كتبت : هبة البيه – تصوير : عمر البقلي المجموعة الإيطالية: إغلاق المصنع من أجل التطوير ولا مساس بحقوق العاملين قيادي باللجنة النقابية : المستثمر اشترى الشركة من أجل التطوير وليس التكهين وبيع الأراضي العمال: من 23 يوليو 52 لم يجرؤ وزير أن يغلق مصنع بهذا الشكل.. والهدف من التخسير بيع أراضي الشركة المقدرة ب 70 مليار جنيهاً المطلة على النيل كشف عمال شركة أسمنت بورتلاند طرة المعتصمون لليوم الثالث على التوالي عن الأسباب الخفية وراء إغلاق عدد من خطوط الإنتاج، ذلك الاعتصام الذي بدأ احتجاجاً على اتخاذ وزير البيئة قرارًا بإغلاق مصنع أسمنت طرة "1″ بشكل طوعي وقت زيارته للمصنع 2 أكتوبر الماضي، بحجة مخالفته لشروط الحفاظ على البيئة. وأكد محمود الصحفي – القيادي باللجنة النقابية للعاملين بأسمنت طرة – رفض العمال قرار إغلاق المصنع، لأنه لا يوجد شيء في القانون يسمى إغلاق المصنع، ولكن إذا خالف المصنع شروط البيئة، فمن الممكن إيقافه لفترة حتى توفيق أوضاعه، ومن ثم العودة للعمل مرة أخرى، فمصنع طرة "1″ به 9 خطوط إنتاج، ومن 23 يوليو عام 1952 لم يجرؤ رئيس وزراء على اتخاذ قرار إغلاق له؛ لأن هذا القرار معناه تسريح العمالة، وبيع المعدات كخردة، وبيع الأراضي. وأشار محمود إلى أن مثل هذا القرار جاء بالمخالفة للقرار رقم 864 لمجلس الوزراء، ورئيس الوزراء اتخذ القرار منفردًا، وهو ما يشير إلى تعمد إهدار المال العام، خاصة وأنه سيتسبب في إيقاف مصنع الأكياس بطاقة إنتاجية 60 مليون شيكارة، وفرن 5 و7 بطاقة إنتاجية 750 ألف طن سنويًّا، وإيقاف 8 طواحين أسمنت بطاقة إنتاجية مليون و800 ألف سنويًّا، وإيقاف كذلك خط التصدير. وأضاف قائلاً "الشركة دي زي مصر تقف على أربع رجول مش على رجل واحدة ،عندها خط سكة حديد باسمها وميناء نهري خاص بها، بيقولوا شعارهم اسم يشيل تاريخ، والمستثمر خلاه اسم يمحي تاريخ". وتابع "منشأة من سنة 1927 استطاع المستثمر أن يوقفها بهذا الشكل إلى أن أصبحت جثة هامدة. المستثمر عندما اشترى الأسهم من الشركة كان للتحديث والتطوير وليس للتكهين وبيع الأراضي". وأكد القيادي باللجنة النقابية أن اعتصامهم ليس من أجل مطالب شخصية، وإنما للمطالبة بتشغيل المصنع العملاق وتشغيل فرن 7 بطاقته الإنتاجية 600 ألف طن، وإذا تم تطويره سينتج مليون و200 ألف طن، خاصة وأنه حرم السوق المصري على مدار عامين 750 ألف طن كان ينتج من مصنع أسمنت طره القديم. وأضاف محمد رمزي – رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالشركة – أن المستثمر تعمد سحب إنتاج الأسمنت المقاوم للكبريتات، والأسمنت الحجري، والأسمنت "سي ووتر" والأسمنت فائق النعومة، وأسمنت "آبار البترول" رغم أن الشركة كانت تحتكر إنتاجه؛ باعتبارها شركة تابعة للدولة، إلا أنه تم حرمان الشركة من هذا المنتج، وتم إسناده إلى الشركات الخاصة به. مشيراً إلى أن الشركة حققت عام 2005 مكاسب بعد البيع حوالي مليار و108 مليون، وتدهور بها الحال إلى أن حققت خسائر 23 مليون جنيه في 31 -8 2014. وعن قرار وزير البيئة بإغلاق المصنع بسبب عدم مطابقته للمواصفات تساءل رئيس اللجنة النقابية "لماذا لم تقم الإدارة بضخ استثمارات لتطويره ومطابقته للمواصفات بدلاً من الإغلاق وتشريد آلاف العمال المثبتين وعمال المقاول؟". فيما قال أحمد عبد المؤمن –أحد العمال بالشركة – إن المصنع الذي تم إغلاقه مقام على مساحة 178 فدانًا يطل على كورنيش النيل، ومن الجانب الآخر طريق الأتوستراد، وبه 7 أفران و8 طواحين، وبه خردة وقطع غيار، وإجمالي قيمة الأرض والخردة يقدر بنحو 42 مليار جنيه، والمستثمر في الأساس اشترى مجموعة المصانع من الحكومة ب 2 مليار جنيه فقط! مشيراً إلى أن المصانع بها ما يسمى بالفلاتر النسيجية، وكنا أول شركة أسمنت تستخدمها، متسائلاً "لماذا لم تعمم التجربة على باقي المصانع بالشركة والمصانع الأخرى؟". وأكد أحمد عبد الباقي – العامل بقسم المشروعات – أنه تم تعيينه بالمصنع عام 1984 ووقتها