في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساندتها الكاملة للمواطن المصري الفقير جنحت إلى الحل الأسهل لعلاج مشكلاتها الاقتصادية بإصدار قرار تاريخي يعصف بتلك الحقوق عن طريق رفع الدعم عن الطاقة، ما يسبب أضرارًا على الفئة المهمشة وزيادة الأعباء على المواطن البسيط؛ لارتفاع تعريفة المواصلات، بالإضافة إلى السلع الغذائية، تاركة المواطن فريسة لسوق بلا رقابة تحت سيطرة الحيتان الكبار. لم يتوقف الأمر عند ارتفاع الأسعار التي طالت فاتورة الكهرباء، بل تردي الخدمة أيضًا، فصار المواطن يقضي معظم وقته في الظلام لانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من خمس مرات يوميًّا، إلَّا أن رجال الأعمال تجاهلوا كل ذلك وخرج وقتها نجيب ساويرس قائلًا: «تحية لحكومة محلب, أول حكومة تتخذ قرارات صعبة مصيرية». وفي الوقت الذي يفتخر "ساويرس" بتلك القرارات الداعمة من اقتصاد بلده من وجهه نظره نجده ممتنعًا عن سداد باقي الأقساط المقررة على شركته اوراسكوم، التي توصلت لاتفاق مع مصلحة الضرائب العام الماضي لتسوية نزاع ضريبي بشأن بيع قطاع الأسمنت التابع لها في 2007 ونص الاتفاق آنذاك على سداد الشركة مبلغ 7.1 مليار جنيه على دفعات، وسددت أوراسكوم دفعتين بقيمة 2.5 مليار جنيه و900 مليون جنيه لكنها امتنعت عن سداد باقي الأقساط منذ عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، وتوقيع غرامة تأخير ب50 مليون جنية لم يدفعها هي الأخرى، وسط تجاهل من الدولة لردعه. ويستمر مسلسل انحياز الدولة لرجال الأعمال حيث خرج علينا المهندس محمد الأمين، رئيس مجلس إدارة مجموعة "المستقبل" للنشر والتوزيع بعد تبرعه لصندوق "تحيا مصر" خلال مأدبة إفطار مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليقول إنه تم وعدهم بتسهيلات عديدة هو وزملاؤه من رجال الأعمال نظير اسثماراتهم، الأمر الذي يثير مخاوف إقامة تسهيلات حكومية وإعفاءات ضريبية ومزايا خاصة، مقابل ما تبرعوا به، ويعود تزاوج المال بالسلطة والسياسة. وفي الوقت الذي تبحث الحكومة عن تمويل لمشروعاتها بالتبرع وتخفيض الدعم، أقر مجلس الوزراء بوجود مليارات ضائعة لم يتحصل عليها، تمثل حق الدولة في الأراضي التي تم التعدي عليها، أو تغيير نشاطها المحدد من قِبَل رجال الأعمال. من جهة أخرى واصلت الحكومة انحيازها لفئة رجال الأعمال، حيث أصدر وزير التخطيط، أشرف العربي، قرارًا بتأجيل تطبيق الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي وجده مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد العمال، أنه يصب في مصلحة رجال الأعمال، ويقف ضد مصلحة 20 مليون عامل يعملون بالقطاع الخاص، كانوا في انتظار قرار الحكومة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، خاصة في ظل التضخم وارتفاع الأسعار.