ضحية جديدة لحالات الإهمال التي صرنا معتادين على سماعها.. قتيلة جديدة فى أحد المجازر الحكومية، وكأنما لم تقم الدولة بإنشاء تلك المستشفيات إلا بهدف حصاد الأرواح. بنتى ماتت نتيجة الإهمال يا أستاذة".. بهذه الكلمات استهل الأب المكلوم حزنًا على فراق ابنته "نورهان" بنت ال 20 عامًا والتى لم تكمل دراستها الجامعية، فقد انتهى بها المطاف فى الفرقة الثانية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، حيث وافتها المنية فى 25 من سبتمبر الماضى بعد حادث إهمال مروع كما يرويه "فريد محمد" عامل نقاشة والد الضحية التى لقيت مصرعها على أيدى عدد من المستهترين الذين لا يراعون حرمة النفس التى خلقها الله سبحانه وتعالى كما جاء فى وصفه. بدأ الأب يسرد القصة التى حوت أكثر الذكريات المؤلمة لتعلقها بفراق ابنته وفلذة كبده نتيجة لعدم تحمل المسئولية والإهمال والفوضى التى يعانى منها مستشفى الجراحة بمستشفى الدمرداش، يقول الأب إنه توجه هو وزوجته وابنته بعد أن أصيبت ابنته بحالة من الإعياء الشديد وألم حاد بالمعدة، إلى مستشفى الدمرداش لفحص الابنة ومعرفة أسباب الألم، وكان ذلك فى تمام التاسعة من صباح يوم 22 سبتمبر، وبعد أن تم استقبال الحالة فى قسم الطوارئ والذى كان عبارة عن "مزبلة" كما جاء فى وصف الأب، فالمرضى مصطفون على جوانب الممرات من قلة الأماكن، وكل الأطباء المتواجدين بالقسم هم طلاب امتياز ولم يتجاوزوا مرحلة التخرج، وللأسف الشديد يطبقون ما يتعلمونه على المرضى دون وجود أحد من الأساتذه الكبار. بداية الأزمة جاءت الأزمة التى تعرضت لها "نورهان" بعد تضارب آراء الأطباء فى حالتها التى فسرها أحدهم على أنها "الزائدة"، وتم حجز الفتاة فى نفس اليوم لعمل فحوصات وأشعة وتحاليل للقيام بجراحة لاستئصال الزائدة، وبالفعل فى تمام العاشرة من مساء يوم 22 سبتمبر تم حجز الفتاة فى الغرفة رقم 508 بالدور الخامس. ليلة العملية الجراحية فوجئ الأهل من الوضع المذرى للغرفة، فقد كان السرير تالفًا وعليه آثار دماء، بالإضافة إلى الأرضية المتسخة داخل الغرفة، فقرروا الجلوس بالطرقة أو الممر خارج الغرفة، ومن ثم كانت الليلة عصيبة، 8 ساعات من الانتظار حتى جاء الأطباء فى السادسة صباحًا طالبين عمل تحاليل لإجراء العملية الجراحية ل "نورهان"، وهنا توجه الأب للمنزل لإحضار بعض المستلزمات، وبعد مرور أكتر من 3 ساعات لم تنتهِ العملية، وهنا أصبح للشك والريبة موضع كبير. موقف عصيب جاء الأب مسرعًا من الغرفة 508 بعدما توقع خروج ابنته من العمليات؛ وذلك لطول الفترة الزمنية التى غابها، ولكنه عندما وجد الغرفة فارغة، توجه إلى مكان غرفة العمليات؛ لمعرفة الوضع، فسمع صراخ الأم التى سقطت مغشيًّا عليها وقت وصولها نتيجة لسماعها أصوات مشاجرات ومشادات كلامية صادرة من خلف باب غرفة العمليات، ولم تتخيل للحظة أن الذين يتشاجر عليها الأطباء هى جثة ابنتها "نورهان"، فالأطباء فى قسم الاستقبال يعملون فوق 24 ساعة متصلة، كيف لهم إجراء عملية جراحية بعد كل هذا الضغط و المجهود الملقى عليهم؟! انقظاع الأكسجين أثناء العملية ومن هنا جاءت الأزمة، نقص الخبرة وقلة الكفاءة الإدارية أودت بحياة الفتاة، فالأكسجين انقطع عن غرفة العمليات أثناء إجراء العملية، ولم يكن هناك بديل لكى يتم الاعتماد عليه، هذا كان أول خطأ، والثانى الذي ذكر للأب من الأطباء أنفسهم ولكن بشكل ودى أن هناك دفعة هواء زائدة أدت إلى انفجار بالرئتين وتهتكهما وعمل ثقوب داخلهما، كانا هذا هما السببان الرئيسيان فى الوفاة، ولكن لا تتعجب إذا نظرت فى تقرير الوفاة الصادر عن المستشفى والذى لا يعرف سوى جملة واحدة "هبوط حاد فى الدورة الدموية"، ومن جانب قام الأب بتحرير عدة محاضر، منها محضر رقم 4219 إدارى الوايلى بتاريخ 23 سبتمبر بسبب إهمال المستشفى فى التعامل مع حالة ابنته، ومحضر رقم 40 أحوال بتاريخ 25 سبتمبر عقب وفاة ابنته، وتوجه إلى المستشفى وكيل نيابة قسم الوايلي المستشار "محمد م." للتحقيق فى الواقعة. مدير المستشفى يرفض مقابلة محررة "البديل" قام محررة "البديل" بالتوجه إلى مستشفى الدمرداش للتواصل مع مدير المستشفى للرد والتعليق على الواقع، ولكنه رفض مقابلتها أو إعطاء أية تصريحات صحفية.