کشفت صحيفة «السفير» اللبنانية عن تحول کبير في العلاقات الغربية والسعودية مع سوريا في أعقاب الزيارة التي قام بها مساعد وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشؤون العربية والأفريقية الدکتور حسين أمير عبد اللهيان إلي الرياض. ونقلت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم السبت عن مصادر دبلوماسية عربية وصفتها ب«واسعة الاطلاع» في العاصمة اللبنانية، تأکيدها أن عبد اللهيان، وبعد أقل من 48 ساعة علي مغادرته السعودية، زار العاصمة السورية، بعيدًا عن أعين الإعلام، والتقي کبار المسؤولين فيها، ووضعهم في أجواء زيارته الي السعودية. وأشارت الصحيفة في تقريرها إلي التحول الکبير في السياسة السعودية، موضحة أنه ˈمنذ أن وجّه الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز خطاباً نقدياً لرجال الدين السعوديين هو الأول من نوعه في تاريخ العلاقة بين المؤسسة الحاکمة وشريکتها المؤسسة الدينية، في مطلع آب الماضي، مستنکراً فيه «صمت هذه المؤسّسة عن القيام بواجبها تجاه ظاهرة الإرهاب»، برز تحوّل کبير في مسار السياسة السعودية في المنطقة کلها، وکانت عودة سعد الحريري إلي بيروت مکللاً بمساعدة المليار دولار، واحدة من أبرز انعکاساتها المباشرةˈ. أضافت الصحيفة تقول: ˈقرع السعوديون أبواب طهران بالواسطة ومن ثم مباشرة. تلقف الإيرانيون اللحظة والفرصة وبداية التحول في الموقف السعودي طالما أن الجميع بات يستشعر خطر «داعش»، فکانت زيارة مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية الدکتور حسين أمير عبد اللهيان بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين البلدينˈ. ونقلت الصحيفة عن سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدائم لدي منظمة التعاون الاسلامي حميد رضا دهقاني قوله لها: ˈإن اللقاء الايراني السعودي الأخير في جدة «تجاوز ما کنا نتوقعه، والمهم أننا نسير في الطريق الصحيح»، وکشف أنه تم الاتفاق علي آليات وخطوات معينة وکذلك علي زيارات معينة لمتابعة مناقشة کل الأمور التي تهم البلدين وکل دول المنطقة وشعوبهاˈ. وتوقع دهقاني بحسب الصحيفة أن تکون هناك زيارة لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلي الرياض وأن تکون هناك أيضاً زيارة لنظيره السعودي الأمير سعود الفيصل إلي طهران «في المستقبل»، رافضاً الخوض في التفاصيل أو المواعيد. وقالت «السفير»: ˈغير أن اللافت للانتباه، وفق مصادر دبلوماسية عربية واسعة الاطلاع في العاصمة اللبنانية، أن عبد اللهيان، وبعد أقل من 48 ساعة علي مغادرته السعودية، زار العاصمة السورية سراً، والتقي کبار المسؤولين فيها، ووضعهم في أجواء زيارته إلي السعوديةˈ. وکشفت المصادر ل«السفير» أن السلطات السعودية قررت في الأيام الأخيرة السماح، للمرة الأولي منذ فترة طويلة، بمنح خمس سمات دخول لخمسة موظفين ديبلوماسيين سوريين في القنصلية السورية في جدة، في تطور غير مسبوق في العلاقة المتوترة منذ أکثر من ثلاث سنوات بين الجانبين. وأکدت المصادر نفسها أن خطر «داعش» أدي الي حرق المراحل، وبالتالي ما کان مستحيلاً صار ممکناً في وقت قياسي، بدليل أن الأميرکيين أجروا اتصالاً استخبارياً مع النظام السوري، ترافق مع طلب وفد أمني ألماني زيارة دمشق والإقامة