قال الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الجديد إن احتفال المثقفين والفنانين والمبدعين فى مصر بذكرى مئوية الأديب العالمي نجيب محفوظ هو أكبر رد علي كل المحاولات والتقولات التي تحاول أن تقلل من قيمة محفوظ. وقال عبد الحميد – فى أول لقاء مع المثقفين بعد توليه منصبه خلال حلقة بحثية بعنوان (نجيب محفوظ في السينما والتليفزيون) الليلة الماضية للاحتفال بمئوية نجيب محفوظ – “إن نجيب محفوظ بدأ مشوار حياته ب 21 فكرة عن 21 رواية كانت في أدراجه في كل مرة يظهر فكرة ليكتب عنها رواية”، وأشار إلى أن محفوظ من أصحاب الأسلوب المعرفي المتأمل الذي يتأمل في كثير من الواقع وينتقي بعض مكوناته بهدوء ثم يكتب عنه في رؤية عميقة، مؤكدا أنه بدون هذا التأمل ما كان يمكن لمحفوظ أن يحصل علي جائزة “نوبل” فى الأداب”. ورحب عبد الحميد – خلال الحلقة التي أقامتها لجنة السينما برئاسة المخرج سمير سيف بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلي للثقافة والتي تستمر حتي بعد غد – برموز الأمة وعقولها المستنيرة ونقادها ومخرجيها وفنانيها الكبار الذين يحاولون دائما المحافظة علي استمرارية الجانب المضئ في هذه الأمة. وأشار إلى أن محفوظ كتب سيناريوهات عن السينما وأخذت عن رواياته أعمال كثيرة قدمت للسينما المصرية والعربية والعالمية، لافتا إلى أن الدراسة السيكلوجية لدي بعض المبدعين تميز بين نوعين من الأساليب المعرفية وهما إما أن تكون من أصحاب الأسلوب المعرفي التأملي أو المندفع، موضحا أن محفوظ كان من أصحاب الأسلوب المعرفي المتأمل. وعن الكاتب يوسف أدريس، قال عبد الحميد “إنه كان من أصحاب الأسلوب المعرفي المندفع ولا أقصد بكلمة مندفع أي تقليل من شأن أو قيمته.. فقد كان إدريس يلتقط المعلومات من الواقع ثم يكتبها بشكل سريع”. وأضاف “أننا يمكن أيضا أن نميز حتي في الموسيقي بين بيتهوفن وموتسارت، فبيتهوفن كان أقرب إلي المتأمل في موضوع حتي يكتب موسيقاه، أما موتسارت فكان يلتقط الألحان كما لو كان يقطفها من الهواء ويحققها”. وأوضح أن محفوظ كانت الرواية تأتي عنده في المقام الأول، ولكنه كتب أيضا في القصة القصيرة، وكان مجددا في الرواية والقصة القصيرة. وقد حضر افتتاح الحلقة ممدوح الليثي، والفنان سمير حسني، وهاشم النحاس المشرف علي حلقة البحث، ولفيف من كبار الفنانين ونقاد السينما والمخرجين، إلي جانب حشد كبير من الإعلاميين والصحفيين المهتمين بالشأن السينمائي. ومن جانبه، قال الدكتور سمير سيف – خلال الاحتفالية – “إن نجيب محفوظ بدأ الكتابة في السينما في نفس الوقت الذي بدأ فيه الكتابة الأدبية، لذلك أثرت حرفته السينمائية في كتاباته الأدبية كما أثرت موهبته الأدبية في كتاباته السينمائية”. وأشار إلى تواضع ومهنية محفوظ حيث كان يكتب السيناريو دون الحوار لأنه من وجه نظره (محفوظ) لم يكن متمكنا في كتابة الحوار كما يكتب الأدب والسيناريو، ولذلك لم يستخدم في روايته كتابة الحوار باللغة العامية. وأضاف أن محفوظ لا يجد غضاضة في كتابة سيناريوهات لقصص زملائه الأدباء كما كتب لإحسان عبد القدوس سيناريو “الطريق المسدود، وأنا حرة”، منوها إلى أن كتابة محفوظ لسيناريو فيلم “فتوات الحسينية” كانت بداية اهتمامه بعالم الحرافيش. وبدوره، قال المخرج هاشم النحاس “إنه عندما باع ناشر نجيب محفوظ حقوق طباعة كتبه في الوطن العربي أدي لخسارة محفوظ حوالي مليون دولار، إلا أنه رفض مقاضاة ناشره مما يبين أحد مفاتيح شخصية محفوظ الذى كان يحلم بمجتمع مصري تسوده العدالة والحرية والعلم والقيم السامية التي جاءت بها كل الأديان السماوية مما يدل علي البعد الفكري الذي يدعم كل هذه المبادئ السامية”. وأوضح النحاس أن الاهتمام بالأديب العالمي نجيب محفوظ لا يرجع إلى أن أعماله التي تحمل أسمه هي الأكثر من أعمال أي أديب آخر وان كان في ذلك مؤشرا للتميز وإنما يرجع إلي أن هذه الأعمال خلقت اتجاها في السينما والدراما التلفزيونية ما حقق نقلة نوعية للأعمال الفنية في هذين الوسطينن لافتا إلى أن محفوظ كان يحب كل الشخصيات التي كتب عنها حتي تلك التي أخطأت في حق نفسها أو حق المجتمع. وعقب الجلسة الافتتاحية عقدت جلسة بحثية اشتملت علي محورين الأول بعنوان (نجوم السينما في سفينة نجيب محفوظ)، والثانية بعنوان (تجربتي في أداء شخصية إبراهيم شوكت في ثلاثية نجيب محفوظ)، وقد ألقاها الدكتور فاروق الرشيدي، وأدارها الدكتور عبد المنعم تليمة، إضافة لعرض فيلم فيديو “ثلاثية نجيب محفوظ” للمخرج يوسف مرزوق.