كانت الأفران من فرن 1 إلى فرن 9 تعمل، ومنذ جاءت المجموعة الإيطالية أصبح المصنع في أسوأ حالاته، وأضاف قائلاً "إذا كانت المجموعة الإيطالية جاية تلعب بالعمالة المصرية وتخرب المصانع فإحنا مش موافقين على ده، ولابد للحكومة المصرية أن تتدخل عشان تستلم المصنع، ونشتغل ونشغل عيالنا". وتابع "عبد الباقي" بصوته المبحوح "أنا خلاص بقيت صاحب مرض وعندي دوالي وعندي قلب، عيني بتوجعني وخلاص عجزت، وعيالي وعيال زمايلي مش لاقيين يشتغلوا، إحنا بقينا بنموت بالبطيء معاهم". وقال عامل آخر يدعى أشرف محمد صالح "إن رئيس الوزراء حاول افتتاح مصانع جديدة، وتوجه الدولة الآن لإعادة البناء والتشغيل، لماذا إذًا نفاجأ بالعكس واتخاذ قرار بإغلاق مصنع عملاق مثل هذا؟!". وتابع "أسمنت السويتر تم اتخاذ عينات منه على مستوى مصر في أربع شركات لعمل مترو الأنفاق". وقاطعنا عامل آخر قائلاً إنهم لا يستبعدون المؤامرة بين الشركة ووزارة البيئة؛ لأن شركة أسمنت طرة الأقل ضررًا من الشركات الأخرى وأكثرهم حفاظاً على البيئة، في الوقت الذي لم تغلق مصانع أكثر ضررًا وقريبة من المناطق السكانية، بل إن مصنع حلوان أكثر قرباً للمنطقة السكنية ويمتلك نفس المعدات، ومع ذلك لم يتم إيقافه! وذلك لأنه مملوك للمجموعة الإيطالية، والدولة لا تمتلك فيه حصة. ومن جانبه قال برونو كاريه – الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات السويس للأسمنت – ل "البديل" عبر رده عن طريق الإيميل إن الإدارة تتفهم جدًّا قلق الموظفين والعاملين بخصوص وظائفهم، وإنها لن تتخلى عن أي موظف في المجموعة. وفيما يتعلق بوقف العمل في مصنع طرة "1″ الذي يطل على كورنيش النيل، قال "كاريه" إنه في ظل التعديلات الأخيرة التي طرأت على قانون البيئة المصري فقد تم تخفيض الحدود القصوى لانبعاثات صناعة الأسمنت ككل، وكان لابد من ضخ استثمارات هائلة في الخطين اللذين تم إيقافهما من أجل الوفاء بالاشتراطات الجديدة، الأمر الذي لم يكن متناسباً مع قدرة الخطين الإنتاجية وارتفاع تكاليف تشغيلهما. مضيفاً أن الهدف من إغلاق مصنع طرة "1″ وضخ استثمارات جديدة في مصنع طرة "2″ هو تحسين القدرة التنافسية لشركة أسمنت بورتلاند طرة المصرية، كي تكون قادرة على مواصلة توفير الأسمنت للسوق لتلبية الطلب المتزايد عليه. مشيراً إلى أن الإغلاق سيتم دون أي تأثير على العملية الإنتاجية أو على العاملين بالمصنع، على أن يتم توزيعهم على مصانع أخرى تابعة للمجموعة أو مساعدتهم في تطوير مشاريعهم الشخصية للتأكد من قدرتهم على دعم وإعالة أسرهم ومواصلة حياتهم المهنية مع استمرار الشركة في تنفيذ خطة التطوير. وأكد "كاريه" أن الفكرة الأساسية وراء إغلاق المصنع تتلخص في أننا لم نتبنَّ سوى أعلى المعايير الدولية في سبيل الحد من تأثير أنشطة المجموعة على البيئة، وهي الفكرة التي تُرجمت إلى قرار بإغلاق مصنع طرة المطل على النيل. تعد شركة أسمنت بورتلاند طرة المصرية أول شركة أسمنت في مصر والشرق الأوسط وإفريقيا. تم إنشاؤها عام 1927 كقلعة للصناعة تملك منتج أسمنت رتبة 43 أعلى نسبة صلابة في صناعة الأسمنت في مصر، وللثقة في المنتج تم استخدامه في المشروعات العملاقة مثل الخط الثاني لمترو الأنفاق وكوبري الفردان وكوبري السلام وميناء دمياط. تمتلك الدولة 34% من أسهم الشركة، وهي ممثلة في 18.22% للشركة القابضة للصناعات المعدنية و15.42% لصناديق التأمين الخاص لصالح بنوك وشركات تأمين مصرية، وباقي الأسهم لصالح شركة السويس للأسمنت والتي تمتلكها شركة إيطاليسمنت بنسبة 51%. حققت الشركة بعد بيع 66.12% من أسهم أسمنت طرة للسويس للأسمنت (إيطاليسمنت) في عام 2005 مليار ومائة وثمانين مليون جنيه، ووصل الوضع بالشركة إلى ربح عام 2013 مبلغ 750 مليون جنيه فقط. وهذا بسبب ما دأبت عليه سياسة الشركة تجاه أسمنت طرة، خاصة بعد شراء شركة أسمنت حلوان بنسبة 99%؛ لكي تحقق الربح الأعلى من الشركة التي يمتلكها بالكامل ويهدر المال العام في شركة أسمنت طرة.