اجتماعات في القاهرة استمرت لثلاثة أيام، ونظيرتها في موسكو تدخل يومها الثاني، إلا أنه لايزال هناك تباين في الآراء بين مختلف أطياف المعارضة، ولاتزال عاجزة عن لم شتاتها والخروج بسياسة موحدة إزاء حل الأزمة، فبيان جنيف يخيم على خطابها السياسي بينما الواقع الميداني في سوريا يفترض جلوس المعارضة في الداخل والخارج مع النظام للبحث عن حل سوري سوري بعيدا عن لغة السلاح. أكد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" أنه سيلتقي ظهر الأربعاء ممثلي قوى المعارضة والحكومة السوريتين الذين يشاركون في لقاء موسكو التشاوري، كما سيشارك في اللقاء أيضاً مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية "ميخائيل بوغدانوف" ومنسق اللقاء التشاوري مدير معهد الاستشراق الروسي البروفيسور "فيتالي نعومكن". أبلغت الحكومة السورية موسكو أنّ وفدها سيكون برئاسة المندوب السوري لدى الأممالمتحدة "بشار الجعفري"، وسيرافقه مستشار وزير الخارجية "أحمد عرنوس"، والمحامي "أحمد كزبري"، والمحامي "محمد خير عكام"، و"أسامة علي" من مكتب وزير الخارجية، و"أمجد عيسى" والسفير السوري في روسيا "رياض حداد". يأتي ذلك في وقت يواصل فيه ثلاثون معارضاً سورياً مشاوراتهم في موسكو في محاولة منهم لإيجاد صيغة مشتركة قبل اجتماعهم بوفد السلطة السورية، فعلى مدار ثلاثة أيام اجتمع في القاهرة ممثلون عن أطراف المعارضة السورية في الداخل والخارج، بهدف توحيد مطالبهم قبل مؤتمر موسكو، وإن كان البيان الختامي لهؤلاء قد أشار إلى إمكانية التفاوض مع النظام السوري، إلا أنه وضع بيان جنيف كمرجعية أساسية لبدء أي حوار. لقاء موسكو الذي يحمل صفة لقاء تشاوري بعدما انخفض سقفه عن حوار ومفاوضات، يغيب عنه "الائتلاف السوري" بحضور شخصيات من معارضة الداخل وقياديين في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وهيئة التنسيق وآخرين، وأطلقت روسيا على الاجتماعات تسمية "منتدى" حيث لا جدول أعمال بها، بل لقاء يمهّد لحوار قد يجري لاحقاً في موسكو أو في دمشق، وفق ما يتفق عليه المجتمعون. بالرغم من بدء مباحثات موسكو بين أطراف المعارضة، إلا أن مواقف المعارضة حول المشاركة في مؤتمر موسكو لا تزال بين موافق ومعارض، فالبعض يراها "حليفًا للنظام السوري"، وآخرون يقولون إن الدعوة فرصة لبدء مرحلة انتقالية جديدة، خاصة بعد أن ساهمت الجماعات المسلحة في إضعاف موقف المعارضة بشكل عام. في موازاة ذلك، قال الرئيس السوري "بشار الأسد" في مقابلته المنشورة في مجلة "فورين أفيرز"، "ذاهبون إلى روسيا وسنتفاوض، لكن هناك سؤال آخر هنا، مع من تتفاوض؟، الأشخاص الذين ستتفاوض معهم من يمثلون؟"، وأضاف "الأسد"، إن "مشكلتنا في الأزمة الراهنة أن علينا أن نسأل عن نفوذ هذه الأطراف على الأرض، عليك أن تعود إلى ما أعلنته الجماعات المسلحة عندما قالت مراراً إن هذه المعارضة لا تمثلنا، وعليه ومن الناحية العملية فإذا أردت أن تجري حواراً مثمراً ينبغي لهذا الحوار أن يجري بين الحكومة وهذه الجماعات المسلحة،"، واعتبر الرئيس السوري أنّه "لا يمكن أن تكون معارضة إذا كانت مجرد دمى في أيدي قطر أو السعودية أو أي بلد غربي، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، أو تتلقى أموالاً من الخارج". وسط تخبط المعارضة وحالة الإحباط التي تسود الاجتماعات سواء من جانب المعارضة أو النظام، يبرز على الساحة تبدل الموقف الغربي على ضوء المعطيات الجديدة على الأرض، فالصحف الأمريكية التي كانت حتى الأمس القريب لا ترى أي حلّ للأزمة السورية سوى بإسقاط نظام "الأسد"، بدأت تشكك في تلك الأولوية، ورأت أن انهيار النظام السوري الآن هو أسوأ ما يمكن أن يحصل للمصالح الأمريكية، إذ ستفقد سوريا آخر ما تبقّى لها من مؤسسات تابعة للدولة مما سيفسح المجال أمام "داعش" والتنظيمات المتطرفة الأخرى لتتوسّع وتنتشر. ليست المرة الأولى التي تلتقي فيها الجهود لجمع أطراف الأزمة السورية على طاولة الحوار، فسبق أن التقيا الطرفان لقاءان سابقان في جنيف اصطدما بحائط مسدود على ضوء خلافات حول أولويات النقاش، ممثلو الحكومة طالبوا بمنح الأولوية لمحاربة الإرهاب، فيما تمسك ممثلو المعارضة بتأليف حكومة انتقالية قبل طرح أي بند آخر، لكن يبدو أن الأمور تأخذ اتجاه آخر هذه المرة فالمبادرة الروسية تحظى برضا غربي، وهو ما قد يجعل المعارضة لديها شيء من التفاهم ويعقد الآمال على أن تفتح المبادرة بابا لتسوية الأزمة السورية.