تزامنا مع هذا البرد القارس، تتعالى أصوات الفلسطينيين الذين اكتووا بنار الحرب الأخيرة على غزة وتهدمت منازلهم ليجدوا أنفسهم في العراء، مطالبين بسرعة إعادة إعمار القطاع ليستطيعوا ممارسة حياتهم الطبيعية، وفي الوقت ذاته تشهد الساحة السياسية الفلسطينية الكثير من الاضطرابات والخلافات، وتنشغل حكومة الوفاق بتبادل الاتهامات فيما بينها، ليظل المشهد في النهاية كما هو، تباطؤ حكومي وغليان في الشارع الغزيّ، ينتهي كل هذا المشهد الضبابي بزيارة وفد حكومي أمس الاثنين لقطاع غزة من أجل مناقشة إعادة الإعمار. وصل الوفد الحكومي إلى قطاع غزة عبر معبر "بيت حانون"، ومن المفترض أن يبحث الوفد في مواضيع عامة كثيرة، أهمها الإعمار والمعابر والحصار ومصير موظفي السلطة الفلسطينية القدامى وموظفي حكومة حماس بغزة ورواتب الموظفين وأزمة الكهرباء في القطاع، كما سيجتمع الوفد مع ممثلي الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية، الذين توقفوا عن العمل بعد سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، وسيلتقي الوفد بمسئولي موظفي الحكومة التابعين لحركة حماس، حيث سيضع آليات من أجل حل ملف الطرفين، استنادًا إلى توصيات اتفاق القاهرة وتوصيات اللجنة المالية والإدارية التي انبثقت عن الاتفاق. وفي هذا السياق؛ قال وزير العمل بغزة "مأمون أبو شهلا"، إن 8 وزراء من حكومة الوفاق الفلسيطينية وصلوا إلى غزة، بينهم وزراء الصحة والتعليم والشئون الاجتماعية والحكومة المحلية، ورؤساء هيئات المياه والطاقة والبيئة، الذين يتمتع كل منهم بالدرجة الوظيفية للوزراء، دون مرافقة رئيس الحكومة "رامي الحمد لله"، للوزراء في زيارتهم إلى قطاع غزة. زيارة الوفد الحكومي إلى قطاع غزة تأخرت كثيراً، حيث كان من المفترض أن تكون في وقت سابق، إلا أن التفجيرات الأخيرة التي وقعت ضد قيادات "فتح" والتي استهدفت مقار الحركة في غزة الشهر الماضي، حالت دون أداء الزيارة خشية على حياتهم، كما أن انشغالات رئيس الوزراء "رامي الحمد الله" أجلت قدومه، حيث قالت مصادر فلسطينية إنه يجري اتصالات لتأمين مبالغ مالية كبيرة لإعادة الإعمار. تعتبر هذه الزيارة هي الثانية منذ أن تشكيل حكومة الوحدة في يونيو الماضي بعد اتفاق مصالحة وقع في أبريل الماضي بين حركتي "فتح"، التي ينتمي لها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، و"حماس" التي تدير قطاع غزة، حيث لم تجتمع حكومة الوحدة الفلسطينية سوى مرة واحدة في قطاع غزة، يوم 9 أكتوبر الماضي، لكن رئيس الوزراء "الحمد الله" زار بشكل منفرد بعض أحياء غزة التي لحق بها دمار بالغ جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد القطاع، والتي أدت إلى دمار واسع النطاق. لا تزال عجلة إعمار قطاع غزة تسير ببطء شديد وهناك آلاف العائلات التي خسرت بيوتها جراء العدوان الإسرائيلي الأخير ما زالوا مشردين بلا مأوى، حيث دمرت الحرب قرابة 10 آلاف منزل بالكامل، وتم جمع مبلغ 5 مليار دولار في مؤتمر للمانحين عقد بالقاهرة، لكن لم يصل منه سوى القليل، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب أهمها عرقلة إسرائيل دخول مواد البناء. تتزامن زيارة الوفد الحكومي إلى قطاع غزة مع تنظيم "القوى الوطنية والإسلامية" التي تضم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ما أطلقت عليه "اليوم الوطني لكسر الحصار وإعادة الإعمار"، حيث انطلقت المظاهرات منذ الأحد في مناطق متعددة من قطاع غزة للمطالبة برفع الحصار وإعادة إعمار القطاع، ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات مكتوبة تطالب برفع الحصار الإسرائيلي المفروض منذ منتصف عام 2007 على القطاع، بما في ذلك رفع القيود على عمل المعابر وحركة تنقل الأفراد والبضائع، كما طالبوا بالسماح بدخول مواد البناء من دون قيود لإعادة إعمار غزة. تحولت المظاهرة في محيط معبر "بيت حانون" إلى مواجهات بين عشرات الشبان الفلسطينيين وقوات إسرائيلية متمركزة قرب السياج الفاصل، أسفرت تلك المواجهات عن إصابة 3 فلسطينيين، حيث رشق الشبان القوات الإسرائيلية بالحجارة التي ردت بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع من أجل تفريقهم.