تمر اليوم الذكرى ال61 على وفاة رائد التربية الحديثة في الوطن العربي، الأديب الفلسطيني «خليل السكاكيني»، فقد اهتم باللغة والثقافة العربية، الأمر الذي كان له أثر كبير في تعليم عدة أجيال. كان «السكاكيني» عضواً في المجمع اللغوي بالقاهرة، نشر له إثنا عشر مؤلفًا في حياته. عاش في فترات متلاحقة في كل من فلسطين والمملكة المتحدة والولايات المتحدةالأمريكية وسوريا ومصر. اعتقل في القدس أثناء الحرب العالمية الثانية وسجن في دمشق، ولكنه تمكن من الخلاص من سجنه والتحق بقوات الثورة العربية. وفي طريقه للانضمام إليهم كتب نشيد الثورة العربية. ولد خليل السكاكيني في القدس وتلقى تعليمه في المدرسة الأرثوذكسية بها، ثم انتقل إلى الكلية الجمعية الإنجليكانية التبشيرية (CMS) ومنها إلى كلية صهيون الإنجليزية في القدس ودرس فيها الآداب. ثم انتقل بعد تخرجه عام 1908 إلى المملكة المتحدة لفترة وجيزة، انتقل بعدها إلى أمريكا، حيث عمل في تعليم اللغة العربية وساهم في كثير من المطبوعات الصادرة في ولايات الساحل الشرقي للولايات المتحدةالأمريكية، كما قام بالكثير من أعمال الترجمة. لكنه قرر العودة إلى الوطن قبل مضي عام على قدومه إلى أمريكا. حال عودته إلى فلسطين، عمل السكاكيني صحفياً في جريدة الأصمعي المقدسية كما درَّس اللغة العربية في مدرسة الصلاحية في القدس. وامتد نشاطه إلى تدريس الأجانب اللغة العربية في ما يعرف بالأميريكان كولوني في القدس. إلا أنه قرر أن ينشيء مدرسته الخاصة في القدس عام 1909 أسماها بمناسبة اعتماد دستور الامبراطورية العثمانية الجديد المدرسة الدستورية. ما أن افتتحها حتى ذاع صيتها بسبب توجهها الوطني وبسبب منهاجاً رائداً في ذلك الوقت اتبعه خليل السكاكيني فيها، لم يعتمد فيها نظام الدرجات، ولم يتبع أسلوباً لتعليم الموسيقى والتربية البدنية. تمسُّك خليل السكاكيني بعروبته دعاه لمطالبة كنيسة الروم الأرثودكس في القدس إلى تعريب لغتها وتعريب الصلوات فيها وطالبها بأن لا يُصلى فيها باللغة اليونانية وأن لا تستخدم فيها إلا اللغة العربية، ونشر في هذا الصدد منشوراً عام 1913 بعنوان "النهضة الأرثوذكسية في فلسطين". هذا الأمر دعا الكنيسة إلى إعلان إبعاده منها. آمن خليل بتحديث وسائل التعليم واستخدام الوسائل البصرية، وكتب عدة مؤلفات تشرح منهجه. كما أنه أعد وألف الكثير من كتب المناهج الدراسية في مجال اللغة العربية. وكان من أهمها كتاب اللغة العربية للصف الأول الابتدائي الذي يبدأ بدرس كلمتي (راس – روس) المدعمة بالصور والشرح. وقد درس هذا الكتاب عشرات الآف من الطلاب من بدايات العشرينات وحتى عدة سنوات بعد وفاته وإلى منتصف الستينات. في نوفمبر 1918، أثناء الحرب العالمية الأولى طالبت الحكومة المواطنين الأمريكيين بتسليم أنفسهم وإلا عدّوا جواسيس. أحد معارف السكاكيني، آلتر ليفين الذي كان يهودياً أمريكياً لم يسلم نفسه، بل التجأ إلى بيت خليل السكاكيني الذي آواه لعدة أيام إلى أن اكتشفت الشرطة أمره فتم اعتقالهما ونقلا إلى السجن في دمشق. قضى خليل السكاكيني في السجن حوالي شهرين ونصف، تم بعدها إطلاق سراحه بالكفالة ثم تمت تبرئته لاحقاً، إلا أن احتلال إنجلترالفلسطين حال دون عودته، فأقام في دمشق حوالي 10 أشهر حتى آب/أغسطس 1918، حين غادرها مع مجموعة من الرجال للانضمام إلى الثورة العربية الكبرى في الحجاز. ثم جاء مصر، لكن السلطات الإنجليزية منعته من دخول فلسطين فأقام في مصر نحو شهرين حتى تمكن من العودة إلى القدس. عين عام 1919 مديراً لدار المعلمين في القدس لكنه استقال احتجاجا على تعيين هربرت صموئيل اليهودي الأصل ليشغل منصب المندوب السامي لبريطانيا في فلسطين. بعد مغادرة هربرت صموئيل فلسطين عاد للعمل مفتشاً عاماً للغة العربية في فلسطين. وبدأ بكتابة مقالاته وأشعاره السياسية المعارضة في المقتطف والهلال والسياسة الأسبوعية. استمر «السكاكيني» في نضاله الفكري حتى رحل عن عالمنا في 13 أغسطس 1953.