يُعد "أحمد داود أوغلو" من أبرز شخصيات الحلقة الضيقة المحيطة برئيس تركيا الجديد رجب أردوغان، فضلًا عن أنه مفاوض مخضرم يجسد منذ قرابة 11 عامًا رغبة النظام الإسلامي المحافظ في تحويل تركيا إلى قوة كبرى في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، عمل طيلة الأعوام الماضية بتوجيهات من "أردوغان" الذي تعهده بالرعاية منذ الصغر، كما عمل مستشارًا دبلوماسيًّا لديه، الأمر الذي جعله الخيار الأفضل ل"أردوغان" كي يصبح رئيسًا للحكومة الجديدة. ولد "أوغلو" بمدينة "قونيا" في 26 فبراير 1959، وتخرج في قسم العلوم السياسية والاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة "بوغاز إيتشي" عام 1984، وبعد الانتخابات العامة التي جرت بتاريخ 3 نوفمبر 2002، تم تعيينه كبير مستشاري رئيس الوزراء، وسفيرًا في الحكومة التركية الثامنة والخمسين، واستمر بأداء هذه المهام في عهد الحكومتين التاسعة والخمسين والستين، حتى اختطفه "أردوغان" ليصبح وزيرًا للخارجية التركية في مايو 2009. استطاع "أوغلو" تأليف العديد من الكتب والمؤلفات التي تتعلق بالسياسة الخارجية باللغتين التركية والإنجليزية، وتم ترجمة هذه الكتب والمؤلفات إلى عدة لغات؛ منها اليابانية والبرتغالية والروسية والعربية والفارسية والألبانية. لم يكن الإعلان عن اختيار "أردوغان" ل"داوود أوغلو" كرئيس للحكومة التركية الجديدة مفاجأة، فقد اختاره بناء على عدة معايير، أولها وأهمها أنه كان الوحيد تقريبًا المقرب والمماثل ل"أردوغان" في رؤيته لسياسات الحكم، فقد تدرب على ممارسة اللعبة السياسية تحت يده، كما أنه عزم على مكافحة حركة حزمت أو ما يطلق عليه "الكيان الموازي" دون ملل، كما أكد "أردوغان" في كلمته قائلًا: "إن العزم والحزم اللذين أظهرهما داود أوغلو في مكافحة التنظيم الموازي أسهما في ترشيحه لرئاسة الحكومة". يواجه "أوغلو" تحديات كبيرة على مستوى العلاقات الإقليمية والعالمية، حيث ترك "أردوغان" له علاقات مضطربة مع معظم دول الجوار، ففي شأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن احتمالاتها ضيقة حيث تعتبر تركيا مرشحة رسميًّا منذ 1999 للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن عملية التفاوض التي بدأت في 2005 كانت الأكثر بطئًا بين الاتحاد الأوروبي وأي دولة مرشحة للانضمام إليه، وتوقفت أكثر من مرة؛ لقمع السلطات التركية الاحتجاجات واعتقال الصحفيين هناك. وخلال تولي "أوغلو" منصب رئيس الدبلوماسية التركية انتهجت أنقرة سياسات خارجية تسببت في تأزم العلاقات خاصة مع مصر وسوريا، خاصة عقب عزل الرئيس الأسبق "محمد مرسي" ودعم تركيا للإخوان المسلمين وتحريضها على الجيش المصري، الأمر الذي أشعل الخلافات بين أنقرة والقاهرة، والدول الداعمة لمصر ومن بينها السعودية. وفي سوريا، كان دعم تركيا للجماعات المسلحة ومدها بالسلاح والمؤن والدعم المالي، سببًا رئيسًا في اشتعال الحرب الأهلية هناك، والذي تسبب في تأزم العلاقات بين تركياوسوريا، والدول الداعمة للرئيس السوري "بشار الأسد" ومن بينها إيران ولبنان.