«العزل» إحدى درجات العقوبة لأي موظف عام يخالف القانون، بدءا من أصغر موظف، وصولًا للوزير ورئيس الحكومة، وانتهاء برئيس الجمهورية، لكن في مجتمعنا، بعض أصحاب الكراسي والمناصب لا يتركونها إلا مع الموت. رجال النيابة العامة والقضاء ومستشاري المحكمة الدستورية غير قابلى العزل تنص المادة 67 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، على أن رجال القضاء والنيابة العامة، عدا معاوني النيابة، غير قابلين للعزل، ولا ينقل مستشارو محكمة النقض إلى محاكم الاستئناف أو النيابة العامة إلا برضاهم. كما تنص المادة 11 من قانون المحكمة الدستورية العليا، الباب الثالث الخاص بحقوق الأعضاء وواجباتهم على أن أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل. وحول تعين رئيس المحكمة الدستورية، أفادت المادة 5 من نفس القانون بأن: يعين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية، ويعين عضو المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وذلك من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة، ويرشح الآخر رئيس المحكمة. العزل بالتأديب رغم كل تلك الحصانات التي يتمتع بها هؤلاء من الإقالة، إلا أنه من الممكن عزلهم، لكن عن طريق واحد فقط هو "التأديب" وينظمه قانون السلطة القضائية، حينما يقع من القاضي ما كان مخالفاً لواجباته أو لمقتضيات وظيفته. ومن العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على القضاء حال إدانته، هي اللوم والعزل، ويتعين على وزير العدل تنفيذ الأحكام الصادرة من مجلس التأديب، ويصدر بها قرارا جمهوريا بتنفيذ عقوبة العزل وينشر في الجريدة الرسمية. أما منصب النائب العام، كان لنا عبرة فى المستشار طلعت عبد الله، الذي صدر في حقه حكم بالعزل من منصبه بعد إحالة أوراق القضية إلى مجلس التأديب وفق المادة 111 من قانون السلطة القضائية، والتحقق من اتهامه بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، بزرع أجهزة تنصت فى أماكن خفية بأجهزة مقاومة الحرائق وإخفاء «الميكروفونات» بين الكتب، داخل مكتبه، وتصوير المترددين على مكتبه وتسجيل ما يدور معهم من أحاديث دون علمهم. رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.. 4 سنوات لترك المنصب يتبع الجهاز المركزي للمحاسبات رئاسة الجمهورية بشكل مباشر، ويعمل مع أعلى جهة رقابية في الدولة، ويعد منصب رئيس الجهاز محصنا طبقًا للدستور وغير قابل للعزل حسب حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري في 25 نوفمبر، التي رفضت دعوى قضائية تطالب بإلغاء قرار الرئيس الأسبق محمد مرسي بتعيين المستشار هشام جنينة رئيسًا للجهاز. كما تنص المادة 20 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات على: "لا يجوز عزل رئيس الجهاز قبل اكتمال مدته القانونية، التي تبلغ4 سنوات، ولا يجوز إعفاءه من منصبه، ويكون قبول استقالته بقرار من رئيس الجمهورية. وتعتبر مدة ولاية عمل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أربع سنوات، يترك فقط المنصب وقتها حينما تنقضي تلك المدة، ويتم تعينه من قبل رئيس الجمهورية. شيخ الأزهر المحصن بالدستور.. عزل في عهد الملك الفاروق حسم دستور مصر لعام 2014 الجدل حول منصب شيخ الأزهر وموقفه من العزل حينما نصت المادة السابعة منه باب المقومات الأساسية للمجتمع على: الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. من جانبه، برر الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، عدم عزل شيخ الأزهر بأنه رمزا للمسلمين ليس على مستوى مصر فقط، بل العالم كله، ويعبر عن ضمير الأمة بأكملها. لكن منصب شيخ الأزهر طبقًا للتاريخ تعرض للعزل مرة واحدة عام 1951، عزل الملك فاروق في أكتوبر 1951م الشيخ عبد المجيد سليم؛ لتوجيهه اللوم والانتقاد إلى الملك؛ نظرًا لإنفاقه العديد من الأموال التي رأها شيخ الأزهر إسراف لسفره للمصيف، في الوقت الذي كان الشعب يعاني من الاحتياج والفقر، وكانت الجملة التي أدت إلى عزله هي: "تقتير هنا وإسراف هناك". البابا.. «السادات» فشل في عزله والموت وحده لترك المنصب تؤمن الكنيسة أن الأبوة عمل روحي وليس وظيفي، وبالتالي لا يجوز عزله من هذا العمل، ولا يجوز أيضًا احالته على المعاش، ويوجد مصطلح التجريد من كهنويته حال قيامه بنشر تعاليم خارج العقيدة التي يطلق عليها باللغة الدارجة فى الكنيسة "شلح" عن منصبه تتم بعد إقراءات معقدة وعديدة. وحتى مع إصابة البابا بمرض ما يعيقه عن الحركة والعمل، أيضًا لا يتم عزله، وتكون الخطوة البديلة اللجوء ل"القائم مقام"، ويتم تعينه ليؤدى أعمال البابا، بينما يظل البابا في موقعه حتى وفاته. وهناك حالة وحيدة تم إزاحة البابا فيها عن منصبه، حينما قرر الرئيس السابق محمد أنور السادات في 9 سبتمبر عام 1981 عقب وقعة الزاوية الحمرا، حينما أعلن تحديد إقامة البابا شنودة في الدير، كخطوة أشبه ما يكون بالاعتقال، وقال في خطابه الشهير وقتها «الدولة لا تتدخل في التقاليد الكنسية التي تقرر انتخاب البابا». ولأن ما حدث لم يكن عزلًا كما يعرف، قام الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1985 بعدما تولى منصبه بالإفراج عن البابا شنودة الذي عاد لممارسة عمله كاملًا غير منقوص بكرسي الباباوية.