بعد 52 يومًا من حرب شرس غير متكافئة.. انتصرت غزة، وبالرغم من أن التهدئة التي وقعت لم تكن بحجم التضحيات التي دُفعت، إلا أن الهم الأول هو حقن الدم الفلسطيني ووقف العدوان الهمجي، ولن تكون هذه المعركة الأخيرة مع الاحتلال؛ لذلك كان لا بد من وقف هذا العدوان وإنقاذ الشعب الفلسطيني بأي ثمن في ظل حالة الصمت الدولي المريب، وهو ما عملت عليه القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، بالإضافة للجهود المصرية منذ اللحظة الأولى للعدوان. يقول أحمد بلال عضو المكتب السياسي في حزب التجمع "يجب أن نكون واعين لمصطلحات الكيان الصهيوني جيداً، فقطاع غزة هو ليس حركة حماس فقط والمقاومة الفلسطينية غير مقتصرة على حركة حماس"، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني شن حربه الأخيرة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية بالكامل من فتح وحماس وجهاد إسلامي، لكن الكيان الصهيوني ما زال يحصر قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية على حركة حماس فقط لمحاولة شيطنة قطاع غزة. وأكد "بلال" أن "المقاومة ليست هى من شن الحرب على الكيان الصهيوني، بل العكس؛ لذلك علينا أن نتساءل: هل قوات الكيان الصهيوني حققت أهدافها في القطاع خلال هذه الحرب؟ الإجابة هى أن جيش الكيان فشل فشلاً ذريعًا، ولم يحقق أهدافه الرئيسية، بل المقاومة هى من نجحت في التصدي لهذا العدوان على مدار 52 يومًا، خصوصاً بعد قرار جيش الاحتلال باجتياح القطاع برًّا، حيث كان رد المقاومة على ذلك بعمليات نوعية خلف خطوط العدو؛ مما كان ردًّا موجعاً، وهذا ما يؤكد أن المقاومة الفلسطينية حولت المعادلة لاتجاه آخر وقلبت الموازين". وأضاف "بلال" أنه كان من أهم أهداف جيش الاحتلال في هذه الحرب إفشال حكومة الوفاق الفلسطينية، إلا أنه لم يحقق ذلك الهدف، بل العكس هى ساعدت على توحيد الصف الفلسطيني، وهذا ما شاهدناه من خلال العمل المشترك بين فصائل المقاومة الفلسطينية وأيضاً من خلال الوفد الفلسطيني الموحد من كافة الأطياف والفصائل الفلسطينية. والجدير بالذكر هو تحقيق أهم اهداف المقاومة، وهو رفع الحصار عن قطاع غزة وإفشال دور الكيان الصهيوني في محاولة استمرار فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، معبراً عن ذلك بأنه أكبر فشل للكيان الصهيوني. وقال سعيد اللاوندي إن نتنياهو يحاول أن يفسد فرحة أهل قطاع غزة بالإنجاز الذي حققته المقاومة، حيث إن صمود الشعب والمقاومة خلال هذا العدوان الذي استمر 52 يومًا هو في حد ذاته انتصار على الرغم من سقوط عدد كبير من الشهداء، مضيفاً أن الكيان الصهيوني يزن الأمور بميزان خاص به، حيث إنه يعتمد على فكرة عدد الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان، وهذا معيار خاطئ. وأشار "اللاوندي" إلى أن أحد أهم أهداف هذا الكيان هو نزع فتيل سلاح المقاومة، وهذا لم يحدث، واستمرار المقاومة في تصدِّيها للعدوان حتى اللحظة الأخيرة يثبت صحة ذلك. وأكد أن الشعب الفلسطيني متمسك بسلاح المقاومة، حيث إنه مؤمن بشرعية المقاومة وأنه السبيل لتحرير فلسطين. ووصف "اللاوندي" المبادرة المصرية بأنها حجر الزاوية في هذا النجاح؛ لأن مصر تؤكد على حقن الدم الفلسطيني، حيث إن حركات حماس والجهاد الإسلامي وفتح رحبت بهذه المبادرة وبالدور المصري المبذول. وختم حديثه بأن العدوان ساعد على توحيد الصف الفلسطيني في ظل الخلافات التي نشاهدها. ولفت الدكتور جهاد الحرازين الكاتب والمحلل السياسي إلى أن ردود أفعال الكيان الصهيوني عقب العدوان على قطاع غزة وصفت بالتخبط ما بين تصريحات نتنياهو بأن غزة لم تنتصر وبين سياسيين صهاينة يصفون عملية الجرف الصلب بالفشل، مشيرًا إلى أنه لا بد من التأكيد على مجموعة من القضايا من أهمها أن الشعب الفلسطيني الذى صمد ووقف في مواجهة آلة التدمير والبطش بصدره العاري وهو أعزل يرسل رسالة للمجتمع الصهيوني بأنه لا يمكن اقتلاع هذا الشعب من أرضه مهما استخدم من أساليب وحشية وقمعية ضده. مشددًا على أن كل ما يحاول قادة الاحتلال ترويحه من نصر وهمى على الشعب الفلسطيني هو أمر خاطئ؛ لأن الأمور تقاس في مفاهيم النصر والصمود بمدى الإمكانات والوسائل، وهو الأمر الذى أثبت من خلاله الشعب الفلسطيني أنه صاحب الحق المتمسك بأرضه. وفيما يتعلق بالانتصار الذى تحدث عنه نتنياهو ووزير حربه أوضح "الحرازين" أنه "عبارة عن دغدغة لعواطف الجمهور الصهيوني، ومحاولة لإخفاء فشلهما الذريع أمام صمود الشعب الفلسطيني بكل أطيافه، بدءًا من الأطفال، وانتهاء بالشيوخ، فهل النصر الذى تحدث عنه نتنياهو هو بعدد الذين استشهدوا، أم بعدد البيوت التي دمرت، أم بعدد الجرحى والمصابين؟!"، مشيرًا إلى أن كل هذا هو في حد ذاته شكل من أشكال جرائم الحرب وفقًا للأعراف والمواثيق الدولية. وفيما يتعلق بتوجيه الحديث إلى حركة حماس، أكد "الحرازين" أن الجميع يعلم بأن المعركة لم تكن ضد حركة حماس، بل استهدفت كل فلسطيني، لافتًا إلى أن حماس لم تكن وحدها في المعركة، بل الشعب الفلسطيني بأكمله خاض المعركة، "وعلى الصعيد الفلسطيني يمكن القول إنه رغم حجم الدمار والشهداء والجرحى والمعاناة، إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت أنه قادر على الصبر والصمود مضحياً بكل شيء من أجل تحقيق حلمه بالاستقلال والدولة. وختم حديثة قائلاً "يكفى حالة الوحدة التي تجسدت خلال هذا العدوان الغاشم على كافة الأصعدة الوحدوية الشعبية والسياسية والوطنية، الأمر الذى جعل حكومة الاحتلال تتخبط، وستجنى ثمار فشلها خلال الأيام القادمة".