«الثورة قادمة قادمة لا محالة».. كلمات كانت لسان حال العديد من القوي الثورية عقب إصدار النظام الحالي لعدة قوانين قمعية كالتظاهر، وتعيين رؤساء الجامعات، بالإضافة إلي القوانين المتعلقة بالحالة الاقتصادية كرفع الدعم، والقرارات الخاصة بزيادة تعريفة الكهرباء والغاز والمياه، وما تبعه من ثقل كاهل الفقراء من تزايد العبء عليه. لكن ما لم يتوقعه الكثيرون، أن تردد بعض الشخصيات السياسية البارزة والتي كانت تدين بالولاء للنظام الحالي، تلك العبارة بل والتعبير عن الغضب من سياسات "السيسي" ووصفه بالفرعون الذي يبني معبداً له بالدولة، إنه الدكتور ممدوح حمزة، السياسى والمهندس الاستشارى، والذي أيد "السيسي" فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكان في الصفوف الأولي للدفاع عنه ضد معارضيه. وانقلب الأمر للهجوم علي "السيسي" وسياسته ووصفه بالفرعون، وحديثه عن أن الثورة قادمة لا محالة؛ لأن الشعب لم يشهد أية إشارة لعدالة اجتماعية أو لقمة عيش للمواطن المصري – علي حد تعبيره، وأن المشروعات غير إنتاجية لا تفيد المواطن البسيط، وإنما عبارة عن طرق وكباري، بل ومشروع قناة السويس الذي يتباهي به تحت إشراف البنك الدولي وكأننا عدنا لعصر الاحتلال البريطاني عند إنشاؤها أول مرة، ليعود ويؤكد من جديد علي اندلاع ثورة جديدة ضد النظام الحالي الذي فشل في تحقيق مطالب الشعب. وعلي الرغم من نفي "حمزة" ما تردد عن دعوته للاعتصام بميدان التحرير للمطالبة بإسقاط الرئيس السيسي، في مداخلة هاتفية أمس لقناة فضائية، وتأكد انتخابه للسيسي وأنه ينتقد فقط السياسات التي تضر بالبلاد لإنجاح النظام وليس إسقاط مصر، إلا أنه لم ينكر وصفه "السيسي" بالفرعون، بالإضافة إلي تأكيده علي اندلاع ثورة مقبلة. التغيير الكبير الذي طرأ علي موقف الدكتور ممدوح حمزة قد يعطي انطباعاً هاماً لمن يهمه الأمر، وخاصة النظام إذا كان يضع في حسبانه ما حدث لسابقيه، فهجوم "حمزة" علي "السيسي" وحكومته حتي وإن كان بالتلميحات، يشير إلي بداية انسحاب بعض الشخصيات السياسية من معسكر الرئيس والانضمام للقوي الثورية، خاصة إن كانت تلك الشخصيات في السابق مؤيدة وبقوة للسيسي وتوليه مقاليد الحكم ودعمه بكافة الصور، ما ينبئ بإدراك بعض الشخصيات بتولد مشاعر الغضب لدي المواطنين خاصة في إعقاب امتثالهم لكافة مطالب النظام من تحمل الفترة الانتقالية، إلي المشاركة في مشروع قناة السويس عن طريق السندات البنكية، ثم زيادة الأعباء نتيجة رفع الدعم عن الوقود وزيادة شرائح استهلاك فواتير الغاز الكهرباء والمياه من أجل دعم الاقتصاد المصري، بينما لم يجد المواطن صدي لتلك التضحيات خلال الفترة الماضية سوي أنه يزداد فقراً والغني يزداد غني. يقول أحمد بهاء الدين، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، إن تصريحات الدكتور ممدوح حمزة تعد ناقوس خطر للنظام كي يلتفت إلي ضرورة الاهتمام بقضايا ومشكلات الشعب ووضع مطالب الطبقات الفقيرة في الاعتبار، مشيراً إلي أن الفترة الماضية شهدت تجاهلا من قبل الحكومة للمواطن البسيط، ما أدي إلي احتقان الشارع المصري. ويضيف "بهاء الدين": «أدي تدهور الحالة الاقتصادية، وغياب العدالة الاجتماعية، وتفاقم الأسعار، بالإضافة إلي تجاهل النظام لأوضاع الفقراء، إلي تصاعد وتيرة الإضرابات العمالية، ما يعني ضرورة اهتمام الحكومة بالفقراء وتلبية مطالبهم لمنع استفحال الأمر». ويوضح رئيس الحزب الاشتراكي المصري أن تصريحات "حمزة" ترجع لنشوب أزمة سياسية بين الشباب مفجر الثورة والحكومة والنظام الحالي نتيجة ممارسات غير مسبوقة من إصدار قوانين قمعية والشعور المتزايد لدي الشباب يوماً بعد الآخر بضياع حقوق إخوانهم شهداء الثورة وعودة فلول مبارك لتصدر المشهد السياسي والإعلامي، الأمر الذي ساهم في ازدياد الشعور بالاحتقان، مطالباً بضرورة إنصات النظام لحديث الدكتور ممدوح حمزة كونه في قلب الأحداث ويعبر عما يدور بخلد الكثير من أبناء الثورة.