«سيظل التاريخ يحفظ لرجال الشرطة دورهم في إرساء قواعد الأمن والأمان والحفاظ على حقوق الإنسان».. كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الحفل الذي أقيم بمناسبة عيد الشرطة وحضره اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، والمستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية السابق، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعدد من الوزراء. ينهى "السيسى" بكلماته آمال وطموحات ثورة يناير، ويقوض فرص تصحيح الأمور الأمنية فى المجتمع المصري، فالمتابع للشارع المصري عقب أحداث 30 يونيو، يجد أن وزارة الداخلية ورجال الشرطة عقب حملهم علي الأعناق من قبل الثوار، أدركوا بالخطأ أنه تصريح لعودة استخدام العنف والقوة في التعامل مع المواطنين بحجة إعادة الأمن والاستقرار، الفزاعتان التي تلجأ إليهما النظم الحاكمة في إخضاع شعوبها وجعلها تمتثل للأمر. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، يتوجب على الأجهزة الشرطية تأدية أعمالها بما يتفق مع القانون، بحيث لا يجوز اعتقال شخص دون سند قانوني وبناء على أمر قضائي مسبب، ولا يجوز لها اعتقال أي شخص دون إتاحة الفرصة له للاتصال بمحاميه على أن يكون مخالفة ذلك تحت طائلة البطلان والملاحقة في حال إذا خالفت الأجهزة الشرطية هذا المبدأ، كما يجب عليهم أثناء قيامهم بواجباتهم، احترام الكرامة الإنسانية وصونها، والمحافظة على حقوق الإنسان لكل الأشخاص ورعايتها كون حقوق الإنسان المشار إليها محددة ومحمية بالقانون الوطني والدولي. وفي مصر وبالنظر لطبيعة العمل الشرطي، سنجد أنه بتطبيق هذا المبدأ، سيتم ملاحقة جميع قيادات الداخلية وأفرادها؛ كونهم لا يحترمون كرامة الإنسان المضبوط، بل علي العكس لا يتعاملون معه باعتباره إنسان، مبررين الأمر بالحفاظ علي الأمن والأمان. ومع الانتهاكات التي ترتكبها الداخلية خلال الفترة الأخيرة، وبعد خطاب "السيسي" في عيدهم، فإن الأمر يعد بمثابة تصريح لاستكمال مهامهم علي النحو السابق في التعامل بقسوة وعنف، ما قد يساهم في تفاقم الوضع المشتعل بين القوي السياسية والثورية وبين النظام، خاصة مع اقتراب الذكري الرابعة لثورة يناير، ولعل حالات اغتصاب فتاة في سيارة الشرطة بمنطقة الساحل، ومقتل طفل في قسم شرطة سيدي جابر، والاعتداء على 4 محامين وصحفي في منطقة دار السلام، ومشادات بين الأهالي وأفراد للشرطة بمنطقة كورنيش المعادي بعد تعدي عناصر شرطة علي شاب بالضرب في الشارع، ومقتل مواطن علي يد أمين شرطي في قسم إمبابة، ومحاولة اغتصاب زوجات المساجين فى السويس، أبرز دليل علي انتهاك الشرطة لحقوق الإنسان. يقول محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن حديث "السيسي" عن حفاظ الشرطة على حقوق الإنسان، أمر مثير للدهشة، مضيفا: «في الفترة الأخيرة، شهدنا انتهاكات كثيرة للحقوق والحريات من جانب الأمن في خلال اعتقال متظاهرين دون وجه حق، واستخدام القوة المفرطة في بعض الحالات، بل ووصل الأمر إلي حالات اغتصاب من جانب أفراد أمن لفتيات». وطالب "زارع" رجال الشرطة بمراجعة الفهم الخاطئ لدورهم في المجتمع، الذي ينطوي علي حماية أفرادها من الجريمة، وأيضا معاملة المتهمين بآدمية، مشيراً إلي أن ثقافة البطش المتوارثة لديهم من القيادات السابقة فى الوزارة، ساهمت في تردي الأوضاع. كما طالب رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، الرئيس السيسي والدولة بإعادة هيكلة وزارة الداخلية في هذا الوقت تحديداً وقبل أن تصل الأمور لطريق مسدود قد يشعل فتيل مصادمات أخري بين الشعب والشرطة، لافتاً إلي أن غياب الرقابة من جانب مؤسسات الدولة وعدم تطبيق القانون علي المخالفين من قيادات الشرطة، ساهم في وصول الأمر إلي ما نحن عليه حالياً من انتهاك لحقوق الإنسان، لكن أن يعترف النظام بذلك علي الملأ، هو الأمر الذي قد يساهم في اشتعال الوضع.