في الوقت الذي تتجه فيه فلسطين نحو مجلس الأمن الدولي من أجل وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهو أمر يتطلب تكاتف القوى الفلسطينية بكافة فصائلها، تصاعدت حدة الخلافات داخل حركة فتح خلال الأسابيع القليلة الماضية لدرجة جعلت البعض يؤكد أن الرئيس "محمود عباس" لم يعد يهتم بالقضية الفلسطينية وإنما تفرغ لتصفية الحسابات مع خصومه السياسيين. الثلاثة في مواجهة عباس يعتبر القيادي المفصول من حركة فتح منذ أكثر من ثلاث سنوات والمقيم في الإمارات العربية "محمد دحلان" أحد أبرز خصوم "عباس" في الساحة السياسية الفتحاوية، أضف إلى ذلك رئيس الحكومة السابق "سلام فياض" وأمين سر اللجنة التنفيذية بحركة فتح "ياسر عبدربه". تلفزيون فلسطين الرسمي شن خلال اليومين الماضيين هجوماً كييراً على "دحلان" و"عبد ربه" متهماً إياهما بعقد لقاء في دولة الإمارات مع وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق "سلام فياض" بهدف إضعاف الرئيس "عباس". ظهر الخميس الماضي عدة ملصقات على الجدران بقطاع غزة تهاجم الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، وتؤكد أن ثمة حدث فتحاوي كبير سوف يقع يوم 15 يناير المقبل. تزايد حدة الخصومة بين القيادات الثلاث من جانب والرئيس "عباس" من جانب آخر، يؤكد أن هناك دعم إقليمي عربي لرحيل الرئيس الفلسطيني والبحث عن خليفة له، لا سيما مع كثرة الحديث مؤخرا عن معركة منتظرة قريبا حول رئاسة السلطة الفلسطينية وخلافة الرئيس "عباس" الذي انتهت ولايته فعلياً منذ أكثر من 5 سنوات ويستند إلى شرعية البقاء في السلطة التي يعطيها إياه الدستور لحين انتخاب رئيس جديد. دحلان وعباس محمد دحلان ترأس قوات الأمن في غزة وكان وزيراً في الحكومات الفلسطينية حتى تم اتهامه بالفساد وبالتآمر للإطاحة ب"عباس" قبل سنوات، حتى تم نشر عدة أخبار مؤخرا تتحدث عن وقوع مصالحة بين "دحلان" وقيادة حماس. تعود الخلافات بين القيادي "محمد دحلان" والرئيس "محمود عباس" لعدة سنوات، لكن خلال اليومين الماضيين شن "دحلان" هجوما قويا ضد "عباس" على صفحته الخاصة بموقع التواصل الإجتماعي ،فيس بوك، واصفا الرئيس الفلسطيني ب"الطاغية الفاسد". يحظى "دحلان" بدعم بعض القوى الإقليمية على رأسها الإمارات ومصر، اتضح ذلك بشكل جلي خلال حفل تنصيب الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" يونيو الماضي، حيث أصرت كل من الإمارات ومصر على حضور "دحلان" للحفل رغم معارضة "محمود عباس"، مما استدعى توسط السعودية لاستيعاب الخلاف. أزمة حفل التنصيب ليست المؤشر الوحيد على دعم الإمارات ومصر ل"دحلان"، بل هناك عدة دلائل أخرى منها الضغوط التي مارستها القاهرة وأبو ظبي على الرئيس الفلسطيني من أجل التصالح مع "دحلان". عبدربه وعباس على إثر الهجوم الذي شنه التلفزيون الفلسطيني الرسمي ضد أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة فتح "ياسر عبدربه"، سرب الأخير محضر اجتماع عقد بين الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" ورئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي "يورام كوهين"، فضلا عن الانتقاد العلني الذي وجهه للرئيس الفلسطيني