أيام قليلة ويلتقي عشاق الكتب مع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والأربعين؛ إذ تشارك الكثير من دور النشر العربية بمجموعة من فريدة من أحدث أصدراتها في عالم الأدب والرواية، كدار «ن» للنشر والتوزيع التي تشارك بأعمال جمعت بين الخيال العلمي ومناقشة القضايا الاجتماعية والرومانسي أيضًا، من هذه الإصدرات: «الأسماك تضئ أيضًا» لمحمد سامي البوهي تطرق الكاتب إلى عوالم غريبة ومنسية، لطائفة من طوائف المجتمع الذين آثروا لأنفسهم العزلة الموروثة، واكتفوا بأن تكون حياتهم بين الماء والسماء و الطريق؛ حيث تناول حيوات الصيادين في البيئات المنعزلة، والتي قد لا يعلم الكثيرون عنها شيئًا، مثل صيادي جزيرة سنجار في البرلس، و صيادي عزبة البرج و جزيرة ابن سلام في المنزلة، وقرية الصيادين في المكس، وقد عاش الروائي في تلك البيئات ليقترب أكثر من طبائعهم وعاداتهم، ومشاكلهم، فتفاجأ بأنه قد اصطدم بواقع إنساني أقل ما يوصف بالمدهش المحزن، وكذلك تناولت الرواية حياة عمال الفنارات، و البحارة على سفن النقل الضخمة، واستطاع أن ينقل بكل دقة أسلوب الحياة وقوانينها في كل تلك البيئات. «اعتقال عاطفي» لنهى العمروسي مجموعة قصصية للكاتبة الشابة نهى العمروسي، تشير من خلالها بأصابع الاتهام نحو بؤر الأوجاع النسائية وتهدف إلى تسليط الضوء على الأحاسيس المركبة والمشاكل النفسية للمرأة من طبقات اجتماعية مختلفة وتقديم قوالب غير نمطية لا تزال مجهولة في الجانب المستتر من حياة الأنثى المعاصرة، وقد صرحت الكاتبة أن بيع هذا الكتاب مسموح للنساء فوق سن اليأس العاطفي والغير محصنات بأمصال ضد المواجع، وأيضا لذوي الحساسية المفرطة للخدع الموسمية فلم تتجاوز جرعة حماقة القلم جرعة الحنين المسموح بها دون أدنى آثار جانبية للمرضي المحملين بأشواقهم المجنونة أو خيباتهم المهزومة وللتنويه. «الركض على الحبل» لشيماء زايد ثلاث وعشرون قصة، تتناول الإنسان في رحلة صراعه اليومية ومحاولاته الحصول علي الحد الأدني للحياة التي لا تكلفه ثمنًا باهظًا من روحه وإنسانيته، احتكاكه بالآخر الذي لا يشبهه، وانسحاقه وسط أعباء مادية ونفسية بين تيارات سياسية وفكرية لا تعبأ به، وأعراض انسحاب الأمل الكاذب عليه؛ في عالم مزدحم بالمتناقضات والمتطلبات التي تثقل كاهلة.. تلك الجوانب الإنسانية التي يصعب رؤيتها من خلال نظرة مجتمعية تضع البشر داخل قوالب وتصنيفات جامدة غير مرنة، يتمسك فيها كل فرد بزاوية رؤيته ولا يلتفت لما يراه الآخرين. هو بالأحرى إنسان يتطلب مؤهلات خاصة للركض علي حبل الحياة دون أن يسقط. «ذاكرة النسيان» لهبه فايد تدور أحداث الرواية في إطار رومانسي ذو لمحه سياسيه في الفتره بين قيام ثورة يناير وبعد الثوره، لا تدور أحداث الرواية عن الثوره ولكن عن أثرها على الأبطال، إذ صودف وجودهم بميدان التحرير عشية اندلاع الثوره وادت الظروف إلى وقوعهم بيد الداخلية، قضو بالسجن فتره أثرت