري والرئيس الحالي غودلاك جوناثان، يحوزان نسبة التأييد ذاتها تقريباً، ويعرف النيجيريون عادة الفائز في الانتخابات الرئاسية قبل أشهر من التصويت، لذلك كانت [نتائج الاستطلاعات] تغييراً منعشاً، كانت ديموقراطية حقيقية. وعند الأخذ في الاعتبار التغطية الإعلامية الكثيفة لهجمات «بوكو حرام» متزايدة الوقاحة في شمال شرق نيجيريا، تسع المراقبين الدوليين رؤية مبرر للإرجاء في نهاية المطاف، لقد أُرغم 1.5 مليون إنسان على ترك منازلهم بسبب العنف، ولن يكونوا قادرين على الأرجح على الإدلاء بأصواتهم. وإجراء انتخابات وسط حركة تمرد ليس بالأمر المثالي، لكنه لن يكون أمراً مستحدثاً أيضاً. وعلى رغم نصيبها من انعدام الأمن تدبرت أفغانستان أمر إجراء انتخابات رئاسية نزيهة في العام الماضي، الأمر ذاته فعلته أوكرانيا التي تمزقها الحرب، حتى العراق المبتلى بتنظيم الدولة الإسلامية نظّم انتخابات برلمانية في 2014.