قائلا إنه "يسعى إلى إحباط مشروع إنهاء الاحتلال، وذلك بالإسراع في تقديمه قبل تأييد تسع دول له، فضلا عن وصفه ل"عباس" ب"الديكتاتوري الذي يريد الاستحواذ على كل شيء". يضاف إلى هذه التراشقات الإعلامية بين "عباس" و"عبدربه"، القرار الذي اتخذه الرئيس "محمود عباس" مطلع الشهر الجاري بإحالة أحد المقربين من "عبدربه" إلى التقاعد المبكر، الأمر الذي عزز من الخلافات التي تشهدها الساحة الفتحاوية، حيث بجانب العلاقات الوطيدة التي تربط المسئول الذي تم إحالته للتقاعد المبكر "جمال زقوت" ب"ياسر عبدربه"، فإنه كان مستشارا بارزا لرئيس الحكومة الفلسطينية السابق "سلام فياض"، الأمر الذي جعل "عباس" يدخل في مواجهة مباشرة ليس مع "عبدربه" فقط، بل مع "فياض" أيضا. لم يكن الإجراء الذي اتخذه "عباس" ضد المسئول المقرب من "عبدربه" الأخير، حيث ترددت بعض المعلومات مؤخرا عن أن الرئيس الفلسطيني ينتوي تجريد "عبدربه" من كافة الصلحيات التي يتمتع بها داخل حركة فتح بما فيها أمانة سر اللجنة التنفيذية، ليبقى عضوا فقط دون أي دور بارز يُسند إليه. فياض وعباس جذور الخلاف بين "فياض" و"عباس" تعود إلى شهر سبتمبر 2011 الماضي، حيث اتهم الرئيس "عباس" رئيس الحكومة السابق "سلام فياض" وأمين سر حركة فتح "ياسر عبدربه" بمحاولة التشويش على مساره الدبلوماسي الخاص بالإعتراف الدولي بفلسطين عبر الإيحاء إلى بعض الدول العربية بأن السلطة الفلسطينية غير جادة في الحصول على الاعتراف الدولي بفلسطين. هناك معلومات تؤكد بأن أجهزة أمن الضفة الغربية أجرت تحقيقا مع مؤسسة يدريها رئيس الحكومة السابق "سلام فياض" مؤخرا، حيث جاء التحقيق بعد تكليف "عباس" لهيئة الفساد بمتابعة الفساد داخل المؤسسات المدنية، الأمر الذي يفتح الباب أمام توتر العلاقات بين الرئيس "عباس" ورئيس الحكومة السابق "فياض"خلال الأيام المقبلة. ظهرت حدة الخلاف بين "فياض" و"عباس" عام 2012، حيث استقال الأول من رئاسة الحكومة الفلسطينية، بعدما اختلف مع عباس على قبول أو رفض استقالة وزير المالية "نبيل قسيس". إسرائيل المستفيد الأول لا شك في أن إسرائيل هي المستفيد الأول والرئيسي من هذه الصراعات التي تشهدها الساحة الفلسطينية خلال الفترة الراهنة حول خلافة "عباس"، خاصة وأن هذه الخلافات تؤثر بشكل فعال على أداء السلطة الفلسطينية وجهودها الدولية، الأمر الذي يعزز الشكوك حول تورط قيادات إسرائيلية في تنمية هذه الخلافات وتصعيد حدتها، بهدف استبدال "عباس" بأحد الرجال الثلاثة السابقين (دحلان أو فياض أو عبدربه). الخليفة المحتمل مصادر صحفية تناقلت أنباء خلال شهر نوفمبر الماضي عن أن "فياض" شرع في جهود قوية لتعزيز فرصته في خلافة رئيس السلطة الحالي "محمود عباس" من خلال الاتصال بقوى في مراكز النفوذ والقيادات الأمنية وأصحاب الشركات الداعمين له في السلطة الفلسطينية. شرعت مؤخرا بعض النخب الفلسطينية المرتبطة ب"فياض" في الترويج لفكرة خلافته ل"عباس" من خلال عقد ندوات على نطاق ضيق، فضلا عن العلاقات الوطيدة والقبول الذي يتمتع به "فياض" داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا والذي انعكس عبر الإشادة التي تلقاها "فياض" أثناء فترة رئاسته للوزراء.