المسيحيون في غزة، حالهم كحال إخوانهم المسلمين الذين يحاولون إيجاد السبل المناسبة للتكيُّف مع صعوبة الحياة التي يعيشها الفلسطينيون بشكل عام، وأبناء غزة على وجه التحديد، فبعد أيام قليلةٍ.. يستعد مسيحيو غزة للاحتفال برأس السنة الميلادية، وكلٌّ منهم سيحتفل بها على الطريقة التي يراها مناسبة، ولكن.. مع وجود محددات ومعيقات تمنعهم من الشعور بوجود احتفالات حقيقية أو تسمح لهم بالتمتع بالتقاليد المسيحية المتعارف عليها. جانيت مسعد، 21 عاماً من سكان حي الرمال وسط مدينة غزة قالت للبديل: "نقوم كل سنة بالاستعداد لاستقبال رأس السنة الميلادية بالتجهيز من بعض المحلات المخصصة وشراء الزينة وشجرة عيد الميلاد ونقوم بتزيينها والاحتفال نحن والأصدقاء، إلا أنَّ تحدِّياتٍ كثيرةٍ تواجهنا وتعكِّر صفو الاحتفال، أهمها عادات وتقاليد الشعب الغزي وعدم تقبله لما نقوم به"، وأضافت جانيت بأنَّ الحصار الذي يتعرض له القطاع كان حائلاً أيضاً بينهم وبين الخروج للأماكن التي يحبون الذهاب إليها، مشيرة: "إغلاق المعابر له دور في عدم الخروج لمدينة بيت لحم والاحتفال بالشكل المطلوب، ويمنعنا من زيارة الأقارب خارج قطاع غزة، أتمنى من العام القادم أن يكون أفضل للجميع، وأن لا يكون هناك تفرقة بين دين الإسلام والدين المسيحي". أمَّا جريس سابا، 33 عاماً، فقد أكدت على أنَّ الاحتفالات لهذه السنة لن تكون كسابقاتها في ظل الوضع الذي تمر به غزة، قائلة: "بالطبع موسم الأعياد لهذا العام ليس مثل الأعوام السابقة، لكننا نستعد بكل الوسائل المتاحة والشعائر الدينية لأن نجعلها سنة سعيدة علينا وعلى أبنائنا، ونحضر لها من اليوم، مثل شجرة العيد وزينة البيوت، رغم قلة الامكانات التي من الممكن أن تشعرنا بموسم العيد". أما عن التحديات التي تواجههم خلال الاحتفال بالأعياد، فقد تابعت سابا: "في هذا العام.. الكثير من المسيحيين في غزة تضررت بيوتهم ومنهم من فقد بيته وهذا أكبر تحدي يواجهنا، نحن نستقبل موسم الأعياد بكل معاناة وجرح ليس كمثل أيِّ عام، والكثير من أبنائنا لن يستطيعوا السفر أو التوجه لمدينة بيت لحم للاحتفال بالأعياد هناك بسبب منع من لا تسمح لهم أعمارهم بالدخول إلى اسرائيل". وعن تمنياتها للعام القادم، أرشدت سابا: "تمنياتي بأن تخلو غزة من العدوان وأن تنعم بلادنا الفلسطينية بسنة تحمل السرور، وأن تكون أفضل من عام 2014 لأنَّ هذا العام كان العام الأسوأ في حياتنا، ونتمنى من الرب أن يُنعم علينا بالصبر وهداية المواطن الفلسطيني إلى الوحدة الوطنية". كانت المصادر في الارتباط الفلسطيني قد أفادت بأنَّ إسرائيل سلمت 510 تصريحاً لمسيحيين من غزة عبر وزارة الشؤون المدنية للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد، وأن مدة هذه التصاريح شهر ولأول مرة، وقد كانت مدة التصاريح في السنوات الماضية أسبوعين فقط. وأكد الارتباط أنَّ إسرائيل لا زالت ترفض السماح للمسيحيين من سن 16 إلى 35 بالتوجه إلى الضفة عبر معبر بيت حانون "إيرز" للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد. الفتاة جوليانا العمش وصفت ببراءة الأطفال أنه لا يوجد أي مظهر من مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد، قائلة: "ما في حفلات هون بغزة لراس السنة، بنحضر الشجرة الصغيرة والزينة بالبيت وبنتعيد وبيجي بابا نويل يعطينا هدايا ، التحديات كتيرة وبيمنعونا نوصل لبيت لحم ونحتفل هناك"، واختتمت جوليانا حديثها للبديل: "بتمنى انو تكون سنة حلوة و ما يموت حدا". في حيرةٍ من أمره يقف الفلسطينيُّ.. حاملاً هويته وما تبقى من أغراض المنزل، باحثاً عن أيِّ مظهرٍ من مظاهر الحياة؛ ليعيد إلى نفسه شكل الحياة الذي كان يتمناه طويلاً، وليحقق شيئاً من أحلامه التي تأخذها رياح غزة وأحداثها. وقد كان واضحاً أنَّ ما يتمناه مسيحيو غزة، يشبه كثيراً ما يتمناه المسلمون في المدينة، وهو.. أن تنعم غزة بالسلام.