وكأنه إعلام العدو، يتحدث بلسانه، ويتبني منهجه، ويدافع عن مخططاته، فالإعلام العربي اختزل المقاومة في حركة حماس، فبات، يتحدث عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني، وحماس، رغم أن الاتفاق بين الفلسطينين، والعدو، كما كان يصر على أن يظهر العدوان الهمجي الذي شنه الصهاينة على قطاع غزة، باعتباره حرب بين حماس والصهاينة، على الرغم من أن المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها "كتائب القسام التابعة لحركة حماس، وكتائب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد، وكتائب أبو علي مصطفي الجناح العسكري للجبهة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصي التابعة لحركة فتح، وكتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية"، كانت تخوض أشرف المعارك ضد العدو الصهوني وكبدته خسائر فادحة. وكما حاول الإعلام العربي حتى من قبل العدوان الأخير، اختزال فلسطين في قطاع غزة، وغزة في حماس، حتى يوجه الشارع العربي إلى اتخاذ موقف من القضية الفلسطينية بناء على موقفه من حماس، وظهر ذلك جلياً منذ اللحظة الأولي، عندما قدمت المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في صورتها الأولي، حيث حاول الإعلام أن يقنع المواطنين، أن حماس هي من ترفض المبادرة، مبررا ذلك بالخلاف السياسي بين النظام المصري وحماس، وحاول عقد مقارنة بين موقفي الحركة، من المبادرتين اللتين قدما في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وعهد الرئيس عبد الفتاح السيسي رغم تطابقهما، على الرغم من أن الرفض جاء مباشرة من كتائب سرايا القدس، وأبو على مصطفي، قبل أن تعلن حماس موقفها، وجاء بيان الجبهة الشعبية الأكثر وضوحاً والتزاما بالثوابت الوطنية الفلسطينية، من تحرير كامل التراب الفلسطيني. كما حاول الإعلام العربي، نسب إطلاق الصواريخ لحركة حماس دون غيرها، فجاءت الأخبار بعناوين، حماس تطلق صواريخ، أو صواريخ حماس تشعل المعركة، على الرغم من أن الاحصائيات الخاصة بالعدوان أكدت أن حركة الجهاد الإسلامي أطلقت وحدها أكثر من 3 آلاف، و 250 صاروخ على المستوطنات الصهيونية، وأن الجبهة الشعبية، أطلقت 559 قذيفة صاروخية من مجموع الصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية خلال الرد على العدوان، باستهداف منشآت ومستوطنات صهيونية. كما نسب الإعلام التطور النوعي في سلاح المقاومة لحركة حماس دون غيرها، وإن كانت كتائب القسام تمكنت من تطوير صواريخها لتصل إلى أكثر من 150 كيلومتر، فإن سرايا القدس تمكنت من قصف "مستوطنة تل ابيب" بصاروخ " أر70″ الذي يصل مداه إلى 80 كيلومتر كما تعمد الإعلام تجاهل دور الفصائل في عمليات المواجهات المباشرة مع جنود العدو في غزة، التي أسفرت عن مقتل 71 جندي صهيوني، إضافة إلى 60 مصابا، طبقا لاحصائيات العدو، فيما تؤكد المقاومة أن خسائر العدو أكبر من ذلك بكثير. وكما تجاهل الأعلام دور فصائل المقاومة، تجاهل الذكري الثالثة عشر لاستشهاد المناضل الفلسطيني "أبو على مصطفي" الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بصواريخ مباشرة أطلقتها طائرات الأباتشي الإسرائيلة استهدفت مكتبه خلال أحداث انتفاضة الأقصي، بعد أن قال :"عدنا لفلسطين لنقاوم لا لنساوم". وكأن الإعلام يرفض هذا النموذج الفريد المتمسك بالثوابت الوطنية، الذي أفني عمره في سبيل القضية، والمؤمن بأن صراعنا مع العدو الصهيوني صراع وجود لا حدود، وأن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وأن المقاومة هي السبيل الوحيد لدحر الاحتلال.