اتسمت العلاقات الإيرانية السعودية بسبب الخلافات السياسية على مر التاريخ بالاحتقان الشديد، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية على ضوء الأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط، ما يجعل زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان" الأسبوع الماضي إلى المملكة العربية السعودية تهدف إلى ترميم العلاقات بين القوتين الاقليميتين، حيث تُعد هذه الزيارة هي الأولى منذ انتخاب الرئيس الإيراني "حسن روحاني" عام 2013. التقى "عبداللهيان" في مدينة جدة الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية السعودي الأمير "سعود الفيصل"، حيث رجحت مصادر دبلوماسية أن الهدف من هذه الزيارة هو فتح صفحة جديدة في العلاقات السياسية بين البلدين. بعض المحللين يرى أن التطورات الأخيرة في المنطقة، جعلت البلدين يجدان مصلحة مشتركة في مواجهة خطر تنظيم "داعش" المتنامي في العراقوسوريا، خاصة في ظل التوافق السعودي الإيراني حيال تكليف "حيدر العبادي" بالحكومة العراقية الجديدة خلفا لرئيس الحكومة السابق "نوري المالكي"، بالإضافة إلى التطورات في لبنان والملف الرئاسي والأزمة السورية. فيما يخص سوريا وتأثير الزيارة على مجريات الأحداث هناك، فقد أكدت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في العاصمة اللبنانبةبيروت أن "عبد اللهيان" بعد مغادرته السعودية ب48 ساعة زار العاصمة السورية بعيدا عن الأضواء الإعلامية والتقى كبار المسئولين، لمناقشة أجواء زيارته في السعودية، كما كشفت مصادر أن السلطات السعودية قررت في الأيام الأخيرة وللمرة الأولى السماح لخمسة موظفين دبلوماسيين سوريين الدخول للقنصلية السورية في جدة، وهو تطور غير مسبوق في العلاقة المتوترة بين البلدين منذ أكثر من ثلاث سنوات. وفي هذه المرحلة فإن خطر داعش أدى إلى حرق المراحل السابقة وبالتالي ما كان مستحيلا صار ممكنا في وقت قياسي، بدليل أن الأميركيين أجروا اتصالات مع النظام السوري عبر تقديم بعض المعلومات الاستخباراتية للجيش السوري عبر الاستخبارات الألمانية، حيث طلب وفد أمني ألماني زيارة دمشق والإقامة فيها بضعة أيام، فكان جواب السلطات الأمنية السورية الاستجابة السريعة، لكن شرط أن لا يغادر الوفد الأمني الفندق الذي اختار النزول فيه، ورد الألمان بالموافقة. زيارة مساعد وزير الخارجية الإيرانية للسعودية، قد تدفع بملف الرئاسة اللبناني إلى الأمام، حيث يبذل السفير الأمريكي في بيروت دايفيد هيل، والسفير الفرنسي باتريس باولي، والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة "ديريك بلامبلي"، جهودا من أجل إحراز تقدما في ملف الرئاسة اللبنانية، وكشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن "الثلاثي يستفيد من التواصل السعودي الإيراني الأخير، المتمثل بزيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى السعودية، للقيام بمسعى بين الرياض وطهران لحلحلة عقد الملف الرئاسي اللبناني." وشبهت مصادر مطلعة المسعى الجديد للثلاثي الدبلوماسي بالمسعى الذي قام به هؤلاء قبيل تشكيل حكومة سلام، إذ "كان لهم دور في حلحلة بعض العقد"، ولفتت مصادر بارزة في قوى 8 آذار إلى أن "الملف الرئاسي يتجه نحو الحلحلة"، مشيرة إلى أن "تحسين العلاقات السعودية– الإيرانية يمهد الطريق للوصول إلى تفاهم داخلي من شأنه انتخاب رئيس جديد". انعكسات زيارة "عبد اللهيان" سوف تظهر جلية خلال الأيام القليلة المقبلة في كثير من قضايا الشرق الأوسط، أبرزها الأزمة السورية وملف الرئاسة في لبنان، بجانب الوضع في العراق.