في منطقة القباري إحدى أقدم المناطق فى محافظة الإسكندرية عروس البحر المتوسط، اكثر المحافظات جمالًا في مصر، تقع منطقة طابية صالح او كما يطلقون عليها أهلها "جبل مهران" وهى "عشش سكانية" فوق قمة تل يوجد اسفله على حسب قول الأهالي آثار يعيش في هذه المنطقة أكثر من 1000 أسرة، المباني عبارة عن غرف فوق بعضها كل اسرة تعيش داخل غرفة،وقد تجد أسرتين فى غرفة واحدة وكل ثلاثة اسر لهم دورة مياه واحدة عبارة عن غرفة يتم حفر مقعد "المرحاض" في منتصفها وبجواره "طشت" المياه. المياه لم تدخل المنطقة منذ 50 عام، فهم يعتمدون على صنبوران مياه فى الشوراع الرئيسة خلف المساكن الشعبية بمنطقة القباري، وعلى الرغم من كل ذلك كانت تعيش الاسر فى سلام راضين بحالهم حتى انفجرت ماسورة مياه، نتجية التنقيب عن الاثار وهنا بدءت ازمتهم من وجهة نظرهم، وهى النوم فى الشارع بلا مأوي. سماح يمنى (29سنة) ان منطقة طابية صالح لم تدخلها المياه منذ خمسون عامًا، فمنذ ميلادها بإحدى العشش حتى مولد أبنائها وإلى الآن لم يشهدوا دخول قطرة مياه إلى محل سكنهم، وتقول انها انجبت اطفالها بعد 8 سنوات من زوجها فهى لما يتبقى لها شىء غيرهم،وتحمل سماح نجلتها منذ حادثة انفجار ماسورة مياه الشرب أسفل الأرض يوم الأربعاء الماضي وحتى الآن خوفًا عليها من أن تسقط صرعى أثناء اللعب. فتذهب الى الشارع لانه امن عليه ومن عششهم، وتنام بيهم هى ابنائه 4 سنوات، وبنتها التى لم تبلغ العام. ليس من المستغرب داخل منطقة طابية صالح الجديدة بمنطقة القباري بالإسكندرية أن تخرج بابتكارات صنعها الفقر، فنجد سماح يمني استحدثت وسيلة جديدة لضبط إشارة القناتين الأولى والثانية باستخدام غطاء حلة وشوكة موصل بالتلفاز عن طريق سلك، بينما تجد أن غسالة أطباق هؤلاء الفقراء عبارة عن صنبور مثبت في برميل مياه وأسفله "طشت" بينما في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الرخام، لجأ سكان تلك العشش إلى وضع ألواح من خشب الأبلكاش أسفل الغرف ظنًا منهم أنها ستمنع تسلل الفئران إليها "تعالى معايا يابنتى عشان تشوفى حالنا " هكذا بدء حديثه مع الحاج محمد احمد ، صياد سمك "60″ عام ويسكن هو واسرته واسر اولاده فى المنطقة منذ 50 عام، فحجرته مكونة من خزانة للملابس وعلى بداية الغرفة تحفة مكتوب عليها "ماشاء الله" منعًا للحسد ، وعند دخول الحجرة يرفع ساتر على الحائط لاترى المفاجاة الحائط مليء بالحشرات، وعلى حسب قولها هناك ايضًا ثعابين غير وجود الفئران. وهنا حجرة سامية محمود، 30 عام "لسه عروسة" فتسكن فوق حجرة "سماح" وبجوار الحمام الذى يستخدمه 3 اسر، وامام حجرتها منشر للغسيل، ويربط بينها وبين غرفة سماح سلم ليس له جدار. وقالوا أحد المواطنين وضع على الطريق صنبور كصدقة جارية كان بالنسبة لهم طوق النجاة من الهلاك، فتتسارع عشرات الأسر من أجل الحصول على المياه، مؤكدة ان أطفالها الثلاثة يشربون خلال عشرة أيام زجاجة مياه واحدة، فضلاً عن إصابة أطفال المنطقة بأمراص الصدر والكلى والثقب في القلب، وغيرها من الأمراض الناجمة عن التلوث والإهمال. وعندما ياتى الليل يقوموا سكان المنطقة باشعال النيران للتدفئة ويقوموا الاطفال بالالتلاف حول النيران واللعب بيها، وعلى الرغم من الخوف عليهم من البرد انهم كل ما يتمنه هو حياة كريمة وليس اكثر.. وقال احدي المواطنين وهو يشرب الشاى بجوار النيران إلى ان مسئولي حي غرب طالبوهم بإخلاء المنطقة لاعتبارها من المناطق الأثرية، على أن يتم تعويضهم بتوفير وحدتين لكل عشة، مضيفة:" هننام فين، في النهاية كل واحد قاعد في أوضة بنقفل علينا البيت لكن 5 أسر إزاي هيقعدوا في شقتين ويتقفل عليهم بابين بس". ويقول:" بنتفرج على التليفزيون ونتحسر على بختنا، كمان ولا أكل نضيف ولا نومة نضيفة ولا سقف".