بعد مرور ما يقرب من نصف العام على إنشاء التحالف الدولي بقيادة أمريكا لمهاجمة تنظيم داعش الإرهابي في العراقوسوريا، تأكد للجميع فشل التحالف في القضاء على التنظيم، ليستدعي ذلك الدخول في حرب برية جديدة بالعراق، لكن هذه المرة قد تشارك فيها دول عربية وعلى رأسهم الأردن بعد حرق الكساسبة. أشار الجنرال الأمريكي جون آلن منسق التحالف الدولي أن هجوما بريا وشيكا واسعا سيبدأ قريبا في العراق ضد داعش بإسناد من قوات التحالف التي تضم 62 دولة، مؤكدًا أنه عندما تبدأ القوات العراقية في الحملة البرية لاستعادة العراق ستقوم قوات التحالف بتقديم الإسناد لها. ويرى محللون أن شن حرب برية جديدة يعني بالضرورة بقاء قوات أجنبية في العراق، كما حدث في الغزو الأمريكي على العراق عام 2003 الذي أحدث شرخًا كبيرًا في المنظومة العراقية وعزز من وجود التنظيمات الإرهابية، وتفكر القيادة الأمريكية في استقطاب الدول العربية وعلى رأسها الأردن خاصة بعد إعدام الكساسبة لتشرع حربًا برية في العراقوسوريا تحت غطاء عربي ودولي. أوضح ألن "قمنا بإنشاء أربعة معسكرات في الأنبار، والتاجي، وبسمايا، واربيل، تقدم فيها قوات التحالف تدريبا للقوات العراقية التي ستصبح جزءًا من القوات التي تقوم بالهجوم المضاد"، وتؤكد معلومات أمريكية أن الأردن والسعودية ودول عربية أخرى قد تشارك في الحملة البرية بالعراقوسوريا في محاولة لتدمير التنظيم، ولكنهم ينتظرون انضمام القوات الأمريكية لهم. جدل في الكونجرس يتزامن ذلك مع تصاعد الجدل في الولاياتالمتحدة حول ما إذا كان يجب إرسال قوات أمريكية برية للقتال في سورياوالعراق في الوقت الذي تستعد فيه إدارة أوباما لإرسال طلب إلى الكونجرس للحصول على تفويض باستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، وقد دعا صقور الكونجرس مثل غراهام منذ فترة طويلة لإرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى العراقوسوريا لمساعدة القوات المحلية على مكافحة «داعش» كما طالب غراهام بإرسال 10 آلاف جندي أمريكي لأن العنصر الأمريكي ضروري للقتال جنبا إلى جنب مع القوات العراقية والقوات الكردية. أبدى الديمقراطيون المتأثرين بالحرب على العراق والقلقين من تدخل عسكري جديد في الشرق الأوسط اعتراضهم على حرب برية ضد داعش حيث قدموا نص في ديسمبر الماضي عارضه جميع الأعضاء الجمهوريين يمنع الرئيس الأمريكي من نشر قوات مقاتلة على الأرض على نطاق واسع ضد "داعش"، ويحدد مدة العملية بثلاث سنوات. الأردن لن تحارب «داعش» بمفردها من جهة أخرى تشهد الأردن زخما شعبيا كبيرا ينقسم إلى جبهتين، الأولى تدعم وتطالب بتدخل عسكري وزيادة حجم المشاركة في التحالف الدولي وشن حملة برية على داعش حتى إذا كانت برية، وأخرى تطالب بالانسحاب من التنظيم وربما قلت الأخيرة صوتها بعد مشهد إعدام الكساسبة . تدرك القيادة الأردنية جيدًا أن خوض حرب برية ضد داعش هو قرار ليس أردنيًا أو مؤثرًا به بمفرده بالدرجة الأولى، وإنما هو قرار مجتمع دولي أو قوى كبرى، وأن الأردن لن يستطيع الذهاب لأي عمل بري قبل أن يكون هناك تحالف دولي يدعم هذا الخيار، لأن حرب أردنية فردية برية على داعش غاية في التعقيد ميدانيا، وتحتاج إلى إمكانيات غير تقليدية لمواجهة حرب العصابات، وخاصة حجم العمل الاستخباراتي وكشف الجغرافيا، وهذا الشيء غير متاح حاليا نظرا للتعقيدات على الأرض . استوعب صاحب القرار الأردني أن الرد على الجريمة البشعة، سيأتي بما هو متاح ؛ وجرى الحديث عن ضربات جوية مركزة ودسمة ضد داعش، على أن يعطى الأردن بها دور وحجم نصيب الأسد، لتقديم ما يساعده أمام الرأي العام الغاضب المتعطش للثأر على جريمة إحراق الطيار معاذ الكساسبة، بالإضافة إلى أعمال برية نوعية تقوم على فكرة الإنزال المحدد لتنفيذ أهداف محددة، كأعمال اختطاف قادة داعش وأسرهم أو تنفيذ أعمال قوية ضد مفاصل مهمة في هذا التنظيم تؤلمه وتضعفه إلى حد بعيد، وتحقق رضا وهدوء الشارع الأردني تجاه هذا الحدث.