بحياتهم وشخصياتهم لأقصي حد وقد ظهر ذلك بعلاقاتهم الإنسانية، بالإضافة إلى تطرق خفيف لقضيه حماس والجهاد الفلسطيني وشرعيته وسط كل ما يحدث وهل يصبح الفلسطيني بطلًا أم خائنًا حين يضطر للتعامل مع عدوه من أجل خدمة وطنه ؟! «رغبة» لهبه كمال رواية إجتماعية رومانسية، تدور أحداثها بين القاهرة وبيروت، تظهر جانب من الصراعات الداخلية للمرأة والرجل الراغبين في الحصول على كل شىء في الحياة، ويأتى الجزء الرومانسي الحالم ليرتطم بالواقع اللذي يحول دون تحقيقه. «ازدواج» لسارة حجازي رواية واقعية تناقش معنى الازدواج الذي تعيشه المرأة في المجتمع الشرقي، وكيف تواجه قيوده الوضعية وهل تقوى على تحمل الصدمات التي يعجز العقل عن استيعاب مجريات أحداثها المتداخلة، ما يميز الرواية تناولها تقلبات وهيجان وثورة مشاعر الحب والهجر والفقدان، كل ذلك فى إطار نفسى معقد مع لمسة روحانية تعرض نماذج مختلفة من البشر السلبي والإيجابي جمعتهم مفترقات الطرق، والعمليات التي يعالج العقل البشري بها الأمور قد تكون آلة إنقاذ أو آلة تدمير؛ فقد تعطينا أسبابا للحياة وقد تدلل لنا على وجوب موتنا. «مسار آخر» لدعاء معوض مسار آخر روايه اجتماعيه تحوي الإثاره والتشويق؛ حيث تتأرحج أحداثها بين الحاضر والماضي، فالحاضر تدور أحداثه حول امرأه شابه توفى زوجها رجل الأعمال الثريّ، لتبدأ الصراعات من أجل الحصول على ثروته إلى أن لمع أمام عينيها الحل، فقبل وفاة زوجها كانا ينويان إجراء عملية حقن مجهري والآن لديها أجنه مجمده في مركز للخصوبة يملكه طبيب شاب ماهر في عمله، لجأت إليه ليمكنها من الحصول على طفل تنقذ به الثروه لكنه رفض، وهنا تعود الكاتبه بنا غلى ماضي هذا الطبيب والذي نكتشف به أسرار تستغلها البطلة لتحقيق أهدافها، وتدور الأحداث ما بين التشويق والاثارة والرومانسية. «التعددية الزوجية» لهبه شلبي التعددية الزوجية كتاب يدعم فكرة تعدد الزوجات بشكلها الصحيح الذي يسهم في تحقيق اتزان أخلاقي واجتماعي أكبر في مجتمعتنا العربية، إذ يتضمن خمس فصول يناقش فيه معنى الزواج وأسبابه وكيفية الاختيار الصحيح للزواج بشكل يضمن حياة مستقرة، ويوضح بعد ذلك معني التعددية الزوجية بشكل مفصل ومن الجوانب الفكرية المختلفة، كما يتوقف الكتاب مع أسباب وكيفية التعددية الزوجية في مجتمعنا العربي ويعرض مجموعة من الأراء المختلفة والمتباينة عن الزوجات، ويقدم احصائيات مختلفة تأكد ازدياد نسبة العنوسة وحالات الطلاق والترمل المتزايده في مجتمعتنا وهي عوامل تدعوا لاثارة هذا الموضوع، ويشمل أجزاء الكتاب العديد من القصص الحقيقية التي توضح أفكاره بمختلفها للقراء ويتضمن الكتاب الإثار الإيجابية المختلفة للمرأة والمجتمع من ممارسة التعددية الزوجية، كما يبرز الظروف الاقتصادية المؤثره علي تحجيم ممارسة التعددية الزوجية. «مارا تخبز الحياة عند نهر إيتاجي» عن مسابقة التكية مجموعة هي خلاصة مسابقتين أدبيتين جادتين، وبتحكيم