كان أول من نال جائزة نوبل في الأدب، ورصد قيمة الجائزة التي حصل عليها عام 1901 لإنشاء جائزة للشعر، كما سبق وأن أنتخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية متحصلا على المقعد رقم 24، هو الشاعر الرسمى لجماعة البرناسيين، وقد شجعه طيلة مشواره الأدبي فيكتور هوجو. رينيه سوللي برودوم، الذي تمر ذكرى وفاته اليوم، شاعر وكاتب فرنسي، درس الهندسة، غير أنه مال إلى الفلسفة ثم إلى الشعر، الذي أعلن أنه هدفه منه هو خلق شعر "علمي" يصلح للعصر الحديث. «برودوم» من أنصار المدرسة البارناسية (مذهب الفن للفن) رغم احتفاظه بشخصيته المتميزة وأسلوبه الفردي (المتميز بالميل الفلسفي والاقتصاد الشديد في استخدام الصور والعبارات)، وأصدر في هذا الاتجاه عددا من المجموعات الشعرية منها (ستانزات وقصائد) عام 1865، (التجارب) عام 1866، (اعتكافات) عام 1869، غير أنه اتهم من قبل النقاد اللاحقين بأنه "تفَّيأ ظلالَ البرناسية اللفظية، لكنه حاول أن يقحم في شعره بعضَ المواضيع الفلسفية والاهتمامات العلمية، لهذا بدت قصائده (كما يصفون) جافةً، خاليةً من الماء والرونق" رغم أن العديد من قصائده (ومنها هذه القصيدة التي نالت شهرة واسعة وتحولت عام 1879 إلى عمل موسيقي وغنائي كلاسيكي على يد الموسيقار الشهير جابرييل فوريه)، يقدم صورا غاية في الرقة والإحساس. كان للحرب الفرنسية-البروسية عام 1870 وهزيمة فرنسا، فيها تأثير عظيم على أعماله اللاحقة وعلى صحته على السواء حيث تناول آثارها المدمرة في عمليه اللاحقين (انطباعات عن الحرب) عام 1872 و(فرنسا) عام 1874. في السنوات اللاحقة من حياته (التي اشتدت فيها وطأة أمراضه) اتجه شيئا فشيئاً الى الكتابة في الفلسفة وعلم الجمال والنقد واللسانيات، فأصدر عدة مؤلفات في هذه المجالات منها (التعبير في الفنون الجميلة) عام 1884، و(أفكار عن فن الشعر) عام 1892، وسلسلة من المقالات عن "بليس باسكال" نشرت عام 1890، و(وصية شعرية) عام 1900. أنتخب عام 1881 عضواً في الأكاديمية الفرنسية ونال لقب الفارس الفخري عام 1895، وعندما فاز بجائزة نوبل للآداب خصص الجزء الأكبر من قيمتها لإطلاق جائزة شعرية تمنحها إحدى الجمعيات الأدبية علاوة على مساهمته في تأسيس جمعية الشعراء الفرنسيين عام 1902. في ذكرى وفاته ننشر قصيدته «المهود»، بترجمة ماجد الحيدر: «على امتداد الأرصفة، أرصفة الموانئ تتأرجح السفائن العظيمة في سكون.. على صفحة الموج الساجي غير عابئةٍ.. بالمهود التي تؤرجحها أيدي النساء ** لكنه سيأتي، سيأتي يوم الوداع؛ إذ محتمٌ أن تبكي النساء ومحتم أن ينقاد الرجال الذين لا يكفون عن الفضول صوب الآفاق التي تغويهم بالرحيل ** في ذلك اليوم، يوم تغادر مرافئها التي تغيب في الضباب، ستشعر السفائن العظيمات بأن أجرامها.. مثقلةٌ مشدودةٌ هنالك.. بأرواح المهود البعيدة..».