الحزب الوطني الديمقراطي.. حزب يكاد يلمس السحاب بيديه.. يُحكم قبضته على مصر منذ بعثه! والمصريون يتعاملون مع وجوده الوحيد على الساحة السياسية، وينظرون إلى وزرائه التنفيذيين الذين أخذوا مقاعدهم في البرلمان التشريعي -الذي من المفروض أن يسائلهم عن أعمالهم- على أنهم قدر من الله، مثل الصداع والزكام، ومثل السرطان الذي يصيب جسد الإنسان دون سبب معلوم.. ولا يمكن التخلّص منه إلا بالموت. ولأن لكل مبعوث من السماء في نظر العباد معجزة، فما هي أهم معجزات الحزب الوطني؟ إن أهم وأكبر معجزات الحزب الوطني تظهر في سماء مصر وأرض مصر مع إشراقة أول يوم من أيام الانتخابات.. وتتجلى في صناديق الاقتراع.. معجزة تأتي على أيدي سحرة الكشوف الانتخابية، وكهنة أروقة الشياخات الحزبية، فإذا جاء يوم الانتخاب ألقوا بحبالهم وعصيهم من الموتى، فيخيل إلى الناظر في صناديقهم أنها تسعى، وتتحرك وتكتب وتختار، معجزة الوطني أيها السادة ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين؛ هي إحياء الموتي! فما من صندوق يتم العبث به إلا وتجد فيه توقيع الحاج إبراهيم الذي توُفي منذ ثمانية عشر عاما، والحاجة فتحية التي اختلف أولادها على ميراثها منذ ما يقرب من ثلاثين عاما حتى إن أكبر أبنائها مات بحسرته منذ عشرين عاما.. تاركاً أرملة ويتيمين غرقوا بعد موته في عبّارة السلام، وبالمناسبة فأسماء ابنها وزوجته وولديه موجودة كلها في صندوق آخر، تابع للقرية التي كانوا يعيشون فيها بعيداً عن المدينة. وعلى ذلك فالموتى يُبعثون من قبورهم على الورق السحري للاقتراع، ويمشون في الطرقات لا يراهم أحد.. ثم يضعون علامة “صحّ” على رمزي الهلال والجمل الخاصيْن بالحزب الوطني، ثم يركبون الجمل ويختفون، أو يصعدون مع الهلال إلى السماء مرة أخرى! وبذلك يمكننا القول، ونحن مطمئنو الفؤاد صادقو الألسن، بأن الحزب الوطني هو حزب الأموات لا الأحياء.. ولأن الأموات في دار الحق، ونحن في دار الباطل، فمن المؤكد أنهم على صواب في اختيارهم ونحن على خطأ.. فالأموات يعرفون مصلحة البلاد، بعد أن كشف الله عيونهم عن زيف الدنيا وباطلها.. فلا تعجب بعد ذلك من تصريحات السادة أمناء ومساعدي أمناء ووكيلي أمناء الحزب، حين يقفون وقفة المطمئن الذي لا يخشى سؤال ربه، ليعلنوا جميعا أنها كانت “أنزه” انتخابات عرفتها مصر، وأنه لا تزوير ولا تزييف للحقائق، ولا عبث بصناديق الانتخاب، بل هي المعجزة التي لا يفهمها المصريون، أو التي لا يريدون فهمها.. إحياء الموتى.. وكأن نماردة هذا الزمان تفوّقوا على النمرود الذي قال لسيدنا إبراهيم: “وأنا أحيي الموتى! أحيي هذا وأميت هذا”.. ثم لم يفعل شيئاً ولم يستقر له مُلك، حتى تسببت في قتله ذبابة. أما نماردة مصر فقادرون على إحياء الموتى، ليكون لهم صوت وكلمة في اختيار مرشح الوطني الأحقّ بعضوية المجلس.. حتى