الدول المتقدمة قلصت أعداد مصانع الأسمنت ونقلتها إلى الدول المتخلفة والفقيرة. ونحن نزيد منها نقل مصانع أسمنت حلوان إلى بنى سويف ليس حلاًّ للمشكلة.. ويكفى بنى سويف ما بها من مصانع للأسمنت لدينا مئات التشريعات والقوانين التى تخص البيئة.. ولكن لا يتم تفعيلها على أرض الواقع محافظ بنى سويف الأسبق كان ينوى إنشاء مرصد بيئى.. ولكن فشل تنفيذه برحيله المبيدات المسرطنة سبب انتشار الأمراض المزمنة والموبوءة جامعة بنى سويف سوف تنشئ مركزًا بحثيًّا يختص بشئون البيئة ودراسة نهر النيل بعد أن قررت لجنة الجوائز بالاتحاد العالمى لعلم السموم (IUTOX) اختيار الدكتور "خالد عباس" رئيس قسم السموم بكلية الطب البيطرى بجامعة بنى سويف للتكريم ضمن عدد من المتخصصين والعلماء فى علم السموم على مستوى العالم والحاصلين على جوائز علمية أخرى، ودعوته من اللجنة المنظمة لحضور الاجتماع السنوى للاتحاد العالمى لعلم السموم وحضور المؤتمر السنوى لجمعية علم السموم (Society of Toxicology) لعام 2015 فى الفترة من 22 إلى 26 مارس 2015 في سان دييجو، كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية. كان ل "البديل" حوار معه؛ للتعرف على علم السموم بمصر وأهميته وجهود الدولة الخاصة بالبحث العلمى؛ للتعرف عن مدى رضاه عن سياسات الحكومة تجاه المشكلات البيئية المختلفة والتى تهم المواطن البسيط. فى البداية نريد التعرف منك وبشكل مبسط على علم السموم؟ علم السموم يهتم بجميع السموم البيئية.. كل ما يتعلق بالبيئة من مواد طبيبعية وغير طبيبعة، وأى مادة صحية تزيد عن الحد المسموح به. ويهتم علم السموم بدراسة المعادن الكبيرة، مثل الرصاص والكاديوم وغيرهما. والتي إذا زادت نسبتها بالماء، فإنها تسبب أمراضًا عصبيةن بجانب دراسة المبيدات الحشرية وتأثيرها على البيئية. كيف تؤثر المبيدات الحشرية على الطبيعة؟ هناك مثال بسيط لهذا الأمر، وهو موت النحل بسبب زيادة المبيدات والتى ينشرها المزارع بمناحل النحل، فيموت. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يكون العسل به نسبة كبيرة من المبيدات. الكثير يتحدث عن أن الأبحاث العلمية تبقى حبيسة الأدراج، فما ردك على تلك المقولة؟ من جهتنا جميع الأبحاث التى نقوم بها بقسم السموم نقوم بتفعيل نتائجها من خلال توجيهها إلى الجهاز الإدراى والحكومى للدولة. كيف ترى التوجه الحكومى والذى أعلن في فترة ماضية عن نقل سبعة مصانع للأسمنت من حلوان إلى محافظة بنى سويف؟ لا بد أن نعرف أولاً أن صناعة الأسمنت من الصناعات الملوثة للبيئة فى كل مرحلة من مراحل الإنتاج، أى أن التلوث غير قاصر على الغازات المنبعثه فقط. ثانيًا فى الوقت الذى قلصت فيه دول العالم المتقدم صناعة الأسمنت على أراضيها ونقلت هذه الصناعة الي البلدان الفقيرة والأكثر تخلفًا، نجد أننا نتوسع في هذه الصناعة الملوثة للبيئة، رغم أن مصر تنتج حوالي 40 مليون طن أسمنت سنويًّا، وهو ما يزيد عن حاجتها، حيث تصدر 10 ملايين طن أسمنت سنويًّا، فمن الواضح أننا سوف نصبح مطبخًا لإنتاج الكلنكر للتصدير مع كل ما يصاحبه من تلوث للبيئة واستنزاف للموارد واستغلال للمجتمعات. وهذا الأمر خطير جدًّا، ويضر بصحة المواطن المصرى بصفة عامة وبصحة المواطن السويفى بوجه خاص، إذا تم تنفيذ هذا القرار. وما هى المخاطر الناتجة عن تواجد مصانع الأسمنت من الناحية البيئية والصحية؟ تنقسم إلى ملوثات صلبة وملوثات غازية. الملوثات الصلبة هى عبارة عن الجزيئات الصلبة الناتجة عن التشغيل، أو ما يسمى الباى باص (الممرات الجانبية)، والملوثات الغازية المتمثلة فى غازات ثانى أكسيد الكربون وغاز أول اكسيد الكربون وغاز ثانى أكسيد الكبريت وأكاسيد النتروجين. ولمعرفة خطورة هذا التلوث، فإن انتاج الطن الواحد من الأسمنت يصاحبه: 1- انبعاث أكثر من طن من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يساعد على الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، بالإضافة إلى الغازات الضارة الأخرى. 2- أتربة أفران الأسمنت وأتربة ال "باي باص" والتي تصل إلى 400 – 500 طن يوميًّا من كل خط إنتاج واحد هي أتربة عالية القلوية تدفن في أراضينا؛ مما يرفع من قلوية التربة، ويجعلها غير صالحة للزراعة مستقبلاً، ويجعل من مناطق الدفن مناطق معزولة (مدافن نفايات). والجرد لجملة الانبعاثات الناتجة من مصانع الأسمنت القائمة في مصر حاليًّا يبين أن الملوثات الضارة الناتجة سنويًّا على النحو التالي: 45 مليون طن غاز ثاني أوكسيد الكربون و2 مليون طن أتربة الباي باص، و1.120.000 طن أكاسيد نيتروجين، و200.000 طن أكاسيد كبريت، و160.000 طن أول أكسيد الكربون، و4000 طن كلوريد الهيدروجين، و400 طن فلوريد الهيدروجين، و20.000 طن أتربة مداخل الأفران، بالإضافة إلى انبعاثات أخرى عالية السمية، مثل الديوكسين والفيوران. بجانب أنه ينتج عن هذا التلوث العديد من المخاطر الصحية: يؤثر غبار الأسمنت على المتعرضين له لفترات طويلة نظرًا لاحتوائه على السليكا الحرة، حيث يؤدي إلى الإصابة بمرض السليكوس "التسمم السليكي"، خاصة في المعامل التي تنتج الأسمنت المقاوم للحوامض. كما يؤدي التعرض لغبار الأسمنت للإصابة بالأمراض الجلدية والحساسية والقرحة المعدية والاثني عشرية، إضافة إلى أن تشغيل المعامل بدون مرسبات غبار أو في حالة كون هذه المرسبات تعمل بكفاءة قليلة،فإن ذلك يؤدي إلى تأثير سلبي في الرؤية في المناطق المجاورة وعلى البث الإذاعي والتليفزيوني. وما هى الجهود البحثية لمواجهة هذا الأمر؟ فى عام 2007 أقامت الجمعية المصرية للسموم البيئية مؤتمرًا علميًّا عن التلوث البيئى فى الوطن العربى، حذرت فى توصياتها من التوسع فى إقامه مصانع الأسمنت، ونتج عن هذا المؤتمر رغبة اللواء مهندس أحمد زكى عابدين محافظ بنى سويف الأسبق فى إنشاء محطة رصد بيئى تكون مسئولاً عنها أى جهة محايدة كالجامعة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى المهتمة بالبيئة، ولكن ذهب الموضوع أدراج الرياح، وذلك بالتزامن مع نقل المحافظ لتولى منصب محافظ "كفر الشيخ". وما هى الجهة المسئولة عن متابعة تنفيذ مصانع الأسمنت ببنى سويف للاشتراطات البيئية؟ تقع المسوؤلية بنطاق جهاز شئون البيئة، ويتم معرفة هل الأدوات بها نسبة تهالك أم لا، وهل نسبة الانبعاثات زيادة عن الحد المسموح، وبالتالى فأنا أرى أنه يكفى هذا القدر الموجود ببنى سويف من المصانع. كيف ترى مناداة البعض بوجود تشريعات قانونية تنظم هذا االاتجاه؟ بمصر آلاف التشريعات البيئية، ولكن قضايا البيئة ليست ضمن الأولويات بمصر، فعلى سبيل المثال هناك قانون يمنع تداول اللحوم الحية، ولا يتم تفعيله، والسبب مجهول، بجانب أن الجزء الخاص بالاهتمام بالبيئة مهمش. الحلول البيئية تكون شعبية أم حكومية؟ على الجانبين الشعبى والإعلامى أن يوجها فقط للنقاط الرئيسية، وعلى الجهاز الإدارى أن يجد الحلول، فمثلاً توجد بعض العادات مثل أن الفراعنة كانوا يعتقدونأ نهر النيل يساءل عنه المصرى بعد موته، ولكن الآن ما هو وضع نهر النيل بالنسبة للمصريين؟ الجميع يرى الحال السيئ بالطبع، ولا نرضى عنه بسبب بعض الأساليب الخاطئة التى تمارس بحق النهر الذى هو شريان الحياة بمصر. هل تعتبر المبيدات المسرطنة والتى تم إدخالها إلى مصر بطرق أو بأخرى تسبب أزمة لديكم؟ المبيدات الحشرية ووجود المعادن الثقيلة تسببا في الأمراض المزمنة والموبوءة بمصر، إضافة إلى العديد من الميكروبات، وهناك مبيدات حشرية كثيرة مهربة كما أن بعض المبيدات تصنع بمصانع غير مرخصة بمصر، وهذا مكمن الخطورة، بجانب أن الوعى الصحى لدى الفلاح بسيط جدًّا، وهناك لجنة بوزارة الصحة ووزارة الزراعة تسمى ب "لجنة السميات"، وتضم علماء كثيرين، ومن المفترض أن تهتم باستيراد وتداول المبيدات على مستوى الجمهورية. وبالنسبة لمصانع الأغذية المنتشرة بكافة أنحاء مصر؟ في ظل إنتاج 80% من غذاء المصريين بواسطة مصانع عشوائية، سيكون دور التشريع ووجود جهاز سلامة الغذاء – رغم أهميتهما – ثانويًّا. هذه المصانع لا تعتمد نظم الإنتاج أو الجودة أو تاريخ الصلاحية، وهذ العدد من المصانع العشوائية يجعلنا نتخوف على صحة الإنسان، وأنبه إلى أن الحديث عن عدد قضايا الغذاء المقدرة بنحو 500 ألف قضية سنويًّا يحتاج إلى تدقيق إحصائي، وهو ما نفتقد إليه في مصر، والقضايا التي يرصدها مفتشو الصحة لا يمكن الاعتداد بها؛ نظرًا لغياب المعايير العلمية للتحديد الدقيق لماهية المخالفة الصحية، والأرقام تشير إلى أن المعدل الأكبر من غذاء المصريين ينتج بشكل عشوائي, وفي ظروف لا تخضع للشروط الصحية ولا للرقابة على مقاييس السلامة والجودة، مما يثير جدلاً حول تأثير ذلك على صحة المصريين ودور القوانين وأجهزة الرقابة في حمايتهم. وبلغت المخالفات المتعلقة بسلامة الغذاء في مصر 500 ألف سنويًّا، حسب مدير مشروع إنشاء جهاز سلامة الغذاء الدكتور حسن منصور، كما أن عدد المصانع المسجلة رسميًّا لإنتاج الغذاء يصل لنحو 3000 مصنع تنتج 20% فقط من الغذاء بمصر، بينما تنتج المصانع العشواية نحو 80%. أمين لطفى رئيس جامعة بنى سويف أعلن عن دعمه لمشروع بحثى كنت قد قدمته، نريد التعرف على أهم جوانب هذا المشروع؟ أتوجه بالشكر بالتأكيد لرئيس الجامعة؛ لدعمه للاتجاه البحثى، وأتمنى أن يسير باقى رؤساء الجامعات على هذا النهج. والمشروع يختص بدراسة نهر النيل، وذلك من منطقة شبرا الخيمة إلى مركز الفشن (القاهرة الكبرى حتى بنى سويف)، وسوف يتم أخذ عينات من المياه والأسماك والرواسب الطينية من نهر النيل، وقياس الملوثات البيئية، وسوف نقوم بتحديد ما هى مصادر التلوث بجميع تلك المناطق، والنتائج سوف تصاغ بورقة بحثية، وننشرها بدورية عالمية، كما سيتم إرسالها إلى وزارة البيئة، وتدرج بالكتاب الدورى للوزارة. هل هناك خطة لإنشاء مركز بحثى متكامل ببنى سويف؛ ليعزز هذا الاتجاه؟ في سياسة الجامعة الجديدة تم عمل منطقة بحثية سوف تضم العديد من المراكز المتميزة والتى تهتم بعلوم المستقبل، وسيكون من ضمن أهداف مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية نقل واستيعاب التكنولوجيا طبقًا لخطة علمية مدروسة، حيث سيقم بتجميع كوادر بحثية من مختلف التخصصات بالجامعة كهيكل واحد لعمل بحوث لحل المشاكل الميدانية طبقًا لاتفاقيات تبرم مع الوزارات والمناطق الصناعية وقطاع الأعمال، ومن ضمن أهدافه أيضًا تقديم استشارات فنية ودراسات جدوى ومشاركة ميدانية لحل المشكلات. ووافق رئيس الجامعة، ورشحنى لتولي هذا المشروع، ووعد بتقديم دعم مالى من أجل إنشاء هذا المركز.