تشهد لبنان فى الفترة الأخيرة أوضاعا أمنية متردية، خاصة في مدينة عرسال، الحدودية مع سوريا، على خلفية ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من بروز تنظيمات وجماعات متطرفة إرهابية مثل داعش وجبهة النصرة، حاملة مشروع تهديم وتفتيت الدول العربية بحجة إقامة خلافة إسلامية بعيدة كل البعد عن قيم الإسلام السليم. وعلى وقع ذلك استهدفت داعش وجبهة النصرة، الأيام الماضية لبنان وأجهزته الأمنية، وأسفر ذلك عن مقتل 17 جنديا من الجيش، ووقوع 19 رهينة من الجيش و17 من قوى الأمن وعشرات الجرحى. وبتتبع تطورات الأحداث في المنطقة نجد أنه منذ بدء الأزمة السورية، كانت الحدود اللبنانية ممرا للمسلحين، وكانت بلدة عرسال، تحديدا مقرا رئيسيا لهؤلاء المسلحين الذين كانوا يرتكبون الجرائم والمجازر بحق السوريين النازحيين منهم والمقيمين في البلاد، ويحاولون استهداف الجيش السوري ونقل الأسلحة إلى دواعش سوريا، دون أن يسمح للجيش اللبناني بضبط الحدود انطلاقا من سياسة النأي بالنفس التي أعطت دعما للمسلحين وساهمت بتقويتهم وتنظيمهم، وكانت النتيجة فى النهاية الاعتداء على الجيش اللبناني واستنزافه وتمدد الإرهاب الداعشي والقاعدي إلى داخل لبنان. من جانبه قال وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل، إنه منذ بداية الربيع العربى وداعش والنصرة وكلّ جماعات التكفير هى أخطار حقيقية وقائمة مهددَة للوجود والكيان والعيش الكريم، فيما أنكر بعضهم خطرهم، وتنكّر كثيرون حتى لوجودهم" وتابع باسيل، أنه فور بدء حادثة عرسال الأخيرة، لاحظ أنّ عرسال بلدة لبنانية محتلّة من جماعات أجنبية مسلّحة ويجب تحريرها، وأنّ المخطوفين من جيش وأمن داخلى هم أبناء لبنان من كلّ الأديان والمناطق. وفي ظل هذا الوضع الأمني المتدهور عاد رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، إلي لبنان بعد تقديم السعودية منحة للجيش اللبناني مليار دولار، وذلك بعد غياب ثلاث سنوات دون أن يعلن عن ذلك مسبقا. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام إن رئيس الوزراء تمام سلام، أبلغ من الحريري بقرار العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، تقديم مليار دولار إلى لبنان مخصصة لتلبية الحاجات الملحة للجيش وجميع القوى والأجهزة الأمنية اللبنانية، مضيفة أنهما تباحثا في آلية صرف هذه الهبة، التي وضعها الملك عبد الله، في عهدة الحريري، واتفقا على استكمال البحث في الإجراءات التنفيذية ضمن الأطر القانونية اللازمة. وقال الحريري، عقب عودته في محادثات مع الصحفيين: عودتي إلى لبنان جاءت بعد الهبة السعودية للجيش التي سنعالج كيفية تنفيذها. صحيح أن قرار العودة جاء على توقيت عرسال نفسها ومن أجلها، إلا أن هالة الإنجازات المفترضة والمتوقعة التي أحاطت بصورة سعد الحريري، منذ لحظة وصوله إلى بيروت لابد ألا تبعد عن أجواء الفراغ الرئاسي وعن عدة أمور أهمها: هل سينتخب رئيس الجمهورية قريبا؟ هل تراجعت حظوظ التمديد لمجلس النواب؟ هل آن أوان التسوية الكبرى؟ والأهم هل قصّ الحريري بعودته شريط الحوار المباشر مع حزب الله. أسئلة كثيرة تطرح بعد عودة زعيم حزب المستقبل سعد الحريري، إلى لبنان ستكشف تفاصيلها الأيام المقبلة، ولكن المؤكد هو وجود خطر إرهابي واقع في لبنان لابد من مواجهته بشكل حاسم، خوفًا من أن تقع لبنان فريسة لهذه التنظيمات المتطرفة بعدما انتشر هذا السرطان فى بعض دول المنطقة.