لا أحد فوق القانون .. كلمات ترددت كثيرًا على ألسنة المسئولين في الأيام الأخيرة بمحافظة السويس.. وخاصة عقب قيام ثورة 25 يناير لتوحي بالأمل في تحقيق العدالة الاجتماعية وإعلاء شأن القانون وتطبيقه على الجميع، ولكنها ظلت كلمات حتى مع تغير الأنظمة وتبدل المسئولين، ظلت هذه الكلمات تفقد معناها الحقيقي واستخدمها المسئولين كسلاح لردع المخالفين من الفقراء والمهمشين وخاصة من الباعة الجائلين وأصحاب الأكشاك المعتدين على أملاك الدولة، والتي تفرغت قوات الشرطة لمطاردتهم على مدار الساعة غافلين المعتدين أصحاب السلطة والنفوذ، والتي تتوسع اعتداءاتهم بشكل كبير تحت رعاية المسئولين وتجاهل صرخات واستغاثات المواطنين . حيث كشفت حملات شرطة المرافق التي يشنها رؤساء الأحياء لإزالة الإشغالات والمخالفات من شوارع المحافظة عن مشكلات خطيرة بسبب تجاهل شرطة المرافق والأحياء إزالة إشغالات واضحة ذات مبانٍ شاهقة في شوارع المحافظة، والتي يمتلكها نواب سابقين ومسئولين معروفين وضباط شرطة ورجال أعمال والاكتفاء بإزالة الباعة الجائلين والأكشاك والكافتيريات الصغيرة، ما تسبب في العديد من المشكلات والاشتباكات بشكل يومي بين الباعة الجائلين وقوات الأمن والأحياء، لتجاهلهم هذه المخالفات كونها تابعة لعدد من رجال الأعمال وأصحاب السلطة والنفوذ وإحساسهم بالظلم وعدم المساواة فيما بينهم، رغم قيام ثورتين كانت أهم مطالبها العدالة والمساواة . ميدان الأربعين يعتبر ميدان الأربعين قلب محافظة السويس، والذي انطلقت منه شرارة ثورة 25 يناير، وتحول بعدها إلى سوق كبير ضم كل الباعة الجائلين من مختلف أنحاء المحافظة، فضلًا عن إنشاء كم هائل من الأكشاك والبناءات بالميدان، أعاقت حركة مرور المارة والسيارات . ومنذ عدة أشهر بدأت قوات شرطة المرافق والأحياء حملاتها الأمنية لإزالة الإشغالات، وبدأت هذه الحملات بميدان الأربعين، إلا أنها اكتفت بإزالة عدد من الباعة الجائلين والأكشاك الصغيرة ولم تقترب من البنايات التابعة لعدد من المحلات والمطاعم والأبراج بعينها والمعروفة بتبعيتها لعدد من المسئولين بالمحافظة، والتي كان لها الجزء الأكبر من المخالفات في البناء على أملاك الدولة، واقتناص مساحات أمام محلاتهم والاستيلاء على الأرصفة بالكامل والبناء عليها حتى الشارع، وهو ما يتسبب في مشكلات عنيفة بين الباعة الجائلين وقوات شرطة المرافق بشكل شبه يومي لعدم الاكتفاء بإزالتهم بشكل يومي ومطاردتهم في الشوارع، ولكن تجاهل المنفذين للإشغالات التي يمتلكها مسئولين ورجال أعمال بالمحافظة . والغريب احتلال عدد من "البلطجية والمسجلين" لقسم شرطة الأربعين سابقًا وتحويل خلفية القسم إلى محلات أبوابها بسور القسم وبناء باقي المحل بداخل القسم ولكنها لم تلفت انتباه رجال الشرطة في السويس أو الأحياء . ورغم إعلان المسئولين باستمرار حملات إزالة الإشغالات منذ أكثر من عشرة أيام، إلا أنه لم يتغير شكل الميدان ومازالت تسيطر عليه البناءات المخالفة بشكل عشوائي بدءًا من أكبر "سنتر" يتوسط