ذهب بعض المؤمنين بهذه المعجزة إلى أن الأموات يصوّتون لصالح مرشحي الحزب؛ خوفاً من أن يهدموا عليهم قبورهم، فهم يصوّتون لهم ثم يذهبون بعدها ليرقدوا في سلام آمنين من شرورهم... ولأن هذا الحزب هو حزب الأموات لا الأحياء، فقد عهدت حكومته إلى زيادة ناخبيها ومؤيديها، فتركت الموت يحيط بالمصريين من كل جانب.. فمن يذهبْ إلى المستشفيات يجدْ أكياس الدم الملوثة، والفشل الكلوي والسرطانات بأنواعها وأشكالها تضرب في جسد المصريين، أمّا مَن هم خارجها فسيجدون الماء الملوث والهواء الملوث والفساد الكبير في طول البلاد وعرضها.. فمن لم يمت بأي من هذه الأسباب؛ غرق في عبّارة متهالكة وهو ذاهب أو عائد من بيت الله الحرام، أو احترق في مبنى من مباني وزارة الثقافة وهو يستمع إلى ندوة تتحدث عن وعي الشعوب، أو حتى مات كمداً على من ماتوا من أهله وذويه. ولأن موت المصريين هو السبيل الوحيد لحياة هذا الحزب واستمراره وبقائه إلى الأبد؛ فقد اتجه رجاله إلى وأد الأقلام الشريفة والأصوات الشريفة، والضمائر الشريفة، التي تحاول أن تحيي الموتى من الأحياء.. غير أنهم لم يجدوا إلى ذلك سبيلا، فعمدوا إلى إحياء الموتى من قبورهم. واليوم، وبعد كل ما سلف، فإنه يحق لنا أن نسوق لهم البُشرى بهذه الدورة البرلمانية التي إن شاء الله ستدور عليها الدوائر، نبشرهم بأنهم بعد أن استقر لهم الأمر في مصر، وظنوا أن أرضها أخذت زخرفها وازيّنت لسارقيها وناهبيها وقاتلي شعبها، وأنهم قادرون عليها.. فإن كل هذا دليل على أن أمر الله آتٍ لا محالة.. ربما ليس بقدرة هذا الشعب الذي يحكم أمواتُه أحياءَه.. ويأتي برلمانه بممثليه بفعل مَن في القبور، ولكن بقدرة الله الذي لا بد وأن يجعل لسلطانه آية.. ولحكمه دوراً، وللمتجبرين في أرضه مستقراً ومتاعاً إلى حين. وحتماً ستدور الأيام دورتها، فيأفل النجم الذي بزغ وينقص القمر الذي استدار، ثم يأتي الزمان على هذا الهلال الذي اتخذوه رمزاً، فيمحق كما محق الأولون، وستسطع شمس مصر بكل قوتها ودفئها وعظمتها أبيّة على كل من يريد إطفاء نورها، ستسطع شمس هذا البلد الذي -على مدار تاريخه- حطم كل ظلام، وبدد كل خوف، وهزم كل جبروت، ليعود الأحياء إلى وطنهم، وليذهب الموتى إلى قبورهم، ولترتفع أقدام مصر فوق رؤوس ظالميها. إنها سنة الله وحكمة الزمن، غير أنهم لا يقرؤون التاريخ، ولا يعرفون نهاية الطغيان مواضيع ذات صلة 1. حركة شعبية تدعو ناخبي السويس لعدم انتخاب الحزب الوطني 2. قيادي إخواني بالدقهلية : أعضاء الحزب الوطني مفسدون في الأرض 3. خبراء يعدلون شعار حملة الوطني : “عشان تتطمن على ولادك ما تنتخبش الحزب الوطني “ 4. المستبعدات من كوتة الوطني في شكاوى لمراكز حقوقية :الحزب استغلنا للحصول على تبرعات بدون سند 5. البديل تنشر صور حرق مقر الوطني بالقوصية التي نفى الحزب حرقها احتجاجا على التزوير