ناقشت ندوة القصص البوليسية أدب العدالة والجريمة، ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض الشارقة الدولي للكتاب الثالث والثلاثين، وركزت على تفاصيل وأهمية ودور القصة البوليسية في التوعية وما تحمله من رسائل للمجتمع، وما يميزها عن غيرها من القصص في عالم الأدب، خصوصاً في ظل سعيها إلى العدالة، وشارك فيها "هي جيا يونغ" أستاذ القانون في الجامعة الشعبية في بكين، خبير أدلة جرائم وروائي، والكاتب اليمني وخبير البصمات، محمد أحمد الجار الله، والكاتبة الإماراتية، ومديرة سجن النساء في دبي، سعاد يوسف، وأدرة الندوة ري عبد العال. عرض الخبير الصيني، خي جيا يونغ، قصة حقيقية من واقع المحاكم والملفات الشرطية في الصين، تروي خطأ وقعت فيه المحكمة والشرطة، وبناء عليه أصدرت المحكمة الحكم بحق "المتهم"، وأمضى أكثر من 11 سنة في السجون، إلى أن حدث شيء ما نقض حقيقة ومضمون الحكم، الأمر الذي اضطر القضاة إلى إعادة المحكمة من جديد، والإفراج عنه والاعتذار له، والتعويض عن السنوات التي أمضاها في السجون. ان القضية أساساً تدور حول جريمة قتل؛ حيث عثر على جثة متحللة لسيدة من فترة زمنية طويلة، وبعد التحقيقات وجمع المعلومات والأدلة، تبين أن الزوج هو المتهم الأساسي والوحيد، وعليه صدر ذلك الحكم، لكن بعد 11 سنة وإذا بالزوجة المفترض أنها قتلت وماتت، "تعود إلى الحياة"، ما يؤشر على أن كل القضية من أساسها ليست دقيقة وصحيحة، ولا علاقة للزوج وزوجته بتلك الجثة المتحللة. وعليه، وبعد تلقي الجميع تلك الصدمة المذهلة، أعيد التحقيق من جديد، واتخذ مسارات أخرى، لكن بالنسبة لذلك الزوج فقد غادر السجن بريئاً. وتابع يونغ: إذاً هناك أخطاء قد تقع، وقد يترتب عليها حكم ما، المهم في الأمر أنه لا بد من التروي والتريث والتدقيق في مختلف التفاصيل كبيرها وصغيرها، مشيراً إلى أن مثل هذه القضية تصلح لأن تكون رواية بوليسية مع بعض الإضافات والتعديلات والخيال وفقاً للكاتب، لافتاً إلى أنه عندما يكتب رواية بوليسية ما، فإنه كثيراً ما يستند إلى الواقع حيث يعمل في مجال القانون، وفي المحاكم. موضحاً أنه يكتب روايات بوليسية مستنداً على أفكار قانونية. ومن جانبه، قال محمد أحمد الجار الله، إن القصة البوليسية هي ذات نمط واحد، تتحدث عن جريمة معينة، وتفاصيل متنوعة، لكن في النهاية تتحقق العدالة، وأضاف: إن القصة البوليسية لا بد أن تكون من نسج الخيال، أما إذا كانت واقعية، فهي قصة من نوع مختلف لا تصنف كقصة بوليسية عموماً، ولفت إلى أن القصة البوليسية تستند إلى الخيال ولا تتجاهل ذكاء القارئ، وتعيش بأحاسيسه ومشاعره، حتى أن نجاحها يأتي من إحساس القارئ فيها، مشيراً إلى أن القصة البوليسية تساهم بطريقة غير مباشرة في الحد من الجرائم. وأكد على أهمية الأدلة العلمية الجديدة في عالم البحث عن الجريمة والإدانة التي تقود إلى الوصول إلى العدالة والحقيقة. وبدورها، قالت سعاد يوسف، إن عنصر الخيال مع التشويق هو أساس القصة البوليسية التي ترتكز على الحبكة، موضحة ان الحبكة والتشويق هما ثوابت مهمة جداً في كتابة القصة البوليسية، واعتبرت أن كتابة القصة البوليسية ليست عملاً مريحاً، بل مرهقاً جداً، خصوصاً في موضوع التشويق، حيث يشبه ذلك الأمر كيفية إدخال شخص ما إلى غرفة مظلمة جداً، ومن ثم تدور الأحداث والتفاصيل إلى أن يصل إلى النور. وتابعت: إن القصة البوليسية نوع من أنواع الأدب يتضمن مختلف تقنيات القصة، ويعتمد على قصة فيها مجرم وضحية وتشويق وخيال، ولفتت إلى أن القصة البوليسية أينما وكيفما كانت يجمعها طابع الرسالة التوعوية التي تحملها.