الميدان، ويستولي على الرصيف والشارع المقابل حتى قسم الأربعين ونقطة الإطفاء التي تحجبهم الأكشاك والمخالفات عن الرؤية . التوفيقية تعتبر منطقة التوفيقية هي ثاني أكبر تجمع للباعة الجائلين والعشوائيات في محافظة السويس بعد ميدان الأربعين رغم بعدها عن قلب المدينة، إلا أن امتداد الظهير العمراني في المنطقة ساهم في توسعها وانتشارها بشكل كبير وبدأت قوات الشرطة والأحياء بإزالة العشوائيات والمخالفات بسوق التوفيقية قبل ميدان الأربعين وقامت بسحق بضائعهم وإلقاء القبض على المعترضين منهم وتجاهلت المحلات والمباني الشاهقة بالقرب من الموقف وكأنها لا تراها رغم صراخ الباعة والمعتدين بكلمة "اشمعنى دول" لعلمهم أن هذه المباني يمتلكها أحد أعضاء مجلس الشعب السابقين في نظام مبارك بمشاركة أحد المسئولين الحاليين في محافظة السويس . الكورنيش وممشى بور توفيق تعتبر منطقتي الكورنيش وممشى بورتوفيق من أهم المناطق التي تجتذب سكان محافظة السويس كونها المكان الأول والمتنفس الطبيعي لأهالي المحافظة، وقد اتخذت المخالفات فيها حد لا يوصف حيث قسمت الحدائق العامة إلى كافيتريات والأراضي الملاصقة للكورنيش وممشى بورتوفيق تم الاستيلاء عليها بالكامل، ووصل الأمر إلى قيام البعض بردم البحر وبناء كافيتريات عليه . والغريب أن 90 % من هذه البناءات يمتلكها ضباط شرطة حاليين وسابقين ومسئولين ونواب سابقين، بدءً من منطقة "كاستيلو" التي استولت الكافيتريات هناك على الرصيف الخاص بالمواطنين، ولم تكتفي بذلك بل استولت على "بارك" السيارات والشارع المقابل وتوسط بناء تابع لكافيتريات ومطعم " س . س " هذه المخالفات ليقوم ببناء "قلعة" على مدخل الكورنيش، ويستولي على الرصيف والشارع ويزيل أعمدة الإنارة والرصيف والإسفلت ومقاعد الاستراحة للمواطنين، ومن بعده تأتى باقي الكافيتريات للتوسع في الأبنية بشكل عشوائي، حتى تحولت المنطقة بالكامل إلى كافيتريات منعت المارة من رؤية البحر من هناك أو الجلوس على الكورنيش بحرية دون أن يدفع ثمن "المشاريب" بالأسعار السياحية، ورغم كل هذه المخالفات لم تحرك الأحياء أو قوات الشرطة ساكنًا . ومنذ ثلاثة أشهر بدأت شرطة المرافق والأحياء حملاتها في الدخول إلى شارع الكورنيش وممشى بور توفيق، وبدأت قوات كبيرة من الشرطة بإزالة عدد من التعديات المتمثلة في "الكراسي"، وأصبح على كل "كافيتريا" دفع الضريبة المتمثلة في هذه الكراسي لإثبات حالة أنهم يقومون بإزالة التعديات، فضلًا عن إزالتهم لأحد الكافيتريات المخالفة، والتي يمتلكها أحد أنصار جماعة الإخوان وعدد محدود من الأكشاك والكافيتريات والباعة الجائلين، ولم تقترب هذه القوات من باقي الكافيتريات التي رفعت شعار "اللي ليه ظهر .." . هذا ولم يختلف المشهد في باقي أنحاء المحافظة لتصبح الواسطة والمحسوبية هي سلاح المخالفين، مهما زادت مخالفاتهم لأنهم في الغالب من أصحاب السلطة والنفوذ ولا عزاء للفقراء، وهو ما يزيد الأمر سوءًا بعد أن أصبحت حملات المرافق تعامل المواطنين بدرجات .