جدير بالثقة تولاه العلَّامة في النقد الدكتور سيد البحراوي لمسابقة التكية السنوية فرع القصة القصيرة، ولجنة ثلاثية من الدكتور منير عتيبة، والدكتور هيثم الحاج علي والكاتبة إيمان الدواخلي لمسابقة مجلة مصر الأدبية في القصة القصيرة جدًا. في هذه المجموعة تنوعت النصوص في موضوعاتها وأساليبها واجتمعت من أنحاء العالم الناطق باللغة العربية لتجتمع فنون السرد العربي المجددة، والتي اختلفت كثيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد فورات الشعوب وصحواتهم، مما أثر في لسان القص وأتى لنا بأفكار لها روح التمرد على التقليدي والشائع والمعتاد. «مارا تخبز الحياة عند نهر إيتاجي» بدءًا من عنوانها، إلى غلافها، إلى محتواها مجموعة تحمل القيمة والتفرد وروح الشباب المتناغمة مع التحكيم الأكاديمي الضامن لأدب حقيقي راقٍ ومستساغ ومنوع لذائقة القارئ الذي تعلم التمرد أيضا وأصر على فرض ذائقته على سوق الكتاب. «المحاكمة- لمسة الشر» لهبه الله محمد ومحمود الجعيدي روايتان محكمتا البناء أولهما "المحاكمة" للكاتبة المتألقة صاحبة الرصيد الضخم من الجوائز الأدبية، وهذه آخرها، هبة الله محمد؛ حيث فازت بالمركز الأول في مسابقة التكية للسنة الرابعة فرع الرواية وكان موضوعها "المكان بطلا للنص" وقد أتقنت هذه التقنية الصعبة وأخدتنا معها للمحاكمة، لنعيش رحلة إلى المحكمة، ونتمرد مع البطل ونتوه معه ونتجول وراء القفص وفوق المنصة وبين أروقة البناء ذي الهيبة، ولنحصد في النهاية متعة أدبية واعترافا للكاتبة بالتميز القوي جدا بين أندادها من الأقلام الشابة الرواية الثانية ذات طابع بوليسي، ولا نريد حرق أحداثها، لكن الكاتب محمود الجعيدي أخذنا في تشويق جيد وحبكة محسوبة لتتطور الأحداث وتصل بنا إلى النهاية بإجادة يحسد عليها بين كتَّاب هذا اللون، الذي يحتاج لتركيز كبير لتجنب سقطات البناء والمنطقية والتصعيد، فأتت مستحقة للفوز والنشر وإثراءً للون يكاد أن يختفي في الكتابات العربية. «المحلسة» لإيمان الدواخلي الرواية الرابعة للكاتبة إيمان الدواخلي؛ فيها قفزت الكاتبة عدة درجات للأمام، ووصلت بأسلوبها وتجسيد شخوصها وحبكتها للخروج بنص قوي متماسك ومشوق، تبدأ فيه فلا يمكنك تركه إلا وقد استكملته حتى كلمة النهاية. في النص الكثير من العلاقات المتشابكة التي تشرِّح المجتمع، عبر شخصيات لا تستطيع تحديد إن كانت واقعية أم فانتازية، وتصفعك بالكثير من الحقائق بقسوة قد تجعلك تنكر للحظة أن الأمر حقيقي، قبل أن تكتشف أنه بالفعل ليس حقيقًا وإنما هو فقط عمل روائي وصل بك إلى تصديقه والتساؤل عن حقيقة أبطاله. أبطال العمل متعددون، لم تقف الكاتبة مع أيهم لتجعله الأوحد، بل تنقلت بينهم، وطورت الأحداث، وقدمت الصورة متكاملة بهم جميعًا، واستعانت بأجواء كثيرة من البذخ والفقر والجن والمسجد والجنس والمدرسة والمجون، لتقول لنا في النهاية ما أرادت أو لتجعلنا نقوله نحن بأنفسنا مع طي الكتاب.