عاد من جديد الحديث حول أحكام الإعدام بعدما أحالت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد ناجى شحاتة -أول أمس الثلاثاء- أوراق 185 متهمًا للمفتي بعد إدانتهم ب«مذبحة كرداسة» التي أعقبت فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، جاء هذا بعدما وجهت النيابة العامة للمتهمين تهمة الاشتراك في مذبحة مركز شرطة كرداسة، والتمثيل بجثث الضباط وإتلاف مبنى القسم، وحرق عدد من سيارات ومدرعات الشرطة وحيازة الأسلحة النارية الثقيلة. عقوبة الإعدام: الإعدام هو إحالة وجود موجود إلى العدم أي إبطال وجوده بإزهاق روحه عن طريق وسائل مختلفة باختلاف القوانين والأعراف، واستئصال الجاني من المجتمع على نحو قطعيّ ونهائيّ، لقد طبق تنفيذ حكم الإعدام على المجرمين والخصوم السياسيين في كافة المجتمعات تقريبًا من أجل عقاب الجريمة وقمع المعارضة السياسية. البداية فى مصر: سجلت أول حالة إعدام موثقة في القرن السادس عشر قبل الميلاد، وحدثت في مصر الفرعونية حين اتهم عضو في مجلس النبلاء بممارسة السحر وحكم عليه بأن يقتل نفسه عقابا له، ومنذ ذلك التاريخ تعددت أنواع الإعدام وتغيرت طرق تنفيذه عبر الزمن، واختارت كل الأنظمة وعلى اختلافها طرق إعدام تتناسب مع طبيعتها المجتمعية والسيكولوجية، ووضعت لها طقوسا وإجراءات وأساليب متنوعة، تختلف باختلاف كيفية الإعدام والغاية منه، إذ يقسم من تنطبق عليهم عقوبة الإعدام حسب قوانين البلد، ومنها من يأخذ طابعا دينيا ومنها من يأخذ طابعا اجتماعيًا. أحكام الإعدام في مصر: لم يعتد المواطنين سماع أحكام الإعدام في مصر حيث أنها قلت في العصر الحديث، حيث كانت أشهر قضية إعدام توقفت عندها أذان المواطن المصري عند سماع أحكام الإعدام كان في 10 أكتوبر 2011، على «محمد أحمد محمد حسين، وشهرته حمام الكموني 41 عاما، مقيم بنجع حمادي في محافظة قنا، بتهمة قتل 6 مسيحيين ومسلم واحد عمدًا، والشروع في قتل آخرين وإتلاف بعض المحال التجارية. وبدأت وقائع القضية في 6 يناير 2010، ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بنجع حمادي، حيث قام المذكور بإطلاق النيران بكثافة على إحدى الكنائس، ما أدى إلى مقتل 7 مواطنين. من جديد: عادت من جديد أحكام الإعدام تمطر أذان المواطنين عقب 30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسى وجماعته، من سدة حكم مصر، ولما شاهدته مصر من اشتباكات دارت بين قوات الأمن وبين أنصار عدد من المسيرات والاحتجاجات التي نشبت عقب قيام قوات الأمن بفض ميدان رابعة العدوية الذي قُتل فيه المئات وأصيب الآلاف. مع منتصف عام 2014 بدأت أحكام الإعدام حيث كان أولها الحكم بإعدام 37 شخصًا، في أحداث مطاي، وإحالة أوراق 683 متهمًا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، بينهم محمد بديع مرشد الإخوان، إلى المفتي في أحداث عنف بمركز العدوة بمحافظة المنيا، مروراً ب«حكم جنايات المنيا في جنوبالقاهرة بإعدام 529 شخصا من أنصار الرئيس المعزول -على حد حيثيات المحكمة-، وأيضاَ الحكم بإعدام 7 مواطنين في محاكمة عسكرية والتي عرفت إعلامياً بقضية «عرب شركس»، وعدد من أحكام الإعدام، كان نهايتها ما قضت به محكمة جنايات الجيزة أمس بإحالة 185 إلى إوراق المفتى للبت في حكم الإعدام بالقضية التي عرفت إعلامياً ب«أحداث كرداسة». إعدام عائلة بأكملها من كرداسة: الملفت للنظر في قضية كرداسة أن هناك ضمن أوراق القضية وأسامي المتهمين، أسرة الحاجة سامية شنن، والمتكونة من هي (الأم) وولديها، حيث أقبلت قوات الأمن على اعتقال ولديها عقب أحداث قسم كرداسة ولم تجدهما وتم القبض عليها لإجبارهم تسليم أنفسهم إلا أنهم بالرغم من قيامهم بهذا فوجئوا بإدراج اسم والدتهم في نفس المحضر بنفس التهم لتصبح عائلتهم مجتمعه الآن تحت طائلة حكم المفتى وفقاً لما ذكرته صفحة الحرية للجدعان. موقف الدول حول قضايا الإعدام في مصر: قدمت عدد من الدول توصياتها لمصر في مؤتمر جنيف لحقوق الإنسان حيث أعربت عدد من الدول، عن قلقها بشأن أحكام الإعدام، وطالبت مصر بحماية حرية التجمع وتعديل قانون التظاهر. وعن ذلك قال مصطفى الحسيني، المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك، إن عقوبة الإعدام في حد ذاته مرفوض تماما، مضيفا أن العديد من دول العالم ألغت حكم الإعدام، وأن هناك بروتوكول دولي يجب على مصر التوقيع عليه لإلغاء مثل هذه العقوبة في مصر التي تتنافى تماماً مع حقوق الإنسان، مؤكداً أن معظم المحاكمات الحالية في مصر هي محاكمات سياسية وأن هذا سيدفع بدخول القضاء كطرف في الصراع السياسي. ومن جانبه قال الحقوقي محمد صبحي، عضو مركز نضال للحقوق والحريات، إن قرار إحالة أوراق 185 متهما في قضية كرداسة إلى المفتى يثير السخرية في ظل أحكام البراءات التي رأيناها في الفترة الماضية بحجة انتقاص الأدلة. وتعجب قائلاً: «كيف يتسبب مقتل ضابط فى تحويل أوراق 185 شخصا إلى المفتى، بالرغم من أن قتل المئات من المواطنين قابلة البراءة»، مضيفا «إذا كان الغرض من الأحكام الصادرة بهذه الغلظة، هو تحقيق الردع العام فذلك لن يحدث، بل ستكون هذه الأحكام محفزا للإرهاب والعنف».