فيها بضعة أيام، فکان جواب السلطات الأمنية السورية الاستجابة السريعة، لکن شرط أن لا يغادر الوفد الأمني الفندق الذي اختار النزول فيه، وردّ الألمان بالموافقة، وببيان تمويهي أصدرته وزارة الخارجية الألمانية يوم الاثنين الماضي ونفت فيه علمها بحصول أي اتصال ديبلوماسي مع الحکومة السورية، وأکدت أن الحکومة الألمانية لا تعتزم إحياء العلاقات الدبلوماسية مع دمشق بسبب التهديد الذي يجسده «داعش»! ولفتت الصحيفة إلي أن ˈهذه الاندفاعة الألمانية تأتي في ظل مسار متعرج في تعامل النظام السوري مع مقدمات الانفتاح الأمني الأوروبي (النروج أعادت فتح سفارتها في فندق «فور سيزون»، وسويسرا أعادت بعض موظفيها بعناوين إنسانية، والنمسا تتواصل بصورة دائمة مع الحکومة السورية)، وکان لافتاً للانتباه أن الأستراليين طلبوا موعداً لزيارة وفد أمني استخباري إلي دمشق، لکنهم سرعان ما تريثوا بناء علي نصائح عاصمة أوروبية بارزةˈ. وکشفت المصادر الدبلوماسية العربية ل«السفير» أن موفد الأممالمتحدة إلي سوريا، السويدي، ستيفان دي ميستورا، والذي عُيّن خلفاً للأخضر الابراهيمي، أجري اتصالات عدة مع الحکومة السورية التي وافقت علي مهمته، وتمّ تحديد التاسع من أيلول المقبل موعداً مبدئياً للزيارة الأولي له للعاصمة السورية، يرافقه مساعده الديبلوماسي المصري السابق رمزي عز الدين رمزي. وقالت المصادر إن دي ميستورا سيلتقي الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، قبل أن يبدأ جولة عربية وإقليمية ستشمل عدداً من العواصم المعنية بالملف السوري، وبينها بطبيعة الحال العاصمة اللبنانية، ربطاً بملفي النازحين وعرسال (الملف الأمني). وتوقّعت المصادر أن تکون هناک إقامة شبه دائمة لدي ميستورا في العاصمة السورية بناء علي طلبه، علي أن يدشّن مهمته ببدء التحضير لمؤتمر «جنيف 3». وقالت المصادر إن المشاورات الدولية والإقليمية ربما تکون قد أدت إلي تجميد خيار تشکيل حکومة سورية جديدة، وبالتالي استعيض عنها ببقاء الحکومة السابقة برئيسها ومعظم وزارئها (باستثناء 10 وزراء جدد يغلب عليهم طابع التکنوقراط). وأوضحت المصادر أن مسار العلاقات الإقليمية، خصوصاً الانفراج في العلاقات الإيرانية السعودية، يمکن أن يفضي إلي تزخيم العملية السياسية في العراق، بإشراك کل المکوّنات في الحکومة الجديدة، علي أن يسحب المعطي العراقي نفسه علي حکومة سورية جديدة يفترض أن تتبلور صورتها في ضوء مسار «جنيف 3»، مع مراعاة التوازن والکفاءة بحيث تکون شريکة في القرار السياسي. وأشارت الصحيفة إلي وجود زخم دبلوماسي سعودي وإيراني في المنطقة عبّر عن نفسه من خلال المسعي الهادف إلي اعادة ترميم علاقات الدول العربية في الخليج الفارسي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والعلاقات فيما بين الدول العربية في الخليج الفارسي. وختمت الصحيفة تقريرها مشيرة أيضًا إلي وصول السفير الإيراني الجديد إلي الرياض حسين صادقي، الذي کان مستشاراً لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، وفي الوقت نفسه، احتمال استبدال السفير السعودي الحالي في طهران عبد الرحمن بن غرمان الشهري بسفير جديد «فوق العادة»، فضلاً عن تثبيت السفير السعودي الحالي في بيروت علي عواض عسيري في منصبه وإلغاء فکرة إرساله الي باکستان.