صناعة الأسمدة من أقدم الصناعات المصرية، لكونها بدأت في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، وازدهرت لتوافر مستلزمات إنتاجها من الغاز الطبيعي والمواد الخام، وتوافر الأيدي العاملة في هذا المجال بأسعار رخيصة. وكان للاهتمام بالقطاع الزراعي في الستينيات دور في دعم هذه الصناعة، حيث أنشئت في تلك الفترة شركات عامة عديدة لإنتاج الأسمدة، وقد استمر دور القطاع العام فيها واضحاً، إلى أن عصفت موجة الخصخصة بشركات أساسية منتجة للأسمدة، ولم يتبقَّ منها سوى ثلاث، وهي مصانع حلوان، والدلتا، وأبوقير للأسمدة، وتم التوجه لإنشاء مصانع سوق الحرة للوفاء بالاحتياجات المحلية منه، كالشركة المصرية للأسمدة، وشركة الإسكندرية، وموبكو. وتعد صناعة الأسمدة من الصناعات الملوثة للبيئة، وترفض العديد من الدول إقامة تلك المصانع على أرضها، إلا أنها تلقى كل الدعم في مصر من حيث توريد الغاز الطبيعي لها بالسعر المدعم؛ لكونه من المواد الخام التى تدخل فى صناعة الأسمدة بنسبة تتجاوز 60%، حيث يدخل فى صناعة الأمونيا اللازمة لصناعة اليوريا، وتستهلك مصانع الأسمدة في المناطق الحرة حوالى 8.4 مليون متر مكعب من الغاز يوميًّا. وواجهت الدولة مؤخرًا مشاكل في توفير الأسمدة خلال موسمي الزراعة الصيفي والشتوي على الرغم من أن إجمالي إنتاجنا منه يصل إلى 16 مليون طن من الأسمدة الأزوتية والفوسفاتية، بينما كان معدل الإنتاج 10 ملايين طن في عام 2000، ولم يتجاوز 8.3 ملايين طن في عامي 1997/1998، وفي المقابل نجد أن معدل استهلاكنا للأسمدة سنويًّا لا يتعدى ال 9 ملايين طن، والفارق يتم تصديره إلى الخارج. وقال هاشم فرج رئيس الاتحاد العام لنقابات صغار المزارعين المصريين إن احتياجاتنا الفعلية من الأسمدة تصل إلى 11 مليون طن من الأسمدة سنويًّا، وهو ما تعجز الشركات عن توفيره، حتى أصبحت نسبة العجز تتجاوز 60%، لافتًا إلى ضرورة منع شركات المنطقة الحرة من تصدير الأسمدة للخارج؛ حتى تفي باحتياجات السوق الداخلية أولاً وبأسعار مناسبة لا تمثل عبئأ على المزارعين. وأوضح فرج أن غياب الرقابة على الجهات المسئولة عن منظومة توزيع الأسمدة هو المسئول عن خلق السوق السوداء، "ولا ننكر أن هناك معدومي ضمير يقومون بتقديم حيازات وهمية لزيادة حصتهم من الأسمدة، ولكن ذلك يتم بمباركة الجمعيات الزراعية التي تعتمد الحيازات، لذا نطالب بحتمية تشكيل لجان لمسح المساحات الزراعية وزمام كل قرية". مشيرًا إلى أن الفدان يحتاج سنويًّا إلى 12 شيكارة، يتم تقسيمها بالتساوي على عروات الزراعة الثلاث (الشتوية – الصيفية – النيلية)، كاشفًا أن ذلك لا يحدث على أرض الواقع ، فمع كل موسم يحصل على شيكارتين على أقصى تقدير في بداية الموسم الزراعي، ويستكمل الفلاحون باقي احتياجاتهم من السوق السوداء. فيما أكد الدكتور علي إسماعيل رئيس اللجنة التنسيقية للأسمدة بوزارة الزراعة أن شركات الأسمدة سواء الحكومية أو المناطق الحرة التزمت مؤخرًا بتوريد الحصص المتفق عليها شهريًّا إلى وزارة الزراعة، والمتمثلة في 140 ألف طن توفرها شركة أبو قير للأسمدة، و50 ألف طن إجمالى التزامات شركة الدلتا للأسمدة، بينما قدرت اللجنة الحصص المقررة على الشركة المصرية للأسمدة ب 65 ألف طن شهريًّا، وحصة موبكو ب 35 ألف طن، وحلوان 35 ألف طن، والإسكندرية للأسمدة 35 ألف طن شهريًّا. وأوضح رئيس اللجنة التنسيقية للأسمدة أنه يتم إنتاج 4 ملايين طن من الأسمدة الأزوتية منها 2 مليون طن تصل للمزارع بسعر مدعم ويبلغ 75 جنيهًا للشيكارة، والنصف الآخر وهو 2 مليون طن يباع بسعر السوق الحر، وهو 150 جنيهًا للشيكارة، حيث يحصل المزارع على 4 شكاير، منها اثنتان مدعمتان واثنتان بسعر السوق السوداء، لافتًا إلى أن الاحتياجات السمادية لموسم الزراعة الشتوي أقل من الصيفي؛ ولذا فإن أزمة الأسمدة تقل حدتها خلال هذا الموسم، وقد تم عمل كوتة من إنتاج المصانع خلال فصل الشتاء، بحيث يتم عمل مخزون من الأسمدة لمواجهة زيادة احتياجات الزراعات الصيفية له، وذلك يحدث طبقًا للمقننات الفعلية لكل محصول والتي يضعها قطاع الإرشاد الزراعي.