تسود العاصمة اليونانية أثينا حالة من التوتر والاحتجاجات بدأت أمس الأول الجمعة، بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الوزراء التركي "أحمد داود وأغلو"، والتي تهدف إلى استئناف المفاوضات بين شطري الجزيرة القبرصية، وإبرام اتفاق بشأن استغلال الرواسب الهيدروكربونية في شرق البحر المتوسط وهي قضية أدت إلى انهيار محادثات السلام بين القبارصة اليونانيين والأتراك في أكتوبر، ويأتي في الوقت نفسه مناقشة ميزانية العام المقبل 2015 والتصويت عليها في البرلمان. تزامنا مع زيارة "أوغلو" تجمع آلاف المحتجين وسط العاصمة اليونانية أثينا لإحياء الذكرى السادسة لإطلاق الشرطة النار على المراهق الأعزل "ألكسندروس غريغوروبولوس" البالغ من العمر 15 عاما وقتله وسط أصدقائه، عندما تعرض لطلق ناري يوم 6 ديسمبر 2008 في أعقاب تلاسن مع رجال شرطة، وأدى مقتله إلى أسبوعين من أعنف أعمال شغب لم تشهدها اليونان منذ عقود. أشعلت الحادثة حينها موجة غضب واسعة واندلعت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في مدينة "تسالونيك" شمال البلاد، طالب حينها المتظاهرون باستقالة الحكومة، ورشق الشباب قوات الشرطة بالحجارة والقنابل الحارقة واحرقوا إطارات سيارات وحطموا واجهات عدة متاجر، ما دفع أفراد الأمن للرد عليهم بإطلاق القنابل المسيلة للدموع واعتقلت عددا منهم، تأتي ذكرى الحادث هذا العام وسط احتجاجات عنيفة ليلية شبه يومية يطلقها أنصار أحد أصدقاء "غريغوروبولوس"، ويدعى "نيكوس رومانوس"، وهو يساري مسجون حاليًا لإدانته في سرقة مصرف، ويخوض إضرابًا عن الطعام منذ 27 يوماً مطالباً بحقه في تلقي دروس خارج السجن. وصلت الاحتجاجات إلى ذروتها اليوم الأحد، حيث وقعت صدامات بين الشرطة ومجموعات من المتظاهرين تجمعوا وسط العاصمة، فيما تحدثت الشرطة عن اعتقال أكثر من 200 شخص، وتم تحطيم زجاج واجهات بعض المحال واتخذ التحرك طابعاً عنيفاً حين وصلت التظاهرة إلى جوار البرلمان، وفي الشوارع المحاذية، رشق المتظاهرون قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة، فيما رد عناصرها باستخدام الغاز المسيل للدموع، وقدرت الشرطة عدد المشاركين في التظاهرة بخمسة آلاف شخص، في حين تحدث المشاركون عن نحو 10 آلاف، كما وقعت أعمال عنف في "سالونيكي"، حيث تظاهر 6 آلاف شخص بعد الظهر وفي 4 مدن يونانية أخرى وجزيرة كريت. بالتزامن مع اندلاع هذه الاحتجاجات وصل رئيس الوزراء التركي "أحمد داوود أوغلو" إلى العاصمة اليونانية، يوم الجمعة، في زيارة رسمية لتفعيل مجلس التعاون التركي اليوناني رفيع المستوى، ويترأس "أوغلو" مع نظيره اليوناني "أنطونيوس ساماراس"، الاجتماع الثالث لمجلس التعاون التركي اليوناني رفيع المستوى، الذي انعقد يومي الجمعة والسبت، في محاولة لتعزيز العلاقات التركية- اليونانية بعد أن كانت تدهورت في الأعوام الماضية بسبب قضية الجزيرة القبرصية التي تم تقسيمها إلى شطر شمالي يسيطر عليه القبارصة الأتراك، والشطر الجنوبي الذي يسيطر عليه القبارصة اليونان، والتنازع حول بحر إيجة. فرضت السلطات اليونانية إجراءات أمنية مشددة في العاصمة أثينا، كما حظرت تنظيم المظاهرات في جزء كبير من وسط أثينا، ونشرت مئات من أفراد الشرطة وعناصر مكافحة الشغب على طول الطرق وفي المناطق التي من المتوقع أن يزورها "داود أوغلو" تحسباً لاندلاع أي أعمال عنف.