تشهد دولة جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر العام الماضي مواجهات دموية عنيفة بين القوات الحكومية التابعة لسلفاكير، ومسلحين تابعين لرياك مشار، الذي يتهمه رئيس جنوب السودان بمحاولة الانقلاب عليه عسكريا، مما تسبب في دخول البلاد في حالة مأساوية من الفوضى والجوع الأمر الذي يهدد فعليا مستقبل البلاد. ومنذ 23 يناير الماضي ترعى دول إيجاد (الهيئة الحكومية لتنمية شرق إفريقيا)، برئاسة وزير الخارجية الإثيوبي السابق، وسفيرها الحالي في الصين سيوم مسفن، مفاوضات في العاصمة الإثيوبية بين حكومة جنوب السودان والمعارضة لحل تلك الأزمة. وفي التاسع من مايوالماضي، وقّع سلفاكير، ومشار، برعاية رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريام ديسالين، اتفاق سلام شامل لإنهاء الحرب في جنوب السودان، قضي بوقف إطلاق النار خلال 24 ساعة، ونشر قوات دولية للتحقق من وقف العدائيات، وإفساح المجال للمساعدات الإنسانية للمتضررين، والتعاون بدون شروط مع الأممالمتحدة والوكالات الإنسانية، إلا أن الاتفاق لم يدم طويلا حيث بدأ الطرفان تبادل الاتهامات بخرقه. في العاشر من يونيو الماضي عقدت دول إيجاد، قمة في أديس أبابا اتفقت خلالها على خارطة طريق لإنهاء الأزمة، من أبرز بنودها تشكيل حكومة انتقالية في فترة لا تتجاوز 60 يوما، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وبرغم ذلك لم تيأس ايجاد، من الوصول لحل لتلك الأزمة التي أودت بحياة الآلاف وشردت آخرين ما بين جوعى وجرحى ومرضى ولاجئين، ونجحت بالفعل في استئناف المفاوضات أواخر يوليو الماضي، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك بعد توقف دام لأكثر من شهر، وانطلقت يم الجمعة 8/8/2014 المفاوضات المباشرة بين أصحاب المصلحة في جنوب السودان، وللمرة الأولى وجها لوجه يتقابل سلفاكير ومشار، منذ استئناف المفاوضات. وأعلن رئيس إيجاد، سيوم مسفن، في كلمة له بقاعة المؤتمرات للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، والتي تجري داخلها المفاوضات، انطلاق المفاوضات المباشرة بين أصحاب المصلحة، واصطلح على تسمية المفاوضات بمفاوضات أصحاب المصلحة في جنوب السودان، لتشمل مختلف الأطراف المعنية بالأزمة في البلاد وتضم الحكومة، والمعارضة، والأحزاب السياسية، ومجموعة ال 11 معارضا المفرج عنهم، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الدين، وحث كافة الأطراف الجنوب سودانية المشاركة في المفاوضات على الابتعاد عن التراشقات الإعلامية والتهم التي تفشل كل مرة محاولات الاتفاق، ودفعهم للإسهام في دعم عملية السلام" وقال مسفن، إن الأيام القادمة ستشهد أيضا ثلاثة أحداث مهمة في عملية سلام جنوب السودان، مشيرا إلى أن هيئة إيجاد ستقوم الأسبوع القادم بإصدار إعلان يتضمن مجمل تطورات الوضع في جنوب السودان وخاصة الأوضاع الإنسانية. تظل المخاوف تلك المرة أيضا من خرق الاتفاق، ولكن زعيم المتمردين رياك مشار، أكد التمسك باتفاق السلام الذي وقعه يوم الجمعة الماضي مع الرئيس سلفاكير ميارديت، موضحا أن هذا الاتفاق يحتاج إلى ضمانات، وربما تكون كلمة ضمانات تلك هي الذريعة فيما بعد لنقض الاتفاق مرة أخرى، كما نفى مشار، طلبه بأن يصبح رئيسا للوزراء في الحكومة الانتقالية التي وردت في نص الاتفاق.