أسعار الفراخ اليوم 16 أبريل خلاص نزلت.. اوعى البياع يستغلك    جيش الاحتلال يطلق بالون مراقبة في مدينة قلقيلية (فيديو)    خادم الحرمين الشريفين وولي عهده يعزيان سلطان عمان في ضحايا السيول والأمطار    كندا تدين الهجمات الإجرامية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.. وتدعو لمحاسبة المتورطين    عامل يحاول إنهاء حياته ب"سم الفئران" في سوهاج    الجائزة 5000 دولار، مسابقة لاختيار ملكة جمال الذكاء الاصطناعي لأول مرة    السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة: حان الوقت لإنهاء الصراع في السودان    وزير خارجية الصين لنظيره الإيراني: طهران قادرة على فهم الوضع وتجنب التصعيد    لجنة الحكام ترد على عدم صحة هدف الثاني ل الزمالك في شباك الأهلي.. عاجل    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 16 أبريل 2024    العظمى في القاهرة 31.. الأرصاد تحذر من ارتفاع درجات الحرارة اليوم    موعد انتهاء خطة تخفيف أحمال الكهرباء.. متحدث الحكومة يوضح    حظك اليوم برج القوس الثلاثاء 16-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيس تحرير «الأخبار»: المؤسسات الصحفية القومية تهدف إلى التأثير في شخصية مصر    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    قبل امتحانات الثانوية العامة 2024.. أطعمة تعزز تركيز الطالب خلال المذاكرة    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    جامعة سوهاج تستأنف عملها بعد إجازة عيد الفطر    إسكان النواب: قبول التصالح على مخالفات البناء حتى تاريخ المسح الجوي 15 أكتوبر 2023    تعليق محمد هنيدي على فوز الزمالك بلقاء القمة في الدوري الممتاز    أبرزها عيد العمال.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024    تفاصيل حفل تامر حسني في القاهرة الجديدة    ملك الأردن يحذر من خطورة دخول المنطقة في دوامات عنف جديدة    مراجعات الثانوية العامة 2024.. راجع مادة التاريخ للصف الثالث الثانوي    تحرك برلماني ضد المخابز بسبب سعر رغيف العيش: تحذير شديد اللجهة    ننشر حصاد مديرية الصحة بالمنوفية خلال عيد الفطر | صور    الاتحاد المصري لطلاب صيدلة الإسكندرية يطلقون حملة للتبرع بالدم    «حلم جيل بأكمله».. لميس الحديدي عن رحيل شيرين سيف النصر    خبير تحكيمي: كريم نيدفيد استحق بطاقة حمراء في مباراة القمة.. وهذا القرار أنقذ إبراهيم نور الدين من ورطة    الهلال ضد العين في دوري أبطال آسيا.. الموعد والقنوات الناقلة    خالد الصاوي: بختار أعمالى بعناية من خلال التعاون مع مخرجين وكتاب مميزين    مواقيت الصلاة في محافظات مصر اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024    جمارك مطار القاهرة تحرر 55 محضر تهرب جمركي خلال شهر مارس 2024    "كنت عايز أرتاح وأبعد شوية".. محمد رمضان يكشف سبب غيابه عن دراما رمضان 2024    حسن مصطفى: أخطاء كولر والدفاع وراء خسارة الأهلي أمام الزمالك    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    تفاصيل إعداد وزارة التعليم العالي محتوى جامعي تعليمي توعوي بخطورة الإنترنت    هل نقدم الساعة فى التوقيت الصيفي أم لا.. التفاصيل كاملة    إبراهيم نور الدين يكشف حقيقة اعتزاله التحكيم عقب مباراة الأهلى والزمالك    هيئة الدواء المصرية توجه نصائح مهمة لانقاص الوزن.. تعرف عليها    تراجع سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بلاك بول الدولية للإسكواش    الاستعلام عن صحة 4 أشخاص أصيبوا في انقلاب أتوبيس بأوسيم    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    رئيس مجلس إدارة «الأخبار»: ملف التعيينات مطروح مع «الوطنية للصحافة»    ضبط شاب تعدى على شخص بسلاح أبيض فى بنى عبيد بالدقهلية    خالد الصاوي: مصر ثالث أهم دولة تنتج سينما تشاهد خارج حدودها    الإعدام لمتهم بقتل شخص