«عرسال» بلدة لبنانية معزولة نسبيا شهدت هذا الأسبوع ولاتزال صراعا مسلحا بين الجيش اللبنانى مدعوما من حزب الله وعناصر جبهة النصرة ودولة الإسلام فى العراق والشام – داعش- مما أوقع عشرات القتلى بين الجانبين واختطاف 20 عنصرا من قوى الأمن الداخلى على أيدى المسلحين ردا على توقيف قيادى فى جبهة النصرة بعرسال وهو ما دفع البعض إلى القول أن عرسال تتلون بالدم بسبب القتال الدائر بين الجيش اللبنانى والمسلحين فى عرسال المدعومين من جبهة النصرة أحد التنظيمات المسلحة المتشددة السنية التى تحارب قوات النظام السورى بالإضافة إلى الجيش السورى الحر وتنظيم دولة الإسلام فى العراق والشام – داعش-. وبعد سنتين من التحذيرات من خطر تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، تحوّل ما كان يضعه البعض فى إطار التهويل إلى أخطر ما تعرض له لبنان، بحسب وصف قيادة الجيش بعد هجوم مباغت شنته مجموعات مسلحة من جنسيات مختلفة، على المراكز الأمنية فى عرسال،وذلك عقب توقيف القيادى فى النصرة عماد أحمد جمعة،مما جعل جبهة النصرة وداعش تتوحدان معا فى القتال ضد الجيش بالرغم من اختلاف السياسات. وقد رد الجيش اللبنانى بعملية السيف المسلّط فى منطقة عرسال وجرودها ضد المسلّحين من جبهة النصرة وداعش ، بينما استمرّت الاشتباكات بين الجيش اللبنانى والمسلحين فى الجبال المحيطة ببلدة عرسال، واستقدم الجيش اللبنانى تعزيزات ضخمة إلى جرود عرسال وإلى منطقة جرد رأس بعلبك والفاكهة فى محاولة منه لمحاصرة المسلحين، بعد أن كان قد استعاد، ليل أمس، موقعى وادى حميد ومصيدة ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى فى صفوف المسلحين. وأكد شهود عيان أن المسلحين قاموا بنصب مضادات للطيران ومدافع فى قلب بعض أحياء البلدة، ويقومون بإطلاق النار على أى مواطن يعترض عليهم وصولاً إلى القتل، كما يتخذ المسلحون من الأحياء وسكانها دروعاً بشرية. وفى تطورمفاجئ للاشتباكات المسلحة بين الطرفين قام مصطفى الحجيري، الملقّب ب «أبو طاقية»، باحتجاز 20جنديا فى قوى الأمن الداخلي، مطالبا بالإفراج عن القيادى فى جبهة النصرة عماد أحمد جمعة. وأعلن الجيش اللبناني، الأحد الماضي، أن 10 جنود لبنانيين قتلوا وجرح آخرون و13 فى عداد المفقودين ،بالإضافة إلى قيام أبو طاقية باحتجاز 20عنصرا من قوى المن الداخلى اللبناني. وكانت جبهة النصرة قد بثت عبر الإنترنت شريطا يظهر عناصر قوى الأمن الداخلى المختطفين فى عرسال، والموجودين لدى الشيخ مصطفى الحجيرى الملقّب ب "أبو طاقية"، وهم يعلنون انشقاقهم عن الجيش وحزب الله. وكان "أبو طاقية"، قد حدّد ، شرطين لتسليم الجنود "الذين هم فى ضيافته"، بحسب تعبيره، وهما توقف القصف على عرسال وإطلاق القيادى فى "النصرة" عماد أحمد جمعة. وفى أول تصريح له بعد بداية الإشباكات بين المسلحين والجيش بعرسال قال قائد الجيش اللبنانى العماد جان قهوجى إن الهجوم الذى شنه مسلحون فى بلدة عرسال الحدودية قرب سوريا كان محضرا له والجيش قام برد سريع ونفذ عملية نوعية. والسؤال الآن لماذا تخضبت عرسال بالدم ،ولماذا وصلت العلاقة بين الجيش والمسلحين إلى الصدام المسلح والقتل؟ وجود عرسال فى بعلبك يجعلها فى محيط حزب الله الذى يسيطر على الوضع فيها ومنها ينتشر ويتدخل فى الحرب داخل سوريا إلى جانب بشار الأسد،ضد الثوار السنة كما يقول معارضو تدخل حزب الله فى سوريا ،ونظرا لأن سكان عرسال من السنة القريبة من القلمون السورية التى استعادها النظام السورى من مسلحى النصرة وداعش بمساعدة حزب الله ،فإن النصرة وداعش اعتمدتا على العنصر المذهبى السنى فى السيطرة على عرسال بالخلايا النائمة التى تنتشر ليس فقط فى عرسال ولكن فى طرابلس، كبرى مدن الشمال اللبنانى ومعقل السنة والسلفية الجهادية فى شمال لبنان انطلقت المجموعات المسلحة اللبنانية وغيرها مدعومة من أطراف سنية فى لبنان ودول خليجية تدعم السنة ،انطلقت إلى الداخل السورى منذ بداية الصراع المسلح بين نظام بشار الأسد والمعارضة المسلحة من الإسلاميين السنة سواء الجيش السورى الحر أو جبهة النصرة أو داعش. ومع تدخل حزب الله فى الحرب السورية وتحقيق مكاسب ميدانية لصالح بشار الأسد ،واستعادة مناطق سورية كانت قد وقعت تحت سيطرة النصرة وداعش مثل القصير والقلمون وغيرها،هددت جبهة النصرة وداعش بالدخول إلى لبنان ،ونقل المواجهة بين حزب الله والمسلحين إلى لبنان دفاعا عن أهل السنة الذين يضطهدهم حزب الله حسب قولهم،ومما ساعد على تنامى هذا الأمر هو دعم أطراف سنية ودول خليجية سنية للمتشددين الإسلاميين السنة فى عرسال وطرابلس،فى مواجهة حزب الله والعلويين الشيعة فى جبل محسن بطرابلس . ومع سيطرة داعش على الشمال العراقى وتحقيق نصر نوعى وسريع بدأ الإسلاميون المتشددون فى استعادة أنفاسهم وتحويل دفة المعركة إلى لبنان فى محاولة لتوريط حزب الله فى مواجهات مذهبية وطائفية بلبنان تخفيفا عن المسلحين فى سوريا،وصاحب ذلك تهديدات مايعرف بلواء أحرار السنة من بعلبك حيث عرسال،لقائد الجيش العماد جان قهوجى بالإغتيال ،وكذلك الشيعة فى لبنان ،وهو ماتأكد بعدة عمليات إنتحارية وسيارات مفخخة ،ضربت الضاحية الجنوبية معقل حزب الله والشيعة فى بيروت . فهل يستطيع الجيش اللبنانى بمساعدة حزب الله السيطرة على عرسال وتحرير جنوده المختطفين لدى «أبو طاقية» وعدم الإفراج عن القيادى فى جبهة النصرة عماد جمعة ،ليفرض سيطرته وسلطته على بلدة لبنانية – عرسال- حدودية مع المناطق الملتهبة فى سوريا ومتاخمة لمجموعات مسلحة وفى مرمى نيران داعش والنصرة اللتين تفقدان مكاسبهما فى الحرب داخل سوريا فى مواجهة الجيش السورى وحزب الله؟أم أن الإرهاب الطائفى والمذهبى سينتصر ويشعل حربا طائفية فى لبنان قد تأكل الأخضر واليابس،فى ظل إستقرار لبنانى هش ،وفى وجود فراغ رئاسى ،وتوتر مكتوم بين حزب الله والسنة فى لبنان،وانقسام مسيحى بين فريقى 8آذار و14آذار؟