بمركز أخميم فى سوهاج بسبب خلافات بينهما    اليوم.. فتح باب التقديم للمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2024 / 2025    خطوات إضافة تابع في حساب المواطن 1445    تكريم 600 من حفظة القرآن الكريم بقرية تزمنت الشرقية فى بنى سويف    لماذا رفض الإمام أبو حنيفة صيام الست من شوال؟.. أسرار ينبغي معرفتها    رئيس تحرير "الجمهورية": لا يمكن الاستغناء عن الأجيال الجديدة من الصحفيين.. فيديو    رئيس تحرير «الأهرام»: لدينا حساب على «التيك توك» لمخاطبة هذه الشريحة.. فيديو    نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني    عبد المنعم سعيد: أكبر نتيجة حققتها إيران من عمليتها على إسرائيل إصابة طفل بشظايا    لست البيت.. طريقة تحضير كيكة الطاسة الإسفنجية بالشوكولاتة    تجديد اعتماد المركز الدولي لتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات بجامعة المنوفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المجددون» وصراع الأيديولوجيات
نشر في البديل يوم 14 - 09 - 2014


كتب: عبد الوهاب حسن
تحول حديث "يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة، من يجدد لها أمر دينها" سنن أبي داود، من ضامن لشباب الدين على يد المجددين، إلى أداة في الصراعات السياسية والاجتماعية، وذلك بعد أن قصرت كل فرقة وصف المجدد على أتباعها، نافية على من يخالفها الرأي إمكانية الارتقاء لهذه المرتبة، فباتت الأيديولوجيا هي الحاكمة لتفسير الحديث، فالكل يلوي عنق الحديث لخدمة طائفته أو فرقته أو مذهبه، صار المجدد السلفي علي سبيل المثال سواء التيمي – نسبة لابن تيمية – أو الأشعري هو الحافظ المتقن للعديد من العلوم التي أسموها علوم الألة، من نحو ولغة وبلاغة وبعلوم الشريعة من تفسير وحديث وأصول فقه وعلوم قرآن ومصطلح حديث وسيرة، إضافة لإلمامه بعلمي المنطق وعلم الكلام، وذلك وفقا لمعتقداتهم الفكرية، وقد وضعوا معايير مختلفة لتقييم المجدد، تدور كلها حول تجلية الإسلام مما يعلق به من الانحرافات والشوائب الدخيلة على مفاهيمه الأصلية، وإعادته إلى منابعه الأولى، الكتاب والسنة، بحسب رؤيتهم، ومن لا يسلك هذا السبيل لا يعد مجددا البتة، بحسب مقاييسهم، فقد فصّل التيميين والأشعريين صفة التجديد وفقا لتوجهاتهم، واتفقوا على أن أول المجددين هو عمر بن عبد العزيز برشادة حكمه.
وكان للشيعة أيضا مفهومهم للمجدد، لتتعدد الأطراف التي سعت لقصر هذه الصفة على علمائها ودعاتها، وهو ما حمل الحافظ ابن كثير على الرد على دعاوى هذه الفرق، بكتابه في كشف الخفاء (وقد ادعى كل قومٍ في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر – والله أعلم – أنه يعمُّ حملةَ العلمِ من كل طائفة وكل صنف من أصناف العلماء: من مفسرين , ومحدثين , وفقهاء , ونحاة و ولغويين , إلى غير ذلك من الأصناف).
لقد بذل العديد من العلماء جهدا كبيرا للخروج بمصطلح المجدد إلى بر الأمان بعيدا عن مؤثرات الأيديولوجيا، يقول ابن الأثير في جامع الأصول (لا يلزم أن يكون المبعوث على رأس المائة رجلاً واحداً، وإنما قد يكون واحداً وقد يكون أكثر منه، وكذلك لا يلزم منه أن يكون أراد بالمبعوث: الفقهاءَ خاصة – كما ذهب إليه بعض العلماء – فإنّ انتفاع الأمة بغيرهم أيضاً كثير مثل: أولي الأمر، وأصحاب الحديث ، والقراء والوعاظ، وأصحاب الطبقات من الزهاد؛ فإن كل قومٍ ينفعون بفن لا ينفع به الآخر؛ إذ الأصل في حفظ الدين حفظ قانون السياسة، وبث العدل والتناصف الذي به تحقن الدماء، ويُتمكن من إقامة قوانين الشرع، وهذا وظيفة أولي الأمر. وكذلك أصحاب الحديث ينفعون بضبط الأحاديث التي هي أدلة الشرع، والقرّاء ينفعون بحفظ القراءات وضبط الروايات، والزهاد ينفعون بالمواعظ والحث على لزوم التقوى والزهد في الدنيا. فكل واحد ينفع بغير ما ينفع به الآخر .. فإذا تحمل تأويل الحديث على هذا الوجه كان أولى، وأبعد من التهمة).
وفي هذا الخصوص أورد السيوطي في فيض القدير قائمة لمجددي القرون الأولى مشيرا إلى أنه (كان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، والثانية الشافعي. والثالثة الأشعري أو ابن شريح. والرابعة الإسفراييني أو الصعلوكي أو الباقلاني. والخامسة حجة الإسلام الغزالي. والسادسة الإمام الرازي أو النووي. ولا مانع من الجمع فقد يكون المجدد أكثر من واحد. ففي الثالثة من أولي الأمر المقتدر، ومن المحدثين النسائي. وفي الرابعة من أولي الأمر القادر. ومن الفقهاء والخوارزمي الحنفي، وهكذا يقال في بقية القرون).
لقد أجمع العلماء على قبول عمر بن عبد العزيز كمجدد القرن الأول فهو من أعاد الخلافة إلى رشدها، بعد أزمات سياسية طاحنة عاشت في خضمها الأمة بعد استشهاد الخليفة الرابع، علي بن أبي طالب 40ه، وانقسمت إلى طوائف عدة إلى سنة وشيعة وخوارج، لتتقاتل فيما بينها، أما مجدد القرن الثاني فهو الشافعي الذي اتخذ مذهبه مكانا وسطا بين مدرستين فقهيتين كانتا الأبرز وقتئذ، الأولى هي مدرسة الرأي الحنفية، والثانية مدرسة الحديث المالكية فظهر الشافعي بمنهج فقهي هو مزيج من فقه الحجاز، والذي يعرف بمدرسة الحديث، وفقه العراق، أي مدرسة الرأي، كما قام بتدوين جميع الأصول التي اعتمد عليها في فقهه برسالته الأصولية في كتابه « الرسالة» هذا الكتاب الذي يعد من أهم الكتب في أصول الفقه.
وفي القرن الثالث حينما تطرف كل من المعتزلة والمحدثين في خلافهم العقدي، فبالغ المعتزلة في تصوير مكانة العقل، بجعله ميزانا لصحة النقل، ونفيهم بعض صفات الله، وبالغ المحدثون والفقهاء في إثبات هذه الصفات، حتى ابتدعوا التجسيم والتشبيه، في وسط هذه الأجواء من التطرف الذي مزق الأمة كل ممزق، وفرّق شملها، ظهر الإمام أبو الحسن الأشعري، فاتخذ طريقا وسطا بين الفريقين فأثبت العقائد الدينية بالعقل غير بعيد عن النص، ليخط مسارا جديدا في الفكر الإسلامي السني، حين أعاد تنظيم علم الكلام على قاعدة أن النقل هو الأساس والعقل خادم له، ووسيلة لإثباته والبرهان على صحته، فعالج نفس المشاكل المثارة بين المدرستين بطريقة بدت وسطية حين شرع في تأويل آيات الصفات فأول وجه الله الوارد في كثير من النصوص بقدرته، وعينه تعالى برؤيته، واطلاعه عليها، وليس بالعين الحسية، كما سبق عن غلاة الحنابلة فجمع الله به كلمة المسلمين وقمع المعاندين وكسر تطرّفهم، و ملأ العالم بكتبه وكتب أصحابه في السنّة، ودان لمذهبه الأشعري "أهل البسيطة إلى أقصى بلاد أفريقية" كما يقول الكوثري.
إن عددا من الأئمة الذين أبعدوا أنفسهم عن الخوض في صراعات الفرق حول هذا المفهوم "المجدد"، وما يسبقه من تحديدات وشروط تفرضها الأيديولوجيا، كجزء من السجال العقائدي والمذهبي؛ وسعوا المساحة التي يغطيها، فشمل مجالات مختلفة هي: السياسة والفقه والعقيدة، ليوضحوا أن التجديد ليس حكرا على صاحب مذهب أو رأس فرقة، وأنه صفة لمن يستطيع الرد على أسئلة الواقع وتطورات الحياة، وحماية الدين من التشكيك أو من يحاول جعله أداة تفريق وتمزيق، فحينما يختلف الناس وتضطرب الحياة في أي مجال، وتبدو الشُقة بعيدة بين الدنيا والدين، يكون الجامع بينهما هو المجدد، والذي لا يمكن أن يكون بعيدا عن التراث بأي حال، فالمجدد ينطلق من التراث وإليه يعود، فهل